القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

عين الحلوة: «بأيّة حال عدت يا عيد؟»

عين الحلوة: «بأيّة حال عدت يا عيد؟»

انتصار الدّنّان

لا تجتمع السعادة في الحياة إلا بين أضلع الأم. ولا يهنأ طفل إلا عندما يغفو على صدر أمه. أوّل من فكر في عيد للأم بالعالم العربي كان الصحافي المصري الراحل علي أمين، الذي طرح في مقاله اليومي فكرة الاحتفال بعيد الأم، وقال: «لماذا لا نتفق علي يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم ونجعله عيداً قومياً في بلادنا وبلاد الشرق».

أضاف: «عيد الأم حدث قومي، وعيد وطني، لمقارنته بالأرض الأم، ويومٌ لردّ الجميل للأم وتذكير بفضلها، وهو أول أيام الربيع بما هو رمز للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة». لكن علي أمين لم يكن يعلم أن هناك أمّاً عيدها مختلف عن بقية الأمهات، فالأم الفلسطينية في مخيمات الشتات، ولا سيما في مخيم عين الحلوة لها عيد خاص بها.

فالحاجة نظمية، وهي امرأة أنهكها المرض، تكلمت على عيد الأم بمرارة وأسى، والدمعة محبوسة في عينيها وهي تحاول إخفاءها لكنها تنسكب على خديها عندما تبدأ الحديث عن ابنها الذي أصيب بجلطة دماغية، وصار قعيد الفراش. تقول نظمية: «أنا لا أحتفل بعيد الأم نتيجة المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. فعندما يكون الإنسان مشرداً من وطنه لا يمكن أن يفرح أو يشعر بأي عيد. ونحن لا نستطيع أن نفرح والمجازر بحق شعبنا ما زالت مستمرة. هذا العيد ليس لنا، فالأمهات الفلسطينيات جميعهن لا يشعرن بهذا العيد، وأنا لا أشعر بوجوده في هذه الظروف، ونحن عندما كنا صغاراً لم نكن نعرف عيد الأم، ولم نكن نحتفل به، وأنا اليوم لا أشعر به. فعندما يكون ابني مريضاً ومقعداً كيف لي أن أشعر بعيد الأم، فإذا لم يكونوا أولادي بصحة جيدة ويشعرون بسعادة، لا أستطيع أن أشعر بأي عيد».

أمّا نسرين محمد الباطي، وهي أم لثلاثة أطفال، لديها معاناة خاصة، فهي مطلوبة للدولة، ولا تستطيع الخروج من المخيم، وحتى عندما كان زوجها في السجن لم تستطع زيارته، بسبب التهمة الباطلة التي ألصقت بها، وفق قولها. تضيف: «لا أحتفل بعيد الأم، لأنني لا أشعر به، وذلك نتيجة الوضع الاجتماعي السيئ في المخيم. فأولادي مرضى ويعانون من مشاكل صحية ووضعي لا يسمح بتأمين العلاج لهم. كذلك، لا أستطيع الخروج من المخيم، لأن زوجي كان مطلوباً للدولة وقد تم سجنه لمدة خمس سنوات».

تتابع: «عندما بدأ أطفالي يشــعرون بأن هناك عيداً للأم كان والدهم في السجن فلم نحتفل به. واليوم لا نستطع الاحتفال بالعيد، بسبب سوء وضعنا المادي، إذ نسكـن في غرفتين مع بيت عمي وتفتقر لأبسط المقومات المعيشية. ونتيجة الأوضاع الأمنية على مداخل المخيم لا يستطيع زوجي العمل، لأنه سينتظر ساعات ليستطـيع الخــروج من المخيم. وأنا من الذين طالبوا بالهـجرة إلى أوروبا، لأن أولادي لو تعلموا لن يحصلوا على أي عمل، وشقيقي قدوة أولادي، وهو خريج جامعي يعمل طبّاخاً».

أما ميرفت علي ظريفة، فمعاناتها مأساة بحد ذاتها، فهي أم لسبعة أبناء، وزوجة لرجل مريض لا يقوى على الكلام، وتعتبره ابنها الثامن. تقول: «المرأة الفلسطينية داخل مخيم عين الحلوة مختلفة عن النساء الأخريات، فهي ليس لديها حقوق، وليس عندها عيد للأم، لأن الأم الفلسطينية دائماً في قلبها غصة، ولم يمر عيد الأم على المرأة الفلسطينية إلا وكان هناك غصة أو مأساة». تضيف: «الدنيا أم لكنّ الأمهات الفلسطينيات مغلوب على أمرهنّ ولا يمر عيد عليهنّ. فالأم تحلم أن تربي ابنها وتراه كبيراً أمامها، ولكن عندما لا يكون أولادنا بأمان لا نستطيع أن نعيش حياة فيها طعم السعادة».

الشابة رزان رشيد الباطي، تقول: «سأحاول أن أحتفل بعيد الأم بأن أقول لأمي كل عام وأنت بخير، وأن أحضر لها هدية إن استطعت».

المصدر: السفير