عين الحلوة.. الاتفاق المسخرة
بقلم: خالد الغربي
الثابت أن بلال بدر دخل مرحلة التواري عن الأنظار،
وقد نكون أمام "أبو محجن السعدي" آخر، وهو مسؤول عصبة الأنصار الإسلامية
المتواري عن الأنظار منذ عقدين من الزمن. لكن بدر لجأ إلى حي في المخيم خاضع لنفوذ
جهة أصولية متشددة.
وبعد فرار بدر، كان متوقعاً أن تنتشر القوة الأمنية
المشتركة في حي الطيري، ويبدأ تنفيذ قرار وقف اطلاق النار الذي توصلت إليه القيادة
السياسية الفلسطينية، غير أن مسلحي بدر واصلوا حتى مساء الثلاثاء، في 11 نيسان، إطلاق
النار من منازل تحصنوا فيها ومارسوا القنص من مواقع لم يخلوها. ووفق قوى إسلامية فلسطينية
لـ"المدن"، فإن "الاتفاق سيفرض عاجلاً أم آجلاً، ولن يقف أحد في دربه".
في انتظار ساعة الصفر ودخول عناصر القوة المشتركة
إلى الطيري، يقول أبو علي طلال، الضابط في أركان القوة الأمنية، "غداً سينجلي
غبار المعركة وتتأكدون أن هذه المعركة حسمت خيارات. فالقوة الأمنية هي آخر خرطوشة في
المحافظة على حق اللاجئين بالعودة. وبندقيتها ستحمي هذا الحق وعناصرها استشهدوا في
سبيل ذلك، ومعركتنا كانت من أجل ذلك".
لكن، مع تأخر الانتشار، بسبب استمرار الاشتباكات،
تلبدت الأجواء وارتفع منسوب التشاؤم بعرقلة جهود الحل. رغم أن المرجعيات السياسية وقادة
الفصائل أكدوا أن قطار الحل انطلق ولا عودة إلى الوراء. أما مقاتلو حركة فتح فشعروا
بأن الاتفاق لا يلبي طموحاتهم بعد خوضهم معركة عنيفة استمرت أياماً. وهم يتمسكون بالحسم
العسكري "حتى ولو طال"، يقول مقاتل فتحاوي قبل اطلاقه قذيفة آر. بي. جي،
مسكتاً أحد القناصين. بينما يؤكد قائد ميداني في فتح "وجع ساعة ولا وجع كل ساعة"،
مضيفاً "كان على القيادة السياسية ألا تحمل العصا من المنتصف، بل أن تحمل عصا
غليظة وتستمر في قرارها بالحسم العسكري". وقد لوحظ نشاط فايسبوكي يتهكم على التسوية
وفشل الحل العسكري، وهاشتاغ "#فتححسموراحسمأقوىمن حسوماتمول_تجاري".
في حمأة اطلاق القذائف، يطل أبو جمال المصري
(80 عاماً) من باب منزله الواقع على خط تماس في حي المسلخ متوقياً الحذر، بعدما عاش
جحيم المعارك. المصري، الذي يعمل في سكب النحاس والقصدير والرصاص في المدينة الصناعية
في صيدا، يقول: "أعيش في هذا المنزل منذ العام 1950 ولم أغادره حتى عندما اجتاحت
إسرائيل المخيم. دمر على رأسي فنصبت خيمة". ويروي: "ساعات المعركة كانت مروعة
ومهولة. قضيت أنا وابنتي وابني ساعات شعرنا بها أن الموت قد دنا منا، وأننا لن نصمد
طويلاً. مع ذلك لم نغادر".
لكن في الشارع التحتاني للمخيم، الذي لا يبعد سوى
150 متراً من مسرح الاشتباكات، كانت الحياة شبه طبيعية، بعدما فتحت المحال التجارية،
وشوهد العديد من الشبان يدخنون النرجيلة، وفتية يلعبون الكرة. وهو مشهد تسقطه الممرضة
روى البسام على واقع عين الحلوة، كأنه "لعبة تقاذف كرة اللهب والدوس على أبناء
المخيم من قبل المتربصين بنا".
الأبرز، يوم الثلاثاء، هو ظهور الدولة اللبنانية
للمرة الأولى. إذ زار وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف مدينة صيدا، واطلع من قيادة
الجنوب في الجيش اللبناني على الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، وجال على فعاليات مدينة
صيدا.
المصدر: جريدة المدن