صاروخ
حماس السري
بقلم:
آري شبيط
في حرب
تموز أطلقت حماس على دولة اسرائيل 3356 صاروخا. بعضها قصير المدى وبعضها طويل
المدى وبعضها لمدى متوسط. لكن أخطر صاروخ استعملته حماس في عملية الجرف الصامد كان
الصاروخ رقم 3357. وقد كان هذا الصاروخ الذي لا يُرى صاروخا عابرا للقارات – أصاب
أهم قواعد تأييد اسرائيل في خمس قارات اصابة قاسية. فقد بلغ الى كل بيت في امريكا
وسبب ضررا شديدا في كل دولة في اوروبا، وبلغت متفجراته الفتاكة الى امريكا
الجنوبية والى شرق آسيا والى شبه القارة الهندية ايضا.
لم تنجح
منظومة القبة الحديدية في اعتراض الصاروخ السري، ولم ينجح سلاح الجو الاسرائيلي في
أن يحرف رأس الصاروخ المدمر عن مساره. ولم يعرف المستويان السياسي والعسكري ايضا
كيف يصدان الضربة التي أصاب بها هذا الصاروخ جبهة اسرائيل الداخلية الاستراتيجية –
فقد تركا المشاهد الفظيعة لأولاد موتى ومدارس مدمرة ومساجد مفجرة أن تمنح حماس
أكبر انجازاتها وهو سلب اسرائيل شرعيتها بصورة زاحفة.
ينبغي
ألا نُبلبل: فقد كانت دولة اسرائيل في هذه الحرب الفظيعة وما زالت الجانب المحق.
وحماس منظمة فاشية هاجمت دون حق الديمقراطية الجارة عن محاولة آثمة لإماتة مدنيين
اسرائيليين والافضاء الى موت مدنيين فلسطينيين. وبذلت اسرائيل أفضل ما تستطيع كي
لا تُدفع الى الصراع العنيف وكي تضاؤل المس بالأبرياء الى أدنى قدر. ولهذا لا يوجد
أي مكان البتة لمقارنة اخلاقية بين الكيانين اللذين أحدهما أخلاقي ومستنير والآخر
مستبد وقاتل.
لكن من
المؤسف جدا أن حماس خططت للمعركة واستعدت لها استعدادا أفضل من اسرائيل، من جهات
ما. وتطورت استراتيجية آثمة ترمي الى جعل اسرائيل تستعمل قوتها الهائلة على نفسها.
ولأن اسرائيل لم يكن لديها رد استخباري عملياتي ساحق فإنها تصرفت كما توقعت حماس
أن تتصرف فاستعملت قوة نيرانها استعمالا أضر بصورتها الدولية.
لا قدرة
لحماس على استعمال صواريخ عابرة للقارات تبلغ الى مسافات بعيدة، لكنها باستعمالها
المُحكم لطائرات الجيش الاسرائيلي وصواريخه ومدافعه وراجماته – ضربت الجيش
الاسرائيلي في كل تلفاز في الولايات المتحدة.
وأحدثت
حماس صورة معوجة عن دولة اسرائيل عند مليارات من الناس في أنحاء العالم. وستحاول
الآن بعد أن لذعت صورتنا تلذيعا شديدا أن تشوش تماما على علاقاتنا المضعضعة
بأمريكا المتقدمة واوروبا المعقولة. وستحاول أن تكتب تقرير غولدستون 2، وأن تُحدث
دربن 3 وأن تجر أفضل ناسنا الى لاهاي. ويبدو أن حماس لن تطلق بعد الآن قذائف
صاروخية على عسقلان وأسدود لكنها ستستعمل صاروخها السري لمحاولة جعلنا بخلاف ما
نحن عليه – أن تجعلنا جنوب افريقيا.
ولذلك لم
تنته عملية الجرف الصامد، فالأسابيع القادمة هي التي ستحدد نتيجة المعركة
النهائية. وفي حين يتفاخرون في الكرياه وبحق بالقبة الحديدية وبتفجير الانفاق أصبح
واضحا اليوم أن اسرائيل ليست لها قبة حديدية سياسية وأن الفلسطينيين يحفرون نفق
هجوم استراتيجيا تحت مكانتها في العالم. إن نقطة ضعف اسرائيل الحقيقية هي الفرق
القيمي والتصوري بينها وبين حليفاتها في الغرب. ولم يكن هذا الفرق قط أعمق مما هو
عليه اليوم مع مشهد الدمار الفظيع في غزة. لهذا فان عمل بنيامين نتنياهو أن يعمل
الآن ما لم يعمله في الماضي وهو أن يبادر الى خطة مارشال – لتعمير قطاع غزة وأن
يبادر لخطة سياسية – تعيد بناء المسيرة السلمية، وأن يُظهر السخاء.
إذا لم
نستكمل الهجوم الجوي والحرب البرية بعمل سياسي فسنعرض كل انجازاتنا للخطر. وقد
نمنح حماس بأيدينا النصر الذي هرب منها الى الآن.
هآرتس
7/8/2014
القدس
العربي، لندن، 8/8/2014