عودة
لنقطة الصفر
بقلم:
يوسف رزقة
لم تتقدم القضية
الفلسطينية قيد أنملة منذ أن تولى محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، بل إن بعض الأوساط
السياسية تقول: إن القضية تراجعت في ولايته للسلطة. كان عباس مهندس أوسلو ( الحل الانفرادي)،
وكان بطل المفاوضات بلا منازع منذ رئاسته للسلطة، ولا يستطيع هو أو غيره من قادة هذا
المشروع الهزيل إقناع طفل فلسطيني بأنهم تقدموا بالقضية إلى الأمام.
محمود عباس رئيس
مهزوم على المستوى الشخصي والسياسي، ولعل من أقصى هزائمه وأكثرها مرارة، هي هزيمته
في حل الدولتين، الذي بات مشروعاً ميتاً لا تستطيع تقنية الولايات المتحدة وجون كيري
إسعافه، أو إعادة الروح له.
عباس بعد الهزيمة
السياسية القاسية له ولمشروعه، وبعد الإهمال الذي يقاسيه من نتنياهو ودول عربية وغربية،
وبعد أن نفض جون كيري يديه من الزيارات، وأبدى هو وسيد البيت الأبيض عجزاً عن مواجهة
نتنياهو، بعد هذا كله يريد عباس أن يقفز بنفسه، وبفتح، وبمشروعه الفاشل خطوة إلى الأمام،
لكي يبقى على قيد الحياة السياسية من خلال التعلق بمشروع فرنسا للحل، وهو مشروع عاجز،
بل أشد عجزاً من مشاريع جون كيري، وليس لوساطته ثقل كيري وأميركا؟!.
قبل أيام زعم عباس
أن ( الأردن ومصر) تقبلان بالمشروع الفرنسي، وهو يقف وحيدا في مواجهته، وزعم أنه سيتعامل
معه إذا كان فيه ما يخدم الحقوق الفلسطينية؟! . اليوم يزور فابيوس وزير خارجية فرنسا
المنطقة لعرض مشروعه، ومن تصريحاته اللافتة للنظر، ( أن عباس أبلغه أن الحكومة القادمة
لن تضم عناصر لا تعترف بإسرائيل، أو لا تعترف بشروط الرباعية، أو لا تنبذ العنف؟!)
. هذا التصريح به وضوح ومصداقية عالية ، ولا يستطيع عباس نفيه، لأن جل المعطيات السياسية
المتعلقة باستقالة حكومة رامي الحمد الله تؤكد ما قاله فابيوس. ثمة مصادر مطلعة تتحدث
أن عباس اتصل بحماس من ناحية، وبالجهاد واليسار من ناحية أخرى، وأبلغهم مندوبه في الاتصالات
أنه يعتزم تشكيل حكومة جديدة ببرنامج سياسي هو تحديدا( برنامج منظمة التحرير؟!) ، أو
قل بلغة أدق هو ( برنامج فتح أوسلو) وهو برنامج يقوم على الاعتراف بإسرائيل، ويرفض
المقاومة، ويقبل بشروط الرباعية، ويتخذ المفاوضات ثم المفاوضات آلية وحيدة لتحرير الأرض
المحتلة.
عباس يعلم يقيناً
أن حماس لا تقبل بما قبلت به فتح أوسلو، ولا تقبل بالاعتراف بإسرائيل، ولا تقبل بتجريم
المقاومة، ولا تقبل بحكومة سياسية قبل إجراء الانتخابات الحرة النزيهة بحسب الاتفاقات
الموقعة مع فتح وبقية الفصائل، لذا خرج الناطق الإعلامي باسم حماس يرفض عرض عباس، ويعده
انقلاباً على التوافق وعلى الاتفاقات، وأنه عمل منفرد، و من ثمّ لن تشارك حماس في حكومة
عباس الجديدة، ومن المرجح أن لا يشارك الجهاد الإسلامي، وأن لا تشارك الجبهات أيضاً،
لنكون بعد أسابيع أمام حكومة لفتح أوسلو.
إن جل المعطيات تقول:
إن استقالة حكومة ما يسمى بالتوافق في هذا التوقيت جاءت مرتبطة بالمشروع الفرنسي الذي
شارك عباس في إعداده، وهو مطلع على تفاصيله، وهو يمهد لاستقالة الحكومة، وتشكيل حكومة
بديلة ذات برنامج سياسي هو برنامجه الشخصي قبل أن يكون برنامج المنظمة، لكي يعطي رسائل
لفرنسا وإسرائيل تشجع على العودة إلى المفاوضات، لأنه لا بدائل له أو عنده عن المفاوضات.
باختصار عباس قرر العودة بالفصائل وبحماس تحديداً إلى نقطة الصفر، لكي يتقدم هو خطوة
إلى الأمام. أسد علي ومع إسرائيل نعامة.
المصدر: فلسطين أون
لاين