عزل مرسي في مصر يهزّ قطاع
غزّة اقتصادياً
بقلم: حازم بعلوشة
انعكست الأزمة السياسيّة الراهنة في مصر بعد عزل الرئيس
الإخواني محمّد مرسي وما صاحبها من تظاهرات، على قطاع غزّة المجاور الذي تحكمه
حركة "حماس" الإسلاميّة، لا سيّما بعد التضييق الحاد على حركة نقل
البضائع المصريّة المهربّة عبر الأنفاق لا بل توقّفها تقريباً، الأمر الذي يشكّل
خطراً اقتصادياً على القطاع المحاصر.
وتعتمد حكومة "حماس" في قطاع غزّة مالياً على
إيراداتها من الضرائب والجمارك التي تفرضها على البضائع الواردة من المعابر مع
إسرائيل أو الأنفاق مع مصر بشكل رئيسي، وذلك بعد تراجع التمويل الخارجي لا سيّما
الإيراني منه، لتغطية مصاريفها الجارية الشهريّة وتغطية فاتورة رواتب موظّفيها.
ويدخل إلى قطاع غزّة عبر الأنفاق ما يوازي البضائع
الواردة عبر المعابر الإسرائيليّة. وتفرض حكومة غزّة على معظمها ضرائب تدرّ عليها
دخلاً شهرياً، وهو ما لا يُطبّق في ما خصّ البضائع التي تدخل عبر المعابر الإسرائيليّة
كون معظم الضرائب تذهب إلى الحكومة رام الله، بخاصة تلك المفروضة على البضائع
الأساسيّة التي يستوردها القطاع.
وأظهرت دراسة تقارن ما بين البضائع الأساسيّة التي تدخل
إلى قطاع غزّة عبر الأنفاق وبين تلك التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي،
حصل "المونيتور" على نسخة منها من مصادر رفضت الكشف عن هويّتها، أن معظم
البضائع الأساسيّة تدخل عبر الأنفاق وليس من خلال المعابر الإسرائيليّة. وقد تأثر
ذلك سلبياً وبشكل واضح بالاضطرابات الأمنيّة والسياسيّة التي تشهدها مصر، ما انعكس
على الإيرادات الماليّة لحكومة حماس بشكل تلقائي.
وبحسب الدراسة التي فنّدت البضائع التي دخلت إلى قطاع
غزّة خلال الربع الأول من العام الجاري، فقد دخل عبر الأنفاق 65% من الدقيق و98%
من السكر و51% من الأرز و100% من الأسماك الطازجة و100% تقريبا من الحديد والإسمنت
والوقود وحوالى 94% من الحصمة (الزلط الصغير)، فيما دخل 76% من القمح و88% من
أعلاف المواشي و65% من المشروبات الغازيّة عبر معبر كرم أبو سالم.
وتحصل حكومة "حماس" على ما يقارب 30 مليون
شيكل (3.65 دولار أميركي) شهرياً كضرائب على الوقود المهرّب من مصر إلى القطاع،
كذلك تفرض ضريبة قيمتها 20 شيكل على كلّ طنّ إسمنت من إجمالي حوالى 70 ألف طنّ
يدخل إلى القطاع شهرياً.
وأكّد وزير الاقتصاد في حكومة "حماس" علاء
الرفاتي تأثّر الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزّة بالأزمة السياسيّة في مصر وتعطّل
قطاعات أساسيّة من حركة الإنتاج، نتيجة نقص في الواردات إلى القطاع.
وقال الرفاتي في حديث إلى "المونيتور" إن
"قطاع غزّة خسر حوالى 225 مليون دولار أميركي خلال الشهر المنصرم نتيجة توقّف
توريد الوقود والمواد الخام اللازمة للإنشاءات، من إسمنت وحصمة وحديد صلب".
وأشار إلى خطورة الأوضاع الاقتصاديّة، فقد توقّف نحو 20
ألف عامل فلسطيني في قطاع البناء والإنشاءات عن العمل في خلال الشهر الماضي، بعد
انقطاع المواد الخام اللازمة للعمل. فقال "عاد خطر البطالة مجدداً وقد انعكس
بشكل كبير على حركة الشراء في السوق المحليّة".
وتفرض إسرائيل حصاراً اقتصادياً على قطاع غزّة منذ تولّي
حركة "حماس" الحكم، ما دفع الحركة الإسلاميّة إلى الاعتماد بشكل رئيسي
على تسهيل دخول البضائع من مصر عبر الأنفاق التي تشهد تذبذباً تبعاً للاضطرابات
الأمنيّة في مصر وبخاصة في سيناء.
وقال المراسل الاقتصادي لصحيفة "الأيام"
الفلسطينيّة في غزّة حامد جاد، إن "الهزّة السياسيّة في مصر أصابت قطاع غزّة
اقتصادياً أيضاً وسبّبت شللاً في قطاعات اقتصاديّة عدّة، الأمر الذي أفقدها مورداً
مهماً لإيرادات خزينتها الماليّة التي تصرف منها".
وأوضح جاد لـ"المونيتور" أن ميزانيّة حكومة
"حماس" السنويّة غير واضحة ولا تظهر فيها تفاصيل الإيرادات الماليّة،
ولكن تأثّرها بتوقّف نشاط التجارة عبر الأنفاق المنتشرة على طول الحدود يبو جلياً،
فقد تأخّر صرف رواتب موظّفيها الشهريّة حتى الآن.
وكشف مصدر في وزارة الماليّة في غزّة فضّل عدم الإفصاح عن هويّته،
لـ"المونيتور" أن إيرادات الضرائب المفروضة على البضائع التي تدخل عبر
الأنفاق تشكّل حوالى 40% من مجموع إيرادات حكومة غزّة، ما اضطرّها إلى الاقتراض من
البنك الإسلامي الوطني في غزّة لدفع رواتب الموظفين المحليّين.
وكان نائب رئيس الوزراء في حكومة غزّة زياد الظاظا قد
أوضح في تصريحات صحافيّة سابقة أن فاتورة الرواتب الشهرية لموظفي الحكومة المقالة
تبلغ نحو 149 مليون شيكل، موزّعة على 42 ألف موظّف و5 آلاف يعملون تحت بند التشغيل
المؤقت.
وفي مؤشّر على عمق الأزمة الماليّة التي تعاني منها
الحكومة مؤخراً، أشار حامد جاد إلى أن حكومة "حماس" حاولت خلال الفترة
الأخيرة جمع ضرائب المبيعات من بعض التجار المحليّين الذين يستوردون بضائعهم عبر
معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) قبل بيع البضائع. ولكنها تراجعت بعد رفض التجار
ذلك.
وشدّد على أن "الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزّة غير
مستقرّ على الإطلاق ومتذبذب بشكل مستمر، نتيجة الاضطرابات السياسيّة والأمنيّة المحيطة
سواء بالعلاقة مع إسرائيل أو مع مصر، وهذا ما كان جلياً مؤخّراً في ما يتعلّق
بالبضائع التي تدخل عبر الأنفاق أو غاز البوتان الذي يدخل من إسرائيل والذي يعاني
قطاع غزّة نقصاً فيه أيضاً.
وعند سؤال وزير الاقتصاد في حكومة "حماس" عن
خطط حكومته لتجاوز أزمة توريد البضائع الأساسيّة إلى القطاع في حال استمرار الأزمة
وتفاقهما، قال الرفاتي "كل البدائل متاحة". أضاف أن "سكان القطاع
اضطروا لتجاوز الحدود نتيجة الحصار الخانق على القطاع"، في إشارة إلى هدم
الجدار الفاصل بين قطاع غزّة ومصر في العام 2008 ودخول السكان إلى شمال سيناء
لشراء البضائع.
المصدر: المونيتور