شيطنةُ الفلسطيني... لمصلحة من؟
سمير عطية
بعد أنْ ضاقت عليه الأرض، وأغلقت دون
حدود البلاد القريبة والصديقة، جاء الحصارُ هذه المرّة من الفضاء!!
فضائيّات مصرية ووسائل إعلامية
مقروءة ومسموعة قامت على مدى شهر كامل من بثّ الأخبار الكاذبة والتقارير المختلقة
حول فلسطين وغزة والمقاومة، فأقحمت الفلسطيني في سيناريوها لا ناقة ولا جمل له
فيها، بل وجعلته المحرّض والمنفّذ.
تحمّلت غزة الحصار لسنوات، لكنها منذ
شهور تعلّق وسائل إعلامية مصرية على كتفها – غزة - المثقل بالأعباء كثيراً من الاتهامات، حتى أصبح
القطاع سبباً في حالة العجز المتواصل التي يعانيها المصريون حسب قول إحدى
المذيعات!!
إنّ الاتهام المتواصل للحلقة
(الأضعف) جغرافيًّا بشكل متواصل كما حدث في مصر خلال الأسابيع الماضية ، وحالة
" الشيطنة " للفلسطيني برمي الأثقال على كاهله وأنه المتسبب فيها ،
ومحاولة صناعته إعلاميًّا أنه " سارق " لقوت الشعب في البعد الاقتصادي ،
و" صانع للموت " في البعد الأمني ، و" بؤرة " لتصدير الإرهاب
، يحرف القضية الفلسطينية عن مسارها الحقيقي ، ويزيف الوعي ، ويصنع حالة خطيرة في
الوجدان العربي تجاه الشعب الفلسطيني المهجّر عن أرضه ووطنه منذ ستة عقود ،
والمحتلة أراضيه من عدو صهيوني جاثم يزرع عملاءه، ويمتلك من الأسلحة ما يكفي
لتدمير عواصم عربية ومحوها عن الخارطة لا قدّر الله.
في خضم ما جرى عبر القيادي الفلسطيني
عزت الرشق على صفحته في التواصل الاجتماعي إنّ حجم الافتراء الإعلامي وصل مرحلة
غير مسبوقة .
صار واضحاً أنّ صناعة الأخبار
الكاذبة والمختلقة ، ووضع العديد من القصص وتأليف الكثير من الفبركات يقف وراءه
جهات تسعى إلى حرف القضية عن جوهرها ، وإخراج الفلسطيني من الدائرة التي يجب أن
يكون فيها والتي هو فيها من كونه يدافع عن وطنه وأرضه ويسعى إلى تحريرها والعودة
إليها ، إلى كونه بؤرة لصناعة التوتر وابتلاع الآخرين .
لكن في الجهة المقابلة ، يقف نخب من المثقفين والإعلاميين والمفكرين
والأدباء وأصحاب الفكر والرأي، يجددون للأمة انتماءها، ويقفون أمام موجات غسيل
العقول ، وفصل القضية عن الوجدان المصري ، ويسعون إلى إعادة تصويب الذهنية السليمة
عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وهو مشهد يعكس حالة الصراع القائم خارج مصر
أيضاً، تحاول فيها قوى إقليمية ودولية أن تجعل من فلسطين " مشكلة " لا
قضية ، خاصة بعد أن نجح أوباما عبر وزير خارجيته في إعادة المفاوضات بين السلطة في
رام الله والمحتل في تل أبيب.
أمامنا في المنابر الإعلامية
المنحازة إلى قضية العودة وحقوق الشعب الفلسطيني الكاملة ، عملاً كبيراً في الحفاظ
على الوعي الحقيقي من التزييف والتحريف ، مهمة تحتاج جهداً وإخلاصاً لمواجهة
الشيطنة التي يراد للفلسطيني أن يحرق على تهم لم يرتكبها ! ويتم تبرئة المتخاذلين
من واجب لم ينفذوه في الدفاع عن الوطن المسلوب والعمل على مواجهة العدو الصهيوني .
المصدر: مجلة العودة، العدد الـ71