عن حراك الضفة
بقلم: خالد معالي
التحرك الجماهيري الغاضب الذي حصل من قبل أهالي الضفة الغربية،
يوم الجمعة الماضي نصرة للمسجد الأقصى؛ والذي امتد تقريبا لمختلف مناطقها؛ ووصل لحالة
احتكاك بين متظاهرين وعناصر أمنية في بيت لحم؛ يأتي في سياق حالة جدلية ومتناقضات لا
تتوقف حول ضرورة وجود رؤية فلسطينية واضحة للصراع مع الاحتلال الذي ينتهك كل شيء.
خروج عشرات الشبان الفلسطينيين، مساء السبت (19-9)، في مسيرة
في بيت لحم؛ هو إحدى صور رفض نتائج ما تمخضت عنه اتفاقية "أوسلو" خاصة فيما
يتعلق بالشق الأمني؛ حيث تلتزم السلطة بكل حرف؛ والاحتلال لا يلتزم بشي ويقتحم مناطق
"ألف" التابعة للسلطة وقتما شاء دون حسيب أو رقيب وبلا أمل بدولة مستقلة.
لو غصنا أكثر ودققنا وأمعنا النظر في المرحلة الحالية والوضع
المعاش في الضفة الغربية؛ نجد أن الجيل الناشئ – لعوامل عدة - من الفتية والشباب في
غالبيته؛ هو من يتحرك في الأحداث ويخرج في المسيرات الشعبية؛ ويتفاعل سريعا مع قضية
المسجد الأقصى وأي قضية أخرى تتعلق بالصراع مع دولة الاحتلال ومقاومتها بكل الطرق التي
تقرها مختلف القوانين والشرائع الدولية ويجرمها "نتنياهو" فقط.
برغم موجة الغضب الحالية فإن قرار حركة فتح ما زال هو هو
ولم يتغير، ولا تريد حركة فتح غير المقاومة السلمية الشعبية؛ فتقديرها للمرحلة الحالية
أن موازين القوى لا تسمح بمواجهة مسلحة وعنيفة مع الاحتلال، ولا مكان للتضحيات المجانية
بدون نتيجة تذكر بحسب تقييمها بناء على نتائج انتفاضة الأقصى كما تقول لقاعدتها الجماهيرية.
موجات الغضب ستبقى تتلاحق ما دام الاحتلال موجودا؛ وستصاحبها عمليات فردية وفعاليات
جماهيرية ضد الاحتلال تتم بطريقة عفوية أو دعوات محدودة، ولن تصل لحالة صدام عنيف أو
انتفاضة ثالثة في أكثر التقديرات والتحليلات؛ فالعمل غير المنظم وغير المدروس سرعان
ما يتوقف؛ ما لم يكن قرارا جماعيا توافقيا من مختلف القوى خاصة فتح وحماس.
ما حدث ويحدث في القدس واستمرار الاستيطان أمر خطير يستدعي
الحراك؛ ولكن الحراك الجماهيري سرعان ما يتوقف بعد فترة، لأن خيار حركة فتح والسلطة
ما زال عند رفض المواجهة الشاملة (كسر عظم) ورفض المقاومة المسلحة للاحتلال. أصل العلاقة
مع المحتل هي المقاومة؛ وأصل العلاقة بين القوى الفلسطينية نفسها؛ يجب أن تكون أن الوطن
يسعُ الجميع، وبناؤه وتحريره يحتاج جهود وطاقات الجميع دون هدرها أو الاستفراد وإلغاء
الآخر؛ أو تصيد أخطاء هنا وهناك وهو ما يحصل مع الآسف الشديد وما يشكل عامل كبح وبقوة.
ما يكفل توسع مواجهة ومقاومة الاحتلال أو استمرار وديمومة
الأحداث؛ هو وفاق واتفاق وطني على برنامج مقاوم موحد؛ ولكن كيف لهذا أن يحصل في ظل
رفض وغياب حركة فتح عن الساحة؟! الاحتقان والغضب الجماهيري في الضفة بحاجة لتوجيه وديمومة
واستمرارية في الاتجاه الصحيح؛ وهذا لا تحركه أقلام كتاب ومفكرين؛ بل إلى المستوى السياسي
الذي بيده قرار ذلك.
المصدر: فلسطين أون لاين