عرس الحرية بفلسطين
بقلم: صلاح أبو صلاح
سيظل يوم الثامن عشر من أكتوبر يوما راسخا في الذهن الفلسطيني لما لهذا اليوم من تجليات واضحة على أهم قضية ضمن مفاصل النضال الفلسطيني وهي قضية الأسرى التي تعتبر القضية المركزية ضمن قضايا النضال المركزية الأخرى.
هذا اليوم الذي جاء في شهر أكتوبر المجيد الذي شهد أول انتصار عربي بعد نكسات ونكبات عام 48و67 حين انتصر الأخوة المصريون في حرب رمضان/ اكتوبر، وهنا اليوم نسطر نحن الفلسطينيين نصرا أخر بتحرير ما يزيد عن ألف أسير وأسيرة من باستيلات الاحتلال الغاشم.
هذا اليوم هو عرس فلسطيني ويوم وطني لفلسطين قاطبة ولكل فلسطيني في الداخل والخارج، بل ولكل أحرار العالم حيث يتنسم فيه أسرانا الأبطال عبق الحرية هؤلاء الأبطال الذين قدموا ربيع أعمارهم رخيصة وقربانا لحرية أبناء شعبهم ومنهم من قدم أكثر من ذلك وهنا لن ننسى الأسرى الشهداء الذين قدموا أغلى ما يملكون أرواحهم رخيصة تحت سياط الجلاد الإسرائيلي رافضين الإذلال أو الإذعان لمطالب الاحتلال.
ولا ننسى الشهيد الأول داخل السجون الإسرائيلية: عبد القادر أبو الفحم اللاجئ الفلسطيني من بلدة برير الذي كان أول الشهداء خلال "معارك الأمعاء الخاوية" وذلك خلال مشاركته في الإضراب الشهير عن الطعام في سجن عسقلان أوائل مايو/ أيار عام 1970، مرورا بعشرات الشهداء الأسرى وليس انتهاء بالشهيد : الأسير محمد عبد السلام عابدين (40 عاماً) الذي استشهد بتاريخ 10-6-2010 في سجن الرملة، وهو من منطقة أبوديس بمدينة القدس المحتلة، وباستشهاد الأسير عابدين وصل عدد الشهداء الأسرى داخل السجون الإسرائيلية 199 شهيدا.
إن تحرير الأسرى هو انجاز فلسطيني يسجل بمداد من نور لكل أبناء شعبنا الفلسطيني وان أي ساعة تعجل بالإفراج عن اي أسير فلسطين أفضل ألف مرة من بقائه في غياهب السجون الإسرائيلية وإبقاء مصيره بيد السجان الإسرائيلي وستكون الفرحة الغامرة على محيا الأسرى المحررين هي نقطة انتصار تسجل للشعب الفلسطيني على المحتل الإسرائيلي الذي طالما حاول إذلال المناضلين الفلسطينيين عبر زجهم في سجونه لسنوات طويلة لكي يثني أبناء الشعب الفلسطيني عن مواصلة كفاحه المشروع لنيل حقوقه الكاملة أسوة بشعوب العالم.
وفي خضم هذه المناسبة السعيدة على قلوبنا جميعا لن ننسى باقي أسرانا القابعين في سجون الاحتلال والذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية في وجه جبروت السجان الإسرائيلي.
وفي هذه المناسبة الوطنية والفرحة الغامرة نطالب من كافة تيارات وفصائل العمل الوطني العمل على تكاثف الجهود من اجل إطلاق كافة الأسرى وتبييض السجون من الأسرى والأسيرات من أبناء شعبنا الفلسطيني والعمل يدا واحدة من اجل إنهاء الانقسام وتطبيق اتفاق المصالحة لكي تضاف فرحة أخرى إلى قلوب الأسرى وقلوبنا ولكي نكرس هذا الشهر المجيد كشهر للانتصارات المتوالية للشعب الفلسطيني والذي سبقنا به الأخوة المصريون والذين في هذه المناسبة لن ننسى ولن نتجاهل جهودهم المضنية من اجل الخروج بصفقة التبادل إلى بر الأمان وتقديم ضمانة قوية لتطبيق هذه الصفقة وفق أسس سليمة بعيدا عن أي منغصات اعتاد الاحتلال أن يقوم بها على مر صفقات النضال الفلسطيني.
وفي غمرة احتفالاتنا بهذا اليوم والعرس الوطني نستذكر عمليات التبادل التي سطرتها فصائل المقاومة على مر مراحل النضال الفلسطيني. ابتداء من صفقة الجبهة الشعبية عام 1968 وليس انتهاءاً بصفقة فصائل المقاومة مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط 2011.
حيث شهد عام 1968 باكورة عمليات التبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال، وذلك بعد نجاح مقاتلين فلسطينيين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة العال، كانت متجهة من روما إلى تل أبيب وأجبرت على التوجه إلى الجزائر وبداخلها أكثر من مائة راكب، وتم إبرام الصفقة مع دولة الاحتلال من خلال الصليب الأحمر الدولي وأفرج عن الركاب مقابل 37 أسيرًا فلسطينيًا من ذوي الأحكام العالية.
وفي مطلع عام 1971 تمت صفقة التبادل الثانية بين حركة فتح ودولة الاحتلال و أطلق بموجبها سراح الأسير الفلسطيني الأول: محمود بكر حجازي مقابل إطلاق سراح الإسرائيلي شموئيل روزنفسر.
وفي عام 1979 جرت عملية تبادل بين الجبهة الشعبية – القيادة العامة والاحتلال أفرج عن 76 معتقلاَ فلسطينياَ مقابل الجندي الإسرائيلي ابراهم عمران.
وفي عام 1980 عملية تبادل بين منظمة التحرير والاحتلال أطلق سراح اثنين من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن جاسوسة إسرائيلية.
أما عام 1983 جرت ابرز عملية تبادل ما بين حكومة الاحتلال وحركة فتح حيث أطلقت إسرائيل سراح جميع معتقلي سجن أنصار في الجنوب وعددهم (4700) معتقل فلسطيني ولبناني، و(65) أسيراً من السجون الإسرائيلية بالداخل المحتل مقابل إطلاق سراح ستة جنود إسرائيليين.
وفي عام 1985 تمت عملية تبادل بين الجبهة الشعبية -القيادة العامة والاحتلال وتم الإفراج عن 1150 أسيرًا فلسطينيًا ولبنانيًا وعدد من الأسرى العرب مقابل الإفراج عن ثلاثة جنود إسرائيليين.
وفي عام 2011 تجري صفقة تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية بغزة والاحتلال الإسرائيلي بإطلاق سراح 1027 أسيرا واسيرة فلسطينية مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
المصدر: فلسطينيو 48