سويسرا: عين الحلوة
بقلم: بولا أسطيح
يحاول سكان مخيم عين الحلوة إقناع أنفسهم بأن الوضع الأمني داخل المخيم لا يزال كما عهدوه في العامين الماضيين اللذين شهدا على أعلى نسبة استقرار أمني واقتصادي، إلا أنّ أحاديثهم خلال جلساتهم الصباحية لارتشاف القهوة، تماما كما إحجامهم عن شراء الحاجيات غير الأساسية، هذا إن لم نتطرق ايضا للاجتماعات المتواصلة وشبه اليومية.. للجنة المتابعة التي تضم الفصائل كافة... كل ذلك يفضح الارتباك الذي يعيشه سكان المخيم خوفا مما ينتظرهم خلال المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، يلفت أحد المعنيين مباشرة بالوضع داخل المخيم إلى تسلسل الأحداث – المؤشرات على هذا الصعيد، ويشير إلى أنّ هذه المخاوف برزت بعيد طرح اسم توفيق طه كمسؤول عن خلية إرهابية داخل مؤسسة الجيش اللبناني والقول أنه لجأ إلى مخيّم عين الحلوة. ويلفت إلى التصريحات التي تلت هذا الحدث، ولا سيما تلك التي صدرت عن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والداعية لدخول الجيش إلى مخيم عين الحلوة ولو اقتضى الأمر نهر بارد جديد.
ويشير المصدر المذكور إلى أنّ مخاوف فلسطينيي المخيم من هزة أمنية قد يتعرّضون لها تعزّزت أكثر بعد اكتشاف العبوة التي كانت تستهدف قائد الكفاح المسلح في مخيم عين الحلوة محمود عبد الحميد عيسى، الملقب بـ"اللينو"، ومن ثم المسيرات "غير البريئة" التي حاولت الاحتكاك مع الجيش اللبناني. ويرى أنّ كلّ هذه التطورات أتت لتغذي المخاوف من سيناريو ما يحضّر للمخيم قد تكون مقدمته وضع الفلسطينيين بمواجهة مع الجيش اللبناني، وهو ما يرفضه الفلسطينيون جملة وتفصيلاً، كما يؤكد المصدر الذي يشدّد على ضرورة الحفاظ على علاقة الشراكة والتنسيق التي تربط الفصائل الفلسطينية مع الجيش اللبناني.
وفيما يتحدث أبو عصام (56 عاماً) من المخيم عن عودة تدريجية للحياة في الشوارع والأسواق رغم يقينه بأنّ التطورات "المشبوهة والمتسارعة" كما يصفها لن تمرّ مرور الكرام، يؤكد معظم الفلسطينيين الذين التقتهم "النشرة" أنّ المطلوب توفيق طه لا يزال متواريا عن الانظار منذ طرح اسمه في الاعلام كمسؤول عن خلية ارهابية ومطلوب من السلطات اللبنانية. البعض يؤكد أنّه يتحضر لمغادرة المخيم فيما يعتقد البعض الآخر أنّه في داخل عين الحلوة بأمان الف مرة أكثر من وجوده في الخارج خاصة كونه يتمتع بحصانة من قبل القوى الاسلامية وبالتحديد عصبة الأنصار التي ترفض على يبدو تسليم المطلوب للجيش اللبناني. وتقول مصادر من داخل المخيم: "يبدو أن باقي الفصائل وعلى رأسها فتح لا تريد أي مواجهة مع أي فصيل كان على خلفية تسليم طه أو عدمه خاصة بعد تصريحات بعض نواب المستقبل الذي تحدثوا عن خلية مختلقة ولا وجود لها الا عبر الاعلام وبالتالي قد يكون سيناريو التسليم أبعد ما يكون على المدى المنظور".
" من ملف طه الى اللينو... هي سلسلة من الأحداث المترابطة الى حد بعيد"، تقول المصادر، لافتة الى أن "السعي لاستهداف اللينو قد يكون أخطر حلقاتها"، وتضيف: "يعلمون تماما أن استهدافه كان ليفجّر الأوضاع في عين الحلوة لرمزيته وللشعبية التي يتمتع بها... حاولوا استهداف الشخص المناسب لاشعال المخيم لكنّهم فشلوا، ولكن هذا لا يعني أن المخطط فشل ايضا". وتردف: "نحن على أهبة الاستعداد لمواجهة اي سيناريو جديد يقود باتجاه خراب المخيم".
وتبقى المسيرات التي انطلقت من صفحات الفايسبوك شاجبة لمواقف جعجع والتي تحولت لاحقا للهجوم على الجيش اللبناني أخطر ما يمكن أن يتكرر داخل عين الحلوة الملتهب والذي يصف أحد القياديين الوضع فيه ساخرا بـ"الممتاز" مضيفا: "عين حلوة أشبه بسويسرا اليوم.
المصدر: النشرة