سنة على المبادرة، ولمخيم عين الحلوة..
وجه آخر..!!
بقلم: علي هويدي
في 28 آذار 2014 وخلال مؤتمر صحفي تم عقده
في مخيم عين الحلوة للاجئين، أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، أطلقت الفصائل والقوى
الوطنية والإسلامية الفلسطينية "المبادرة الفلسطينية في لبنان"، ليس فقط
بمباركة فلسطينية ولبنانية وإنما كذلك بموافقة ودعم عربي وإسلامي ودولي. استطاعت تلك
المبادرة أن تحقق إنجازات نوعية على مستوى الحفاظ على سلامة وأمن واستقرار المخيمات
لا سيما في عين الحلوة، وحماية العلاقات اللبنانية الفلسطينية وتحييد الوجود الفلسطيني
عن الشأن الداخلي اللبناني وتكريس البُعد السياسي للمخيمات وللاجئين كعنوان لحق العودة.
على الرغم من الإكتظاظ السكاني الهائل
في المخيم، إذ يعيش فيه حوالي المائة ألف لاجئ فلسطيني من لبنان وسوريا..، فالمساحة
لا تزيد عن 2 كلمتر مربع، وعلى الرغم من عدم تمدد تلك المساحة لمتر واحد منذ تأسيسه
بالتوافق بين وكالة "الأونروا" والدولة اللبنانية عام 1948 شأنه في ذلك شأن
12 مخيم في لبنان، وعلى الرغم من افتقاره للبنى التحتية من المجاري والكهرباء والطرقات
المعبدة، وعلى الرغم من المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والصحية والنفسية، وارتفاع
نسبة الفقر والطلاق والزواج المبكر والتسرب المدرسي والبطالة، ناهيك عن المشاكل الأمنية
التي تحصل بين فترة وأخرى بحيث يشكل اسم مخيم عين الحلوة عند البعض عنواناَ للقلق والخوف
والتوتر سواء في الداخل اللبناني أو الخارج، إلا أن للمخيم وجه مشرق آخر..
لا تزال أحياء المخيم تحمل أسماء القرى
والمدن في فلسطين، فهذا حي طيطبا وهذا حي صفورية وحي الصفصاف وحطين وغيرها، وينتمي
إليها الروابط الإجتماعية والمضافات الخاصة، وإذا دخلت أي مضافة ستجد الديوان وعراقة
الإستقبال بحيث يتحول المكان أمامك إلى قرية فلسطينية مصغرة، من ذكريات للصور القديمة
للقرية وأعلامها من الشخصيات الفلسطينية، فخريطة فلسطين في الصدارة، وصور لقبة الصخرة
والمسجد الاقصى تزين الجدران والمطرزات التراثية موزعة هنا وهناك.. ولا يزال الكثير
من سكان المخيم يحتفظ بأوراق ثبوتية حملها الأجداد من فلسطين سواء للمعاملات اليومية
أو سند الملكية.. وكذلك الإحتفاظ ببعض المقتنيات التي حملها الأجداد معهم إبان النكبة
حين تم طردهم على أيدي العصابات الصهيونية في العام 1948 سواء مفتاح الدار او بعض النحاسيات
والقشيات والفخاريات والثياب وأدوات الحداد والحلاق والفلاح.. ولا تزال مدارس
"الأونروا" تسمى بأسماء القرى والمدن الفلسطينية، فهذه مدرسة السمَّوع وعيلبون
وبيسان والمنطار وقبية.. ولا يزال أبناء المخيم يحيون المناسبات الوطنية من ذكرى النكبة
الى مناسبة انتفاضة أهلنا في يوم الأرض بزراعة الورود وأشجار الزيتون.. أزقة وشوارع
المخيم تنطق بفلسطين فجدرانها ملآ بصور الشهداء والملصقات والعبارات والرسومات..، والعلم
الفلسطيني يرفرف من على أسطح المنازل وزوايا الطرقات.. كرموز للحفاظ على الهوية الفلسطينية.
يعمل في مخيم عين الحلوة أكثر من مائة
من الجمعيات والمؤسسات والهيئات الأهلية غير الحكومية المحلية والدولية المتخصصة في
قضايا التربية والتعليم والصحة والمجال الوطني والنفسي وحقوق الانسان والطفل والمرأة
والتراث وذوي الإحتياجات الخاصة..، فلا تتوقف الوفود عن زيارة المخيم، سواء العربية
او الدولية والرسمية وغير الرسمية للمزيد من الاستكشاف والتعرف وبتقديرنا هذا هو الجزء
الأهم فمن أراد أن يتعرف على المخيم عليه بالزيارة ولقاء اللجان الشعبية والأهلية والفصائل
الفلسطينية و"الأونروا" والمؤسسات الأهلية والأهالي وزيارة "سوق الخُضرة"
الذي ياتي إليه اللبنانيون من مدينة صيدا وجوار المخيم للتسوق وللتبضع..!!
لا ننكر بوجود التجاوزات على المستوى الأمني،
فهذا طبيعي أمام تشخيص واقع يعاني ما يعانيه اللاجئ في المخيم، لكن في المقابل هناك
دور فاعل للقوة الأمنية المشتركة على لجمها ومحاصرتها، فالمبادرة التي اطلقت قبل عام
تَشكَّل بموجبها قوى أمنية مشتركة بدأت تنتشر وتأخذ دورها في بقية المخيمات وآخرها
مخيم المية ومية.
لكن كي يتكامل الحراك ويؤتي ثماره المتكاملة،
بقي ضرورة أن توفر الدولة اللبنانية الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للاجئين الفلسطينيين
وفي هذا حماية ليس فقط للفلسطيني، بل للفلسطيني وللبناني على حد سواء.