عزو مصطفى الحاج موسى كرس حياته من اجل الدفاع عن وطنه فلسطين
بقلم: عباس الجمعة
بين كل الألقاب الرفيعة التي حظي بها عزو مصطفى الحاج موسى ' ابو سليم ' كان لقب 'المناضل' الأحب إلى قلبه، يدونه إلى جانب اسمه في كل لحظة نضالية مر بها، فهو ابن قرية الناعمة في فلسطين الذي تعلق بها في إلى درجة انه لم يتخلى عن هويته الفلسطينية، حيث كانت هويته 'الوطنية الصعبة'، بل 'العروبة الصعبة' هي التي اختارها أبو سليم نهجاً لحياته.
أهمية المناضل ابو سليم الذي عرفته منذ سنوات طويلة حيث كان مناضلا من مناضلي حركة القومين العرب في العام 1958، وعند انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح' انضم اليها وكان مع الشهيد ابو محمود عبد الغفور، امتشق السلاح ونفذ العديد من العلمليات بمواجهة العدو الصهيوني في اواخر الستينيات وبداية السبعينيات، بقي، ودافع عن الثورة الفلسطينية في كافة المعارك، كالكثير من أبناء جيله، الصديق الصدوق للجميع حتى النَفَس الأخير، رحمه الله، لهذا لا عجب أن يفارقنا مع بعد معاناة مع المرض.
إننا ونحن نودع ابو سليم، نفتقد مناضلا كرس شبابه وعمره كله في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني وفي خدمة قضايا وطنه وشعبه،ولكن تبقى نبرات صوته التي دخلت نفوس كل المناضلين، حيث صورته اخترقت عقولنا واستقرت في قلوبنا، تعلمنا منه، استفدنا من توجيهاته، كل موقف له كان درساً، كل تصرف له كان مثالاً، فهو كان مرجعاً، نعم يحق لنا أن نتباهى ونفخر أمام الأجيال القادمة التي ستقرأ أو تسمع فقط عن ابو سليم المناضل المتواضع، لكننا عاصرناه وكان بطلاً حقيقياً، وكان قائد نظيفا، محظوظون وقليلون هم من يعايشون ويعيشون في عصر الرجال الأبطال.
اثناء الاجتياح الصهيوني للبنان صيف عام 1982 كنت مع ابا سليم وانا واخوين اخرين واثناء السير داخل الوديان والبساتين قال ابو سليم دمنا ليس أغلى من دماء ابناء المخيم، وحياتنا ليست أغلى من حياة شعبنا فقلت له صدقت يا ابا سليم لانه وضع في عنقه أمانة الوفاء والثبات على الثوابت.،ومع هذه الأمانة وبسببها ناضل بحماسة.
لاشك أن ابو سليم ابن مخيم البرج الشمالي' مخيم الشهداء'، يحمل الكثير من صفات المناضل الحقيقي، لكن أهمية ابو سليم أنه استطاع بشخصيته أن يجعل من مهامه أسلوب بديع عماده الوطنية المخلصة لقضيته الفلسطينية الصادقة، كان صديقاً للجميع منفتحاً ومحاوراً لكل الأفكار والتيارات، كان يستمع لآراء الكبار والصغار بإصغاء واهتمام ويحترمهم فكان 'المتواضع'، سار أمام الناس في الصعاب، فكان بالفعل المناضل الحقيقي الذي وللاسف لم يتطلع اليه الاخرين في زمن المحسوبيات وهو راقد الفراش، ولكن السؤال في لحظات الرحيل الأبدي التي تترك صدق المشاعر ونيل المقاصد. مشاعر الحزن على مناضل ترك بصماته واضحة، مشاعر تخلو من حسابات ومعايير السياسة.
أبا سليم... لن نقول لك 'وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر' لأنك استثناء، فلم تكن يوماً تابعاً، لذلك كان نور بصيرتك دائم الإشعاع على مدار الأيام وسيبقى هادياً لنا وملهماً نستمد منه العزم والأمل.
نعم أبا سليم، لأنك استثناء فقد أسقطت كل مقولات اليأس،حيث لم يتوقف ولم يزل شلال الدم الفلسطيني يتدفق على أرضها ووديانها وهضابها.
ونحن اليوم نودعك في لحظات قاسية على شعبنا، ونقول بكل جرأة كما قال ابو سليم مرة للأسف يستخدمون 'المناضل' في هذه الايام تاريخه مطية للتملق أو سلماً للتسلق، وحيث نرى كان ابو سليم يكره اصحاب الواجهة لانها اصبحت مكسب لهم، لا تميز في عطاء أو أداء، ورأى الفقر متجسدا في المرض والجوع ورأى الظلم متمثلا في أصحاب المناجم، عاش مناضلا نقيا وشريفا وتوفي عفيفا،نظيف الجيب لكن كبير المكانة والاسم،لم يهزه الجوع، وكل شرفاء الشعب الفلسطيني.
اليوم يرحل الجندي المجهول، ولم يترك لأهل بيته إلا آثار أقدام لخطى تسعى وإرثاً من تاريخه إن لم يطعمهم، فإنه بالتأكيد سيحييهم.. وهذا يتطلب من المعنين في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح ان تفتخر بهذا المناضل وتعمل على اعتماده في اسر الشهداء.
فسلاما إلى روحك الطاهرة وسلاما لكل أرواح الشهداء وفي مقدمتهم احمد حمود الجمعة وابو حسن جبر ومرعي الحسين واحمد رحيل الذي انضمت اليهم قوافل الشهداء من قادة ومناضلين على درب الحرية والاستقلال والعودة
المصدر: أمد للإعلام