القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

"شيطنة حماس": طموح التوظيف السياسي

"شيطنة حماس": طموح التوظيف السياسي

بقلم :هشام منور

لا يمكن تفسير قرار محكمة مصرية بإعلان كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، سوى أنه محاولة لتوظيف الهجوم الذي استهدف قوات الجيش والشرطة المصرية في العريش قبل يومين، في سياق طموحات أجندة القاهرة السياسية.

فكما كان متوقعاً، لم تجد القاهرة ظرفاً أفضل من الهجمات التي استهدفت قواتها في سيناء وخلفت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الأمن والجيش والشرطة في مصر، سوى الهروب إلى الأمام وتوظيف الحدث سياسياً بالمسارعة في تجريم حركة حماس، وذراعها العسكري "كتائب القسام" لتبرير الاستمرار في خطة النظام المصري لمحاصرة قطاع غزة، وتجريف ما تبقى من أنفاق تزعم القاهرة أنها تحولت إلى تهديد لأمنها القومي.

ساعات قليلة مرت على هجوم العريش شمالي سيناء، لم تكلف فيه الحكومة المصرية نفسها في بحث كيفية حدوث مثل هذا الاختراق الأمني الكبير، فسارعت محكمة مصرية، يوم السبت، إلى الحكم بشكل مبدئي باعتبار كتائب القسام، "منظمة إرهابية".

واستندت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في منطقة عابدين، وسط القاهرة، إلى ما سمته "تورط الكتائب في العديد من العمليات الإرهابية، آخرها تفجير كمين كرم القواديس (قبل نحو 3 أشهر)".

وكان سمير صبري، المحامي المقرب من النظام المصري، أقام دعوى قضائية تطالب بإدراج "كتائب القسام" كمنظمة إرهابية، لـ"تورطها في العمليات الإرهابية داخل البلاد، مستغلين الأنفاق القائمة على الحدود لدخول مصر وتمويل عملياتهم الإرهابية، وتهريب الأسلحة المستخدمة للفتك بالجيش والشرطة، وترهيب المواطنين في العمليات الإرهابية التي تهدف إلى زعزعة أمن البلاد واستقرارها"، بحسب ادعائه.

وكانت دائرة أخرى بنفس المحكمة قضت، الإثنين الماضي، بعدم الاختصاص في نظر دعوى تطالب باعتبار حركة (حماس) "منظمة إرهابية"، حسب مصدر قضائي.

كما قضت الدائرة الثانية في مارس/آذار الماضي، بوقف نشاط حركة "حماس"، داخل مصر، واعتبارها "داعمة للإرهاب"، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ على مقراتها داخل البلاد.

وقالت المحكمة حينها، إن الحظر يستمر حتى صدور حكم نهائي في وقائع اقتحام السجون، خاصة سجن وادي النطرون التي يحاكم فيها متهمون من حركة حماس والإخوان المسلمين، وهو حكم يتعلق بالنشاط الإداري والسياسي للحركة.

عزم الحكومة المصرية على الاستمرار في النهج الأمني في معالجة "الأزمة السيناوية" تمخض عن الإعلان عن تشكيل وحدة أمنية جديدة لمكافحة (الإرهاب) وحكم كامل سيناء، إذ أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء السبت، "قراراً جمهورياً" بتشكيل قيادة موحدة لمنطقة شرق قناة السويس (سيناء) ومكافحة الإرهاب، بحسب بيان بثه التلفزيون الحكومي.

وقال البيان إن الرئيس المصري قرر "تشكيل قيادة موحدة في منطقة شرق القناة (سيناء) ومكافحة الإرهاب بقيادة اللواء رشدي عسكر (الذي يشغل منصب قائد الجيش الثالث) بعد ترقيته لرتبة الفريق".

وجاء القرار بعد يومين من الهجمات التي شهدتها سيناء، مساء الخميس الماضي، كما جاء عقب اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في جلسة طارئة، صباح السبت، لبحث الهجمات الأخيرة.

البعض رأى أن توحيد القيادت العسكرية العاملة في سيناء كان "أمراً حتمياً"، إذ إن هناك عدة قيادات تواجه ما يحدث في سيناء (شمال شرق مصر) منها الجيشان الثاني (معني بتأمين محافظات الإسماعيلية وبورسعيد وشمال سيناء)، والثالث (معني بتأمين محافظة السويس والبحر الأحمر وجنوب سيناء)، وحرس الحدود وقيادة المنطقة ج "المتاخمة للحدود المصرية مع (إسرائيل)". وأن ترقية اللواء قائد الجيش الثاني إلى رتبة فريق سوف تسمح له بممارسة سلطاته على الجميع بما يجعل المهمة أسهل.

بالمقابل، رفضت حركة "حماس"، قرار المحكمة المصرية، باعتبار "ذراعها المسلّح" كتائب القسام "منظمة إرهابية". وقال سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسم الحركة إن حركته ترفض هذا القرار وتعتبره "قراراً مسيساً".

اللافت في قرار "شيطنة حماس" أنه جاء بعد أقل من شهر على قرار المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، (ثاني أعلى محكمة في الاتحاد) خلال ديسمبر/ كانون أول من العام الماضي بضرورة رفع اسم حماس من قائمة الإرهاب، وقالت إن قرار إدراجها عام 2003 في القائمة استند إلى تقارير إعلامية لا إلى تحليل مدروس.

لم تخش الحكومة المصرية تداعيات قرارها الأخير بتعزيز صلاحيات الجيش في سيناء على الرغم من مخالفته لبنود اتفاقية السلام الموقعة بين مصر و(إسرائيل) عام 1979، والذي ينص على تقسيم منطقة شبة جزيرة سيناء إلى 3 مناطق ''أ، ب، ج''، على أن تكون المنطقة ''ج''، وهي المنطقة المتاخمة للحدود المصرية مع (إسرائيل) منزوعة السلاح، وتتواجد فيها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وعناصر من الشرطة المصرية فقط، تتولى حفظ الأمن باستخدام أسلحة خفيفة فقط.

ويبدو أن قرار القضاء المصري باعتبار كتائب القسام منظمة (إرهابية) مهد لتعزيز دور الجيش المصري في سيناء لدى الاحتلال الإسرائيلي، وغطى على أي محاولة لمناقشة مدى مخالفة هذه الخطوة لبنود اتفاقية (السلام) الموقعة، على أن تحركات الجيش المصري المتزايدة في سيناء لا يشير في بعض التقديرات إلى أنها محاولة لضمان الاستتباب الأمني في شبه الجزيرة الصحراوية، بقدر ما هي محاولة لتوريط الجيش المصري في تداعيات ومشاكل القطاع المحاصر منذ سنوات عدة خلت.

المصدر : فلسطين أون لاين