القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

علاقة «حماس» و«الجهاد الإسلامي».. إستراتيجية متينة


محمد أبو ليلى/

باحث في الشأن السياسي الفلسطيني

إن من أهم الحقائق التي يجب أن نعلمها بدايةً؛ هي أن ما يَجمَع قوى الثورة والجهاد في بلادنا أكثر بكثير مما يفرقها، وإن وقعت بعض الخلافات التي تطرأ على العمل العسكري أو السياسي فهي خلافات طبيعية ناتجة عن الاختلاف في طرق التفكير ومعالجة القضايا وتقييم الأحداث، فالصحابة رضوان الله عليهم – وهم خير القرون – اختلفوا في العديد من القضايا الفقهية، والتكتيكات العسكرية، والنوازل السياسية.

شهدت العلاقة بين حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين خلال العقود الماضية فتراتٍ من المد والجزر، بناءً على تباين الرؤى واختلاف الاجتهادات في عدد من الملفات الداخلية والخارجية.

وخلال أحداث "الحسم العسكري لغزة" عام 2006، اتخذت حركة الجهاد الإسلامي موقفاً حيادياً، رافضةً دعم وتأييد موقف حركة حماس في غزة، بدعوى الوقوف على مسافة واحدة بين طرفي النزاع، برغم ما تتعرض له قيادة حركة الجهاد وكوادرها – شأنها شأن حماس – من ملاحقة وتضييق وإذلال من قبل الاجهزة الأمنية في الضفة المحتلة.

بعد وصول القضية الفلسطينية إلى مأزقٍ خطير إثر فشل ما يُسمى بالحلول السلمية المجحفة، وإعلان الإدارة الأمريكية السابقة ما يُسمى بـ "صفقة القرن"، والتزام الإدارة الأمريكية الحالية بجزء كبير منها، وتنّصل الاحتلال من كافة التزاماته في اتفاق أوسلو القذر والكارثي، وفي ظل استمرار العدو بسياسة ابتلاع الأراضي الفلسطينية في الضفة المحتلة، وتشديد الحصار على قطاع غزة، أدركت الحركتين خطورة المرحلة وعليه وصل التنسيق خلال السنوات القليلة الماضية إلى مستوًى كبير وغير مسبوق من التعاون والتفاهم والانسجام في كثير من القضايا.

لاحظنا، في الجولة الأخيرة - معركة وحدة الساحات - أن العدو الصهيوني ومنذ اللحظة الأولى من القتال، حاول زرع بذور الشقاق والفتنة بين الحركتين. وخرجت بعض التصريحات والتحليلات الصهيونية لتغذي تلك البذور اللعينة. وللأسف الشديد هناك - أي من أبناء شعبنا - من تبنى الرواية الصهيونية وزاد على الرواية روايات وحكايات ومنها أن "حماس" تخلت عن "الجهاد الإسلامي" و"حماس لم تشارك في المعركة" وعليه بات ناقل الرواية ومن حيث لا يدري محققًا لإحدى أهداف العدو الصهيوني في الحرب. قد يبدو هذا الكلام قاسيًا، ولكنها الحقيقة المرّة التي تستدعي منّا الانتباه جيدًا.

قبل وخلال وبعد المعركة، أكدت قيادة" الجهاد الإسلامي" داخل وخارج فلسطين، متانة العلاقة بين الحركتين، وأن هناك تنسيق عالي المستوى بين "الجهاد" و"حماس" وأن المقاومة تعمل كيد واحدة في الميدان.

القيادة في الجهاد الإسلامي، الشيخ خضر حبيب يقول في تصريح له "أن شعبنا سيتصدى للاحتلال بكل ما أوتي من قوة، وسرايا القدس تعمل في الميدان إلى جانب الأخوة في كتائب القسام من أجل رد العدوان".

زياد نخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، وفي مؤتمر الصحفي بعد انتهاء المعركة بدقائق، قال "أؤكد على وحدة قوى المقاومة ونحن والأخوة في حماس في تحالف مستمر معهم ومع مختلف الفصائل والعدو لن يستطيع أن يفرق بيننا".

بعد يوم أو يومين من انتهاء المعركة، عُقد لقاء مهم جمع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية وزياد نخالة. ومما نقل "أن القائدان بحث المواجهة الأخيرة مع الاحتلال وتداعياتها وسبل تعزيز العمل المقاوم والتنسيق المشترك، مشيدين بتكاملية العمل المقاومة في الميدان"

بناء على سبق أختم وأقول:

-الاختلاف سنة الله في عباده، مع ضرورة الإدراك والتمييز أن الاختلاف الذي يقع أو في حال وقع لا سمح الله - بين حركتيّ "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تكتيكي وليس استراتيجي.

-أهل الميدان وحدهم من يقدّر ويقرّر، ظروف المشاركة من عدمه، ولا يُفتي أهل الدثور لأهل الثغور.

-العلاقة بين الحركتين علاقة عميقة متجذرة وقوية ومتينة، وقيادتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تتعامل بحكمة وروية، وتقدمان المصلحة العامة للقضية على المصلحة الخاصة.

- إعلامياً، ضرورة الانتباه من البروباغندا الصهيونية، التي تحاول مرارًا وتكرارًا زرع بذور الفتنة والانشقاق، والمطلوب زيادة الوعي وفهم أسلوب العدو الصهيوني الخبيثة وفضحها.