عن حقوق الفلسطينيين في المخيمات!
السبت، 30 نيسان، 2011
سعود المولى - المستقبل
يعرف الناس جميعاً أن مشاريع التوطين حقيقة واقعية عرفتها بلادنا منذ مطلع الخمسينيات من القرن العشرين. وكانت الولايات المتحدة ولا تزال هي المسوق الأكبر لهذه المشاريع. لكن الشعب الفلسطيني رفض وما يزال كل مشاريع التوطين والتعويض محافظاً على حلم العودة إلى أرضه ودياره في فلسطين. وهذا الحلم حق شرعي وطني وإنساني كرسته مواثيق المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية، كما كرسته المجالس الوطنية الفلسطينية على إمتداد تاريخ نضال الشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني على إختلاف تياراته وإتجاهاته يرفض إذن وبالكامل أي حديث عن التوطين ويتمسك بالمطلق بمبدأ حق العودة. كما أن لبنان بيساره ويمينه، بمسلميه ومسيحييه، يرفض التوطين ويدعم الشعب الفلسطيني في التمسك بحق العودة.
ولكن معارضة التوطين التي هي معارضة فلسطينية بالأساس، لا علاقة لها بتلك الجوقة من "أبطال حق العودة" من المسيئين للشعب الفلسطيني واللبناني الذين صاروا اليوم بقدرة قادر يدافعون عن حق العودة ولا يتركون مناسبة دون إدخال موضوع التوطين فيها حتى صار قميص عثمان وصار لونه بائخاً لكثرة الإستعمال..
ينبغي وضع حد لهذا الإستغلال الذي ينبع من عنصرية شوفينية مقيتة لا علاقة لها بحقوق الشعب الفلسطيني ولا بنضال الشعب اللبناني إلى جانب إخوانه الفلسطينيين ولا بالحرص على السيادة وعلى الصيغة اللبنانية...
وإنطلاقاً من وثيقة الوفاق الوطني التي أُعلنت في الطائف، وما نصت عليه بشأن بسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وضرورة إحترام الإخوة الفلسطينيين المقيمين في لبنان سلطة الدولة وقوانينها، فإن هناك بالمقابل مسؤوليات وإلتزامات لبنانية حيال حماية المخيمات الفلسطينية من أي إعتداء، وحفظ أمن اللبنانيين والفلسطينيين.. وهذا يعني خصوصاً ضرورة التعامل والتعاون مع ممثلي الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان على وضح حد للحالة المزرية التي تعيشها المخيمات ولحالة إستسهال حرمان الفلسطينيين من أبسط الحقوق البشرية بحجة مقاومة التوطين..
بالأمس قمنا بزيارة إلى مخيم برج البراجنة برفقة الأستاذ وليد جنبلاط الذي قدم دعماً مستمراً للهيئات الأهلية هناك لتحسين بعض ظروف عيشهم..بالأمس سألونا ومن دون غضب أو عتاب: أين صارت الجهود الموعودة لمعالجة المشكلات الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان، داخل المخيمات وخارجها؟ اين صار حق الفلسطينيين المقيمين في العيش الكريم؟ أين صارت جهود إعادة إعمار مخيم نهر البارد لتأمين الإقامة فيه ؟ أين صارت قضية منع الملاحقات القضائية لأسباب سياسية، ومنع وصم العمل النضالي الفلسطيني بالإرهاب، وهو الذي يحصل من خلال ملاحقة أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية أمام المحاكم العسكرية وفق قانون 11/1958؟ أين صار شمول مخيمات اللاجئين بالخدمات الهاتفية والإتصالات وإنجاز بنى تحتية صالحة للحياة الكريمة؟ أين صار تعديل المرسوم 4028 وإعادة تسمية مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين وتعيين مدير عام له؟ أين صار حق الفلسطينيين بتملك الشقق وإلغاء قانون منع التملك للفلسطيني؟ .وأين صار تسهيل عمل الفلسطينيين المقيمين في لبنان أسوة بالدول العربية الشقيقة المضيفة للفلسطينيين؟
لم تعد القضية الفلسطينية مسألة خلافية بين اللبنانيين. وعليه فإننا نرفض الإستغلال السياسي الذي يتعرّض له وجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما أننا نتضامن معهم للحصول على كامل حقوقهم الإنسانية. كذلك ينبغي أن نعمل معاً على بسط سيادة الدولة اللبنانية على جميع المخيمات. وهذا الأمر يتحقق عبر إتفاق مباشر بين الحكومة اللبنانية والقيادة الفلسطينية الشرعية. نحن نؤمن، أخيراً، بأن قيام دولة فلسطينية مستقلّة وعاصمتها القدس، تكون مسؤولة عن الفلسطينيين في الداخل كما في بلدان الشتات، سيساهم إلى حدٍ بعيد في حلّ مشكلة اللاجئين، وسيطرد عملياً شبح التوطين الذي نرفضه نحن وهم على السواء