صفقة وفاء الأحرار واعتقال المحررين
إبراهيم المدهون
"ما سر إعادة اعتقال المفرج عنهم بصفقة شاليط؟" هذا السؤال جاء عنواناً لمقال بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، وكانت الإجابة عليه أن تعديلاً طفيفاً أجرته سلطات الاحتلال على القانون العسكري، خلال التفاوض حول صفقة "وفاء الأحرار" هو الذي مكنها من إعادة اعتقال 14 من المحررين في نطاق الصفقة، وإعادتهم لقضاء ما تبقى من عقوبة لهم تتمثل بعشرات السنوات.
من خلال هذه التسريبات يصورون الأمر وكأنهم دولة قانون، وأن هذه الاعتقالات تتم بناءً على قانون شرعي معدل، وحقيقة الأمر أن الذي يحكمهم فقط قدرتهم على الشيء من عدمه.
فمنذ توقيع اتفاقية وفاء الأحرار ونحن ندرك أن الإسرائيليين لا تُلزمهم إلا القوة، وعادتهم التهرب من التزاماتهم إن استطاعوا، ولا تحكمهم معايير أخلاقية البتة، إنما يُجبرون على احترامك وتنفيذ ما اتُفق عليه إجباراً. فان لم يُقهروا على الشيء سيجدون ألف وسيلة للتفلت منه.
وهذا ما حدث في صفقة وفاء الأحرار، حيث فشل الاحتلال في اعتقال أسير واحد بغزة، في حين كان الأمر مختلفاً في الضفة الغربية، فلم ينج المحررون في الصفقة من الاعتقال مرة أخرى وعلى رأسهم سامر العيساوي المضرب عن الطعام.
ما يشجع الاحتلال على غيه، الحال البائس لسلطة الضفة، من هوان وتراخٍ وتنسيق أمني، فلا يوجد عائق واحد أمام الجيش الإسرائيلي ليقوم باعتقال وأسر وإذلال الفلسطينيين، لهذا يومياً هناك عمليات اعتقال لمحررين وغير محررين.
المقاومة في غزة مشكورة استطاعت إخراج مئات الأسرى، وحمتهم من أي اعتقال ولكن هذا لا يكفي. عليها اليوم أن تُكمل مهمتها بالعمل على أسر جنودٍ آخرين، فمعركة الأسرى هي أشرف معركة، وتُقدَم على جميع الحسابات والأولويات، وأعتقد أننا أمام فرصة ذهبية لنخطو خطوة أخرى تجاه إقفال ملف الأسرى والمعتقلين.
الاحتلال الإسرائيلي بهذه التعديلات المخادعة، والاعتداء المتكرر على المحررين في الضفة الغربية، يستهتر بالوسيط المصري ورعايته للاتفاقية.
وبرغم إقرارنا بالوضع المصري الداخلي المتأزم فإننا نطالبهم بالوقوف عند مسؤولياتهم، لحماية تنفيذ ما اتفق عليه، وإلا فما فائدة رعايتهم وحضورهم للاتفاقيات؟