القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

عين "إسرائيل" على غزة

عين "إسرائيل" على غزة

هشام دبسي

الجيش الإسرائيلي متأهب، منذ بداية الحديث عن الضربة الأميركية لنظام الأسد، تحسباً لما يقول قادة وجنرالات حكومة نتنياهو من احتمال الرد الصاروخي.

جيوش المنطقة في حالة استنفار الأردن العراق تركيا، كل لحساباته الخاصة. الجيش الوحيد الذي لم يتأهب بعد هو الجيش الإيراني، على الرغم من تأهب طهران السياسي، وفي هذا المشهد امر للقراءة والاستنتاج.

وزير خارجية طهران جواد ظريف، في حكومة الرئيس الإصلاحي الشيخ روحاني يقول "نؤمن بأن أخطاء بالغة تمت على أيدي القادة السوريين، أنشأت قاعدة استعمال القوة ضد سوريا استعمالاً سيئاً". وفي هذا إدارة وتحميل "القادة السوريين" مسؤولية استدراج الضربة الأميركية، بينما رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجوردي يؤكد أن "إيران لم تتم صفقة مع الغرب لإسقاط الأسد، لكنها لن تشارك أيضاً في معركة عسكرية للدفاع عنه" وبهذا يقول ان إيران لن تتقدم على الموقف الروسي المعلن لجهة الامتناع عن خوض حرب مع أميركا والغرب.

المهم الآن هو التقدير الإسرائيلي الذي يقف خلف تأهب الجيش هناك، هل هو على استعداد لحرب إقليمية تشارك فيها إيران، وهذا مستبعد، أم تأهب لمواجهة احتمالات عسكرية تكتيكية، قد تنجم عن الضربة فضلاً عن إثبات الحضور القوي في صناعة القرارات الدولية والإقليمية الخاصة بالأزمة السورية، وهذا أكثر ترجيحاً.

أما وقد طلّت الاقتراحات الجديدة، لتفادي الضربة العسكرية، ألا يعني قبول النظام الأسدي بتسليم سلاحه الكيميائي وربما يلحقه السلاح الصاروخي هدية كبرى لإسرائيل مقابل بقاء النظام فترة أطول بالسيطرة على السلطة في سوريا؟. ألا يحقق النظام الأسدي بهذا القبول المذلّ، قسطا كبيرا من الأمن الاستراتيجي كما يراه ويعرفه قادة إسرائيل؟. إن الجميع يدرك ذلك. لكن السؤال أين يستثمر الإسرائيلي هذا الإنجاز الذي وفره له نظام الأسد. لعل الاستثمار الأهم هو في الجبهة الفلسطينية تحديداً، حيث يحتدم الصراع التفاوضي من أجل ترسيم الحدود الإسرائيلية ـ الفلسطينية، قاعدة انطلاق حل الدولتين، وفي الوقت نفسه يحتدم الصراع أيضاً في غزة على خلفية موقف حركة حماس من حركة الإخوان المسلمين في مصر.

إن تداعيات ما يجري في صحراء سيناء أدت إلى وضع نقطة نهاية "لاقتصاد الإنفاق" الذي اعتمدت عليه حركة "حماس" طيلة الفترة السابقة. وهذا ما يعيد قدرة إسرائيل على التحكم بالمواد الأساسية لحياة الشعب في القطاع، كما أن الضامن الرئيس لاتفاق الهدنة، عزل عن منصبه في الرئاسة المصرية، ليصبح الاتفاق في حالة انكشاف، يستطيع معها نتنياهو وجنرالات الحرب فرض شروطهم على حركة "حماس"، وإذا كان ثمة من شرط جوهري فإنه شرط إدامة الانقسام بين الضفة وغزة فضلاً عن استمرار تعهد حركة "حماس" بمنع أية "أعمال عدائية ضد إسرائيل" كما نصت عليه اتفاقية الهدنة.

إن هذا التحكم الإسرائيلي بمسارات الحياة في قطاع غزة، ومسار المصالحة، إنما هو الاستثمار المباشر الأكثر أهمية لنتنياهو في المفاوضات الجارية مع قيادة منظمة التحرير والسلطة، حيث يسعى نتنياهو الى مفاوضات لا ينتج عنها ترسيم حدود إسرائيلية ـ فلسطينية، لا سيما أن هذا الأمر هو عتبة تطبيق خيار الدولتين.

إن الاستثمار الإسرائيلي في المنطقة الآن يعتمد على القبض المباشر على قطاع غزة، من أجل الإفلات من معادلة جون كيري التفاوضية، "الأمن الإسرائيلي مقابل حدود الدولة الفلسطينية"، وسواء تمت الضربة الأميركية لقوات الأسد، أم نجح الرئيس أوباما بإبرام صفقة رابحة تضع أسس الحل للأزمة السورية تحت مظلة مجلس الأمن، والرقابة الدولية، فإن الهم الإسرائيلي والقوة الإسرائيلية أيضاً يعملان أولاً على إفشال الاستحقاق الفلسطيني ومن أجل هذا يتكثف الضغط على حركة "حماس" في القطاع وتتصاعد الاستفزازات المدروسة في الضفة الغربية وأهمها محاولات السيطرة على الحرم القدسي الشريف فضلاً عن إطلاق الاستيطان بشكل يومي.

المستقبل، بيروت