عمل لم ينته بعد: حق العودة
للفلسطينيين
ميشيل ستاينبرج
للمرة الأولى منذ سنوات، تُسلط أجهزة
الإعلام في أوروبا والولايات المتحدة الضوء على مصير اللاجئين الفلسطينيين، بسبب
الفظائع التي حدثت في مخيم اليرموك في دمشق. لكن هل تذرف أجهزة الإعلام العالمية
دموع التماسيح؟
كتب "كريستوفر جونيس"،
الناطق الرسمي "للأونرا" في الأمم المتحدة، في إطار حديثه عن الأوضاع في
مخيم "اليرموك" المحاصر للاجئين الفلسطينيين أن "معجم لا إنسانية
الإنسان فيه كلمة جديدة: "اليرموك". المخيم على أطراف دمشق، كان في يوم
من الأيام قلبا صاخبا ينبض بالحياة للجالية الفلسطينية في سورية، حيث كان 160.000
فلسطيني يعيشون بتناغم مع السوريين بجميع أطيافهم.. على مدى الأشهر الستة الماضية،
أصبح المخيم مرادفا لسوء تغذية الأطفال، ولموت النساء خلال الولادة بسبب نقص
الرعاية الطبية، والجاليات المحاصرة وصلت إلى درجة أنها اضطرت أن تأكل طعام
الحيوانات".
في 25 فبراير، نشرت قناة "بي بي
سي" تقريرا لمراسل كان شاهد عيان. يقول المراسل في التقرير إن "امرأة
اسمها وفيقة، 60 عاما، كانت تتعثر في مشيها وهي تتجه إلى أي شخص تعتقد أنه يستطيع
أن ينقذها من الحصار في اليرموك.. وكانت تتوسل باكية وهي تقول "أرجوكم،
أرجوكم أخرجونا من هنا، نحن نموت هنا".. وكان المسلحون يحاولون احتواء الحشود
الغفيرة من الناس اليائسين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى نقطة توزيع طعام تابع
للأمم المتحدة..".
هناك مقياس مزدوج شنيع بخصوص النضال
الفلسطيني. الشعب الفلسطيني، الذين طردهم الصهاينة القتلة من بيوتهم في 1948 وعدة
مرات بعد ذلك، خاصة في 1967، هم اللاجئون الأقدم في العالم. لكن الولايات المتحدة
وأوروبا الغربية يدعمون إسرائيل بالمطلق في إصرارها على أنه لن يكون هناك "حق
عودة" للفلسطينيين، الذين كانوا يعيشون في فلسطين قبل أن يصل الصهاينة إلى
هناك، وطُردوا منها بسبب الحرب والإرهاب.
بحسب البروفيسور سوسن أكرم من كلية
الحقوق في جامعة بوسطن، حوالى ربع اللاجئين في العالم هم من الفلسطينيين. تقول
البروفيسور سوسن أكرم، التي قضت سنوات في دراسة تاريخ تعامل الأمم المتحدة مع
القضية الفلسطينية "اللاجئون الفلسطينيون لهم حق مطلق بالعودة إلى موطنهم
الأصلي والحصول على تعويضات كاملة". وتضيف البروفيسور سوسن أن قرار الجمعية
العامة في الأمم المتحدة رقم 194 "كان شهادة محددة للقضية الفلسطينية حول
الحق الذي تبنته الأمم المتحدة لجميع الشعوب بعد الحرب العالمية الثانية".
للمرة الأولى منذ سنوات، تُسلط أجهزة
الإعلام في أوروبا والولايات المتحدة الضوء على مصير اللاجئين الفلسطينيين، بسبب
الفظائع التي حدثت في مخيم اليرموك في دمشق. لكن هل تذرف أجهزة الإعلام العالمية
دموع التماسيح؟ لا يذكر الإعلام مطلقا أن المخيمات مثل اليرموك موجودة لأن إسرائيل
لن تسمح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إما إلى إسرائيل أو إلى المناطق الفلسطينية.
جميع الرؤساء الأميركيين منذ مؤتمر
مدريد عام 1991 أهملوا حق العودة للفلسطينيين ولم يتحدثوا عنه، وكانوا يبررون ذلك
بأن هذا أمر سوف تتم مناقشته في إطار اتفاقية "التسوية النهائية". يوم
"التسوية النهائية" بدأ يقترب. هناك 194 دولة عضو في الأمم المتحدة
اعترفت بفلسطين منذ نوفمبر 2012، ومحادثات السلام التي أجبرت إدارة أوباما الأطراف
على استئنافها في يوليو 2013 سوف تنتهي قريبا- سواء باتفاق أو بدونه.
ورغم أن الوقت يمر بسرعة، إلا أن رأي
رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ضد حق العودة أصبح أكثر وقاحة -إنه ببساطة
عنصرية واضحة- يقول نتنياهو إن إسرائيل يجب أن تكون وأن تبقى دائما دولة يهودية
نقية، وأي سكان من العرب أو الأفارقة داخل الدولة يشكلون تهديدا لها.
إسرائيل لا تريد فقط أن تمنع إلى
الأبد عودة الفلسطينيين وورثتهم، لأوطانهم داخل حدود إسرائيل لعام 1967، لكنها
تطالب أيضا بأن تمنع الأمم المتحدة والولايات المتحدة عودة اللاجئين الفلسطينيين
إلى دولة فلسطين المستقلة.
أكثر من 3.8 ملايين لاجئ فلسطيني
مسجلون من أجل الحصول على مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة.
هناك أجيال وُلدت في مخيمات
اللاجئين. هناك 1.5 مليون لاجئ فلسطيني آخرين يعيشون في المنفى. متى يمكنهم العودة
إلى وطنهم؟
في حديث مع إحدى اللاجئات الفلسطينيات،
الدكتورة "غادة الكرمي"، وهي طبيبة وأستاذة جامعية تعيش في بريطانيا
قالت لي "تركنا بيتنا في القدس في أبريل 1948، قبل مايو، 1948 تاريخ تأسيس
دولة إسرائيل، وتركنا كل شيء خلفنا لأننا كنا نعتقد أننا سنعود! تلك حكاية تكررت
مئات وآلاف المرات للفلسطينيين في تلك الأيام.. ومنذ تلك اللحظة انضممت إلى عداد
النازحين.. نزحنا إلى لندن، ونشأت وأسست لحياتي هناك. ولكن بالنسبة لي، كما هو
الحال بالنسبة لجميع الفلسطينيين الذين عانوا من نفس المحنة، قضية فلسطين، الظلم
الذي وقع علينا.. لم يمت أبدا! نحن لا نستطيع أن ندعي أن كل شيء على ما يرام! لا
أستطيع أن أتجاهل ما حدث لي، وما يزال يحدث، وما تفعله إسرائيل
بالفلسطينيين".
المصدر: الوطن أونلاين