على باب المخيم مرةً أخرى!
كثرت الإشكالات الفردية على باب مخيم برج البراجنة. هذه الإشكالات كانت توتّر أجواء المنطقة المعروفة بسوقها التجاري. لكن مهما ارتفعت حدة هذه المشاكل، فإنها سرعان ما تهدأ؛ لأن «المصارين بالبطن بتتخانق»..
شاهد عيان
برج البراجنة | يركب المخيمجي دراجته النارية الصغيرة، منطلقاً من منزله إلى خارج المخيم. يرافقه صديق يركب خلفه. يصل الشابان إلى باب المخيم، فيتّسع الطريق. يعبران الحد الفاصل بين المخيم والحي اللبناني القريب من دون حدوث شيء يذكر. عندما يعودان من «مشوارهما»، يمران حُكماً في الحيّ اللبناني السابق الذكر. أثناء عبورهما من هناك، ينطفئ محرك الدراجة! يحاولان عبثاً تشغيله. «يكرّج» أحدهما الدراجة بعد أن نزل عنها، واضعاً يديه على مقودها. يدفعها يدوياً ليوصلها على الأقل إلى المنزل الذي لم يعد بعيداً من هنا. المخيمجي الثاني يرافقه.
لكن، فجأة، تستوقفهما زمرة من شباب هذا الحي. يتقدم أحدهم ويطلب مفتاح الدراجة منهما. يستغرب الشابان هذا الطلب. يعيد الشاب طلبه، بلهجة آمرة هذه المرة. يستنكر الشابان ويطلبان توضيحاً. ومن لهجة آمرة إلى «يلّا يلّا»، يدفع المخيمجي الشاب الذي يطلب مفتاح الدراجة. بعدها، يشهر شاب آخر من الزمرة نفسها سيفاً من غمده (سيف قصير يمكنك استعماله كعصا من الناحية الأخرى) ثم يهوي به على رأس المخيمجي الذي يضع يده أمامه ليحمي وجهه، ما يؤدي إلى جرحها. قيل إن الزمرة كانت تتألف من نحو أحد عشر شاباً، ولكن لم يقل أحد كيف هرب الشابان باتجاه المخيم، تاركَين الدراجة النارية ليدوسها بعض أعضاء الزمرة بأقدامهم، فيما لحق القسم الآخر بالشابين حتى باب المخيم، حيث تجمعوا هناك من دون أن يجرؤوا على الدخول. داخل المخيم، يتوتر الجو قليلاً، لكن الشابين يطلبان من الأصدقاء عدم التدخل، وبالتالي عدم تلبية طلب شجار ينتظر الجميع، هناك، على الباب.
في اليوم الثاني يطلق سراح دراجة المخيمجي عبر وسيط، «بس بدون اعتذار» كما يقول صاحب الدراجة. وعند سؤاله عن سبب مهاجمته، يقول: «لأني فلسطيني». أسأله: كيف عرفوا ذلك؟ فيقول: «ولوّ يا زلمي، ما هنّي جيراننا هون، فشخة». الشابان راجعا مرجعيتهما في مخيم البرج التي تنسق اللجنة الأمنية فيها مع اللجان الأخرى خارج المخيم في حال حدوث مشاكل كهذه. لجنة المخيم تطالب بالتهدئة وعدم الانجرار، وتوحي بالمتابعة.
حدثت هذه القصة مساء 4/11/2011. والجدير بالذكر أن «الحوادث» من هذا النوع تكررت كثيراً في الآونة الأخيرة. ففي يوم إعادة الدراجة نفسه، كان شاب فلسطيني يمر في هذا الحي القريب، متوجهاً إلى محل تجاري لهم في تلك النواحي، فهجم عليه «شباب الحي»، وما كادوا ينقضّون عليه حتى جاء رجل كبير «بيعرفني من قبل»، وخلّصه منهم. وفي عين السكة تفرّد شباب المنطقة بشاب بعدما «اعترف» بأنه من المخيم وضربوه.
والجدير بالذكر أن هذا النوع من المشاكل الذي قد ترتفع وتيرته عالياً يا إخوان، يؤثّر سلباً في كل العلاقات بين الشعبين، حتى اقتصادياً. ومع أنه ليس اقتصاد دول، لكن انخفاض المدخول عند تاجر ألبسة قرب المخيم من 15 مليوناً إلى مليون واحد ـــــ حسب ما أسرّ به تاجر لبناني لصديقه التاجر الفلسطيني ـــــ فارق كبير له دلالاته.
وبما أنّ الفلسطيني قاوم لكي لا يكون طرفاً في لبنان في السنين الماضية بعد تجربة الثمانينيات، وكل الأطراف اللبنانية تعلم ذلك، فلماذا نقع في الفخ الآن؟!
أيعقل أن 50 ألف فلسطيني، دفع بعضهم دمه لقاء مجرد أن يشتمّوا رائحة بلادهم يوم مسيرة العودة في مارون الراس، أيعقل أن يبتعدوا عن طرق المقاتلين الدامعين المتشحين بالسواد الذين رافقوهم خفية هناك؟ أم أن المقاتلين المتشحين بالسواد سيبتعدون عن شعب الجبارين؟ لا أظن هذا ولا عكسه.
فاحفظوا فلسطين البوصلة.
المصدر: جريدة الأخبار