القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

عام على مجزرة مارون الرأس: نكبة الذاكرة

عام على مجزرة مارون الرأس: نكبة الذاكرة

بقلم: آمال خليل

استعادت أمس تلة مارون الرأس أجواء «مسيرة العودة» العام الماضي حيث قابلت البساتين الخضراء في مستعمرة أفيفيم مشهد الحقول الذهبية عند أقدام مارون. استجاب العشرات لتعميم لجنتي دعم المقاومة ومسيرة العودة والفصائل الفلسطينية وتجمع العلماء المسلمين، لإحياء الذكرى الأولى لشهداء مجزرة يوم النكبة التي حصدت 10 شهداء وعشرات الجرحى من المخيمات كافة، ولوضع أكاليل على النصب التذكاري الذي استحدث على شكل خريطة فلسطين في المكان.

وللمناسبة، مدّت البلدة أيديها لاستقبال مسيرات ستزحف إليها فأخليت الشوارع لتتسع لهم ولمئات الباصات التي تقلهم كما حصل قبل عام. لكن هدوء الرأس في مارون لم يتبدد.

على شرفة منزلها، تقف سيدة تحصي حركة المرور باتجاه حديقة إيران. 3 باصات وعدد من السيارات تخرج من بعض نوافذها رايات فلسطين. تستفسر السيدة عن سبب المشاركة الخجولة من دون أن تلتحق بالركب. يترجل تدريجياً إلى باحة الحديقة، عدد قليل من الشبان والشابات وقد لفوا أعناقهم بالكوفية الفلسطينية، في مقابل عدد أكبر من رجال الدين وكوادر من بعض القيادات والفصائل الفلسطينية وممثلين عن لجنة مسيرة العودة. لكن الحضور الأكبر سجله عدد من عناصر الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الذين استبقوا وصول المشاركين بإجراءات أمنية وانتشار واسع على المداخل والسبل التي تؤدي إلى مكان المجزرة تحسباً لتسلل جديد نحو الحدود.

قبل الوصول إلى النصب، استراحة قصير لتناول العصير والحلوى قطعتها كلمة ترحيبية للشيخ أحمد مراد ممثل حزب الله في النشاط. في زاوية جانبية، جلست 6 نساء، ثلاث منهن هن أمهات شهداء من المجزرة. شرود طويل أخذهن إلى ما خلف النصب التذكاري، إلى أن قطعه احتباس الدموع في أعينهن. لم تكترث النساء للكلمات. كن يطلبن الإسراع في الوصول إلى مكان المجزرة. بالباصات وبمواكبة أمنية وعسكرية، انتقل المشاركون إلى هناك. كانت قدما والدة الشهيد محمد أبو شلاح من مخيم المية ومية، تقودها من دون إرادة باتجاه الحدود. تطلب السيدة المتشحة بالسواد بأن تفتح أمامها السبل لتصل إلى دماء ابنها التي علمت دفعة واحدة، بوجوده في المكان وباستشهاده. مسيرة الآلام التي مشتها تعقباً لخطوات ابنها لم تكن طويلة إذ سرعان ما اصطدمت بالحاجز البشري الذي شكله الجنود اللبنانيون قبل أمتار من الشريط الشائك.

حول النصب، تصطف الكوادر لالتقاط الصور واستلام المنبر بالدور لإلقاء الكلمات. خطابات لم تسجل اهتماماً بمستوى ترصد استنفار جيش العدو الإسرائيلي في الجهة المقابلة، إن من خلف الدشم او من خلال الدوريات المؤللة أو تأهب الجنود ووقوفهم على التلال لمراقبة الحشد بالمناظير. فراغ المتكلمين من خطبهم انتهاء بوالد الشهيد محمود سالم من مخيم البص، يفسح المجال لشاب تطوع للصعود إلى أعلى النصب وتبديل العلم الفلسطيني بعلم آخر جديد لوح به حتى الثمالة في الهواء مصوباً باتجاه جنود العدو. قبل أن يتقدم أربعة من ذوي الشهداء الذين حضروا بوضع أكاليل الزهر على النصب. بعدها، دعا رجال الدين المشاركون إلى رفع الصلاة عن أرواح الشهداء وإهدائهم سورة الفاتحة.

بين هذا وذاك، يزداد حنق شاب لا تهدأ حركته التي تشي بتوتر وانزعاج واضحين من كل ما هو حوله. إنه سعيد دحابة من مخيم عين الحلوة الذي كان من الممكن أن يكون شريكاً في نصب الشهداء لولا معجزة أنقذته من الموت لكنها أصابته في قدميه. سعيد حزين لأن الظروف الأمنية والسياسية في لبنان والمنطقة تكاتفت لتمنعهم من تكرار احتفال مماثل لما حصل قبل عام وليس على غرار احتفال يوم الأرض في قلعة الشقيف، كاشفاً بأنه حاول ومجموعة من رفاقه الفلسطينيين تحدي حجب التصاريح اللازمة من الأجهزة الأمنية والتسلل إلى الحدود لكنهم أوقفوا وطلب إليهم العودة.

المصدر: الأخبار