القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

علاقة حماس وإيران.. بعيدا عن الدبلوماسية والشعارات

علاقة حماس وإيران.. بعيدا عن الدبلوماسية والشعارات

بقلم: عز الدين أحمد إبراهيم

في المعلومات المتداولة في وسائل الإعلام فإن العلاقة بين إيران وحركة حماس ما تزال مستمرة على الرغم من الهزات التي تعرضت وتتعرض لها منذ اندلاع الثورة السورية وموقف كل طرف منها.

اللقاءات بين مستويات قيادية عالية بين الطرفين تعقد بين الحين والآخر في بيروت وطهران، بل إن لقاء عقد مؤخرا بين قيادات من الصف الأول في حماس ونظرائهم في حزب الله حليف إيران الأبرز بناء على طلبه.

أما غير المتداول أو على الأقل غير الواضح، يتعلق أساسا بشكل هذه العلاقة حاليا ومستقبلها في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة على صعيد أكثر من ملف، بدءا بملف الأوضاع في سوريا وليس انتهاء بما يجري في اليمن.

فالخلاف بين الطرفين آخذ في الاتساع، والموقف من الثورة السورية كان مجرد بداية لتباين سياسي عميق في موضوع الربيع العربي الذي لم يأت كما تمنته طهران، ووصل التباين أوجه في الموقف من الأحداث في اليمن بعد البيان الذي أصدرته الحركة وأكدت فيه وقوفها مع الشرعية وخيار الشعب اليمني.

هل مجرد وجود علاقة أو لقاءات هنا أو هناك بين الطرفين يعني أن المياه عادت لمجاريها؟ وهل يمكن القول إن ما يجري إنما هي عملية ترميم لعلاقة تضررت كثيرا في السنوات الأخيرة بفعل عدة عوامل أهمها تبني حلفاء طهران في سوريا ولبنان أسلوب العقاب والانتقام في التعامل مع حماس؟

هذه التساؤلات وغيرها تحرص حماس على عدم الإجابة عليها حتى لا تضطر لتوضيح كثير مما يجري خلف كواليس اللقاءات، ربما استشعارا منها بأن الوقت غير مناسب حاليا لاتخاذ موقف لا تود أن تدفع ثمنه في هذا التوقيت تحديدا، حيث الحصار "الإسرائيلي- المصري" في أشد حالاته، والمصالحة الوطنية وصلت لحائط مسدود.

حتى اللحظة لم تفلح اللقاءات التي عقدها الطرفان في الخروج من دائرة الأقوال، ولم ينتج عنها أي إجراء عملي يتلاءم مع ما يتحدثان به بشأن العلاقة المشتركة، فطهران تواصل قطع الدعم المالي الذي كانت تقدمه للحركة، وتشترط أن يقوم خالد مشعل بنفسه بزيارة طهران، في حين أن وسائل إعلام محسوبة على إيران وحزب الله لم توقف حملتها ضد مشعل وسياسيات الحركة بشكل عام.

في المقابل، لا تخفي أوساط قيادية في الحركة عدم استعجالها في استعادة العلاقة مع طهران لا سيما في ظل ما يراه بعض من قادة الحركة نَفَسَا إمبراطورياً لدى الإيرانيين في التعاطي مع القضايا العربية بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص، والإصرار على أن تكون العلاقة تبعية لا تشاركية، إضافة إلى أن ما يطرح في اللقاءات مجرد وعود وشعارات لا تجد طريقها للتطبيق.

ومن هناك تبدو علاقة إيران – حماس تنحصر في ثلاثة سيناريوهات خلال المرحلة المقبلة، الأول: أن تستطيع الحركة التعايش بعلاقة مع إيران هي في حدها الأدنى في ظل محيط عربي-إسلامي آخذ بالتشّكل ضد طهران وسياساتها في المنطقة، وهذا خيار لن يعمّر طويلا لاعتبارات كثيرة أهمها مطالب للحركة بالتوجه لخيار إسلامي- عربي يتمثل بمثلث تركيا-السعودية-قطر، وهو سناريو مرتبط بتطورات الأوضاع إقليميا والمكاسب التي سيحققها كل محور في المنطقة.

أما السيناريو الثاني هو أن ينجح الطرفان في ترميم العلاقة واستعادتها كما كانت، وهذا افتراض من الصعوبة بمكان لعدة اعتبارات، أولها قناعة لدى طهران وقادتها أن احتواء حماس ليس سهلا والتجربة في سوريا تثبت ذلك، وثانيا إصرار أطراف حليفة لطهران في لبنان وسوريا على أن حماس يجب أن تعاقب على مواقفها حتى لو رغبت القيادة الإيرانية في استعادة العلاقة معها.

السيناريو الثالث: هو أن تذهب العلاقة لقطيعة تامة بعد أن تتشكل قناعة لدى حماس بأن طهران لن تقدم شيئا من الآن فصاعدا دون ثمن، والثمن هنا أن تكون الحركة واجهة للسياسية الإيرانية سُنيّا في فلسطين والمنطقة وما يترتب على ذلك من مواقف وربما تنازلات.

خلاصة القول إن حماس تقف اليوم أمام مفترق طرق صعب في العلاقة مع إيران، تحديدا أمام قواعدها وجمهورها المنحاز بشكل كامل للثورة السورية والرافض لموقف طهران وممارساتها في اليمن، وهو تحد يزيد من صعوبته تباين الآراء لدى قادة الصف الأول في حماس بين من يرى عدم جدوى الاستمرار في العلاقة، وضرورة إنهاءها، وبين من يراهن على إمكانية استمرارها رغم الارتباطات الإقليمية لحاجة الحركة إلى الدعم الإيراني ولو بأدنى درجاته.

المصدر: العربي 21