القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

عزاءٌ في مخيم..

عزاءٌ في مخيم..

بقلم: معن بشور

في مجلس تعاز في مخيم شاتيلا بالمرحوم المعمر الفلسطيني أبو صالح داوود (98 عاماً) وله من الأولاد والأحفاد وأحفاد الأحفاد 135 ولداً، لفتني حديث ابنه المناضل صالح أن والده كان عضواً في الفرقة الفنية الشعبية المعروفة في فلسطين في ثلاثينيات القرن العشرين، بفرقة نوح إبراهيم الشاعر الفلسطيني (شاعر الثورة) الذي استشهد عن 25 عاماً في كمين نصبه الجنود البريطانيون له ولثلاثة من رفاقه قرب قرية طمرة في الجليل الأعلى..

ولقد لفتني في سيرة الشاعر الشعبي لثورة 1936، أنه كان مع فرقته يتنقل من قرية إلى أخرى ليقدّم وصلات غنائية من أناشيده الثورية، وبتوجيهات من معلمه القائد الكبير الشهيد الشيخ عزّ الدين القسام، الذي كان يدرك أهمية الشعر والفن في التعبئة الثورية...

ولفتني أيضاً في سيرة نوح إبراهيم، أنه رغم سنه الصغير توجه للعمل في مطابع بغداد، ثم كخبير لإنشاء لإنشاء أول مطبعة في البحرين، حيث له قصائد جميلة عن تلك الجزيرة العربية الطافحة بالنبل والعطاء والوطنية، ليعود إلى فلسطين بعد ثورة 1936، تاركاً عمله وحياته الرغدة، إذ لا شيىء يضاهي النضال من أجل الوطن والأمّة، فكان على قصر عمره أحد الجسور الوطيدة بين فلسطين والعراق والخليج...

ولفتني أيضاً أن أحد قصائد نوح إبراهيم "حطه وعقال بعشرة قروش، والنذل لابس طربوش"، قد أدّت إلى أن يصبح لباس الفلاح الفلسطيني (حطه وعقال) لباس كل الشعب الفلسطيني منذ ذلك الحين، بل أن تصبح "الحطة" الفلسطينية رمزاً لكل الثوريين في العالم.

نوح إبراهيم أيضاً كان شاعر الوحدة الوطنية الفلسطينية فغنى لاتحاد المسلمين والمسيحيين في فلسطين في مواجهة الانتداب البريطاني والاغتصاب الصهيوني..

في جلسة العزاء تلك المليئة بأبناء المخيم الشهيد الحي، وشبابه وممثلي المنظمات الفلسطينية، قال لي الصديق صالح (ابن الفقيد) أن أحفاد الراحل، كالعديد من شباب المخيم، يرفضون لفلسطين حلاً إلاً التحرير الكامل من البحر إلى النهر..

خرجت من المخيم وأنا على ثقة بأن شعب فلسطين بماضيه الحافل بالبطولات والشهداء، وحاضره المليىء بالتحديات والتضحيات، ومستقبله المضيء بعزم شبابه وإصرارهم على المقاومة، لا بدّ وأن ينتصر مهما طال الزمن، وأن مخيم شاتيلا أحد عناوين الشهادة الفلسطينية هو رمز لهذا التفاؤل بأن قضية فلسطين حيّة لا تموت...