عشية «أوسلو».. هل نحن على أعتاب نكبة جديدة؟
ماهر
شاويش
كشفت
مصادر دبلوماسية غربية أنّ وفد الاحتلال الإسرائيلي المفاوض يطالب بإبقاء السيطرة
الإسرائيلية على الحدود والمعابر مع الأردن، ويطالب أيضاً بمحطات إنذار مبكر في
جبال الضفة المحتلة، وببقاء غور الأردن تحت الإدارة الأمنية الإسرائيلية، مشيرة
إلى أنّ المفاوضات تتركز في هذه المرحلة على الملف الأمني، وأنّ الجانبيْن لم
يحققا أي اختراق في هذا الملف.
وفي آخر
ما رشح عن المفاوضات، أوضحت المصادر الغربية أنّ الوفد الإسرائيلي عرض على نظيره
الفلسطيني مطالب "إسرائيل" الأمنية في فترة سمّاها «انتقالية»، مشيرةً
إلى أنّ هذه المطالب تُظهر أنّ "إسرائيل" تريد الحفاظ على الوضع الحالي
من دون أيّ تغيير.
في
المقابل، أتحفنا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد
ربه، بتصريح مفاده أنه بعد كل هذه الاجتماعات فإن المفاوضات مع
"إسرائيل" "عقيمة" و"تدور في حلقة مفرغة". وأكد عبد
ربه أنّ المفاوضات لم تحقق تقدماً حتى الآن. وأردف للإذاعة الرسمية الفلسطينية:
«لا أتوقع أن يحدث مثل هذا التقدم على الإطلاق؛ ما لم تكن هناك قوة ضغط هائلة
أمريكية».
وتابع:
«أما البقاء في الإطار الحالي، فهذا دوران في الفراغ لا يقود ولا يؤدي إلى أيّ
نتائج». وأضاف: «المطلوب واضح، ولا نحتاج إلى تكراره، هذه مفاوضات عقيمة ولا تقود
إلى أيّ نتائج، ورغم أننا اتخذنا قراراً بالمشاركة فيها (المفاوضات)، نحن نرى الآن
ما كنّا نتوقعه؛ فالأمل في أن تتقدم هذه المفاوضات ضعيف للغاية، بل هو أمل معدوم
في هذه اللحظة».
وقلّل
عبد ربه من أهمية تكثيف اللقاءات، وقال: «هذه المفاوضات، بدأت أو لم تبدأ، عقدت أو
لم تعقد، النتيجة واحدة: لا يوجد أيّ تقدم أو أي انفراج فعلي». وهاجم عبد ربه
"إسرائيل"، متهماً الإسرائيليين بأنهم «لا يريدون الوصول إلى حل».
لا شك
أنّ ما سبق هو غيض من فيض، وإن كان هذا هو حجم التسريبات، فالخافي أعظم، ولا سيما
أنّ هناك قراراً منذ البدء في مسلسل المفاوضات العبثي من كلا الجانبين بتغليف هذه
المفاوضات بأعلى طابع من السرية؛ بزعم الحفاظ على السير فيها دون أيّ مؤثر خارجي.
بالطبع،
لن نُفاجأ هذه المرة بالتفاصيل التي ستنتج منها؛ لأنّ الفلسطيني اعتاد ذلك بعد كل
جولة، لكن المتابع للحراك العربي والإقليمي وتطورات الوضع الدولي، يدرك أنّ هناك
فاتورة وضريبة ستدفع بعد كل تسوية، وغالباً ما يدفعها الطرف الأضعف الذي هو هنا
طبعاً الجانب الفلسطيني الذي يعاني انقساماً داخلياً مقيتاً، وغياباً واضحاً للدعم
والظهير العربي، ورهاناً خاسراً على وسيط دولي غارق حتى أذنيه في الانحياز إلى
العدو الصهيوني.
جلّ ما
نخشاه أن يكون الحجم الأكبر من الضريبة التي ستدفع، على حساب الخاصرة الرخوة في
فلسطينيي الشتات، وهم فلسطينيو سورية بالدرجة الأولى، وفلسطينيو لبنان بدرجة أقل؛
فالفلسطيني السوري بات عبئاً على منظمة التحرير وسائر الفصائل الفلسطينية، ولا
سيما أنّ تكلفته أكبر من مردوده في الفترة الحالية على الأقل، وربما لسنوات قادمة.
وفلسطينيو لبنان على فوهة بركان تأثراً بالواقع اللبناني العاجز عن تسيير أموره
وشؤونه الذاتية، وغير القادر على تشكيل حكومة ورأب صدعه الداخلي، فكيف سيكون لديه
الوقت المتاح للتفكير بالقضية الفلسطينية وشؤون أبنائها، بعيداً عن كلمة دعم خجولة
هنا، وموقف على استحياء هناك.
الموقف
صعب والتعقيدات تزداد على مختلف الصعد، والقادم -لا شك- أعظم. الكل يترقبون بحذر،
والسؤال الذي نأمل ألّا تكون إجابته واقعاً ملموساً: هل نحن على أعتاب نكبة
جديدة؟!
المصدر:
السبيل