تقرير
رقم (6)
تقييم
اليومين الحادي عشر والثاني عشر من عملية "العصف المأكول":
عدوان
إسرائيلي برّي يفشل قبل أن يبدأ وحماس
تواصل مفاجآتها
رأفت
مرة *
تميّز
اليومان الحادي عشر والثاني عشر من عملية "العصف المأكول" بمجموعة من
التطورات السياسية والعسكرية التي شكّل بعضها مفاجأة، وظلّ بعضها عادياً، لكن لم
تحدث اختراقات نوعية في المسارات السياسية أو العسكرية.
بداية،
واصل العدو الصهيوني غاراته الجوية على قطاع غزة، وواصل استهداف المدنيين، لكن حصة
القتل كانت كالعادة من نصيب الأطفال، بعد استشهاد أربعة أطفال من عائلة بكر في
مخيم الشاطئ، وثلاثة من عائلة الأسطل في خان يونس، وثلاثة أطفال من عائلة شحيبر في
غزة، وثمانية أشخاص في بيت حانون.
وقُتل
الأطفال بدم إسرائيلي بارد، ووثقت كاميرات وسائل الإعلام مقتل بعضهم في مخيم
الشاطئ.
وسجّل
اتفاق على هدنة إنسانية لمدة خمس ساعات بطلب من الأمم المتحدة بهدف إدخال مساعدات
أو إصلاح أعطال حيوية في المياه وغيرها. ولم تكن مدة الهدنة كافية، لكنها ساهمت في
حلّ بعض المشاكل، ويعود أهم سبب في فشلها إلى المخاوف من أن تتمدد بشكل تلقائي
لتصبح أمراً واقعاً يحول دون تسجيل انتصار هنا أو هناك.
وجاءت
هذه الهدنة بعد اتساع الاعتداءات الإسرائيلية، بهدف إجبار حماس وقوى المقاومة على
القبول بتهدئة أو بالمبادرة المصرية.
تصاعُد
العنف الإسرائيلي يظهر بوضوح في تقرير أصدرته الأمم المتحدة بتاريخ 17 تموز/يوليو
الماضي جاء فيه أن 900 ألف إنسان داخل قطاع غزة يعيشون بلا إمدادات للمياه، وأنه
تمّ تدمير 1660 منزلاً ولقي 214 فلسطينياً حتفهم، وأصيب 1585، وسجّل نزوح 22 ألف
فلسطيني، ودمرت الغارات الصهيونية 81 مدرسة.
وارتفع
عدد الشهداء حتى فجر اليوم الثالث عشر للعدوان إلى 300.
أمام
التصعيد الإسرائيلي، واصلت حركة حماس ضرب الأهداف الصهيونية، وسجّلت مفاجآت جديدة،
إذ قصفت "كتائب القسام" تل أبيب وعسقلان وأسدود، وعشرات الأهداف الأخرى.
وحافظت عملية إطلاق الصواريخ على وتيرتها، وأرسلت حماس طائرة بدون طيار أعلن
الاحتلال لاحقاً عن إسقاطها بصواريخ "باتريوت".
ونفذت
"كتائب القسام" عملية نوعية، إذ اقتحمت مجموعة خاصة دخلت عبر الأنفاق
موقع "صوفا" العسكري قرب غزة، واشتبكت مع الاحتلال، وعادت أدراجها
دون خسائر.
ومرة
جديدة يظهر الكذب الإسرائيلي، إذ نشر الاحتلال مقطع فيديو يظهر قصف الطائرات
الصهيونية لمجموعة الاقتحام، لكن حماس نفت ذلك، ليعود الاحتلال ويغيّر روايته.
وأمام
فشل مساعي التسوية، وبعد تسلّل المجموعة القسامية، أعلن رئيس الحكومة الصهيونية
بنيامين نتنياهو أنه أعطى الأوامر لوزير الحرب الصهيوني ببدء عملية برية لإجبار
حماس على قبول المبادرة المصرية. وكان واضحاً أن هدف التقدّم البري هذا هو طمأنة
المجتمع الصهيوني ورفع معنويات الجنود والمستوطنين.
وعند
العاشرة من ليل الجمعة حاولت مجموعات صهيونية التقدّم عبر أربعة محاور هي: بيت
لاهيا، والشجاعية، ورفح، وخان يونس، غير أن "كتائب القسام" وقوى
المقاومة تصدّت لها، وكبّدتها العديد من الخسائر.
وبذلك
تكون العملية البرية التي هدّد بها الاحتلال عبارة عن بالونات فارغة موجّهة أساساً
إلى الداخل الإسرائيلي، واعترف الاحتلال لاحقاً أن هدفها اكتشاف وتدمير الأنفاق.
على
الصعيد السياسي، راوحت النقاشات مكانها، وتميّزت هذه الفترة بوصول محمود عباس رئيس
السلطة الفلسطينية، وزياد نخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، ووفد صهيوني،
إلى مصر التي يتواجد فيها أيضاً الدكتور موسى أبو مرزوق.
ولم
تصدر مؤشرات على أي تقدّم يؤدي إلى وقف العدوان الإسرائيلي، ويحقّق المطالب
الفلسطينية. ولا تزال قضية عدم إبلاغ القاهرة قوى المقاومة بالمبادرة المصرية تطغى
على الأجواء. وعلى القاهرة تصحيح طريقة التعاطي مع قوى المقاومة، في حين لم تتقدّم
أي جهة أخرى بمبادرة، وهو ما يعني أن الأمور لم تنضج بعد، رغم كثرة اللقاءات
والمشاورات.
إن
الأيام القليلة القادمة ستحمل ما يلي:
1-جمود
وفشل المفاوضات.
2-تقدّم
مسار آخر غير المسار المصري.
3-إعادة
النقاش على المبادرة المصرية بعد البناء على بعض ما فيها.
وهذا
يعني أن الأيام القادمة ستشهد مزيداً من الاشتباكات وعمليات القصف بانتظار الحلول.
* كاتب
فلسطيني