«عين
الحلوة» بين «أبو محجن» و«الشهابي»
بقلم
: آمال خليل
استغرب
ممثلو الفصائل والقوى الإسلامية تصريحات وزير الداخلية، رغم الاتفاق المسبق على
معالجة القضايا الأمنية بعيداً عن الإعلام، مطالبين بتحسين أوضاع رومية. اللجنة
أكدت عزمها على تعزيز الأمن والاستقرار، ولكن...
جمع
غفير في حي الصفصاف، في عين الحلوة، استمع الى خطبة أمير "فتح الإسلام"
أسامة الشهابي بعد صلاة الجمعة الفائت. تحت راية "لا إله إلا الله"
الخضراء، انتفض الشهابي من أجل موقوفي سجن رومية بعد العملية الأمنية التي أخرجتهم
قبل أسبوع من معقلهم في المبنى "ب" وقطعت التواصل معه ومع أمراء آخرين،
وقال: "ألا قاتل الله وزراء داخلية العرب جميعاً، وأخصّ بالذكر وزير داخلية
لبنان (...) الذي هاجم إخواننا العزّل بالطائرات والدبابات والملالات لأن جريمتهم
أنهم يقولون لا إله إلا الله، ولا يريدون أن يعملوا لا مع السعودية ولا مع إيران".
واستهزأ
من وصف الوزير نهاد المشنوق عملية رومية بـ"نصر مؤزر"، متسائلاً: «هل
قاتلت اليهود وأقفلت مخابراتهم أم أقفلت سفارات فرنسا وأميركا أو هل قاتلت النظام
السوري وأعوانه لتعتبره نصراً"؟. ووعد الشهابي الموقوفين خيراً،
و"نبشرهم أن الله سيجعل لكم مخرجاً قريباً ونقول لهم اصبروا". كذلك حيّا
استهداف مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية، ورفع يديه إلى السماء داعياً:
"بارك الله قاعدة الجهاد وكل المجاهدين".
لم
يكن مستغرباً الحشد الذي تحلق حول أمير "فتح الإسلام" بعد عملية رومية
التي يتوقع أن يستغلها لشد أزر مناصريه ضد الدولة وأجهزتها وجذب المزيد من
الناقمين. ولكن هل يتوقف الأمر على الخطب والتضامن؟ مؤخراً، تحدث وزير الداخلية عن
"غرفة عمليات" في عين الحلوة، علماً بأن الأمر ليس جديداً.
فخلال
معركة عرسال، ثم معركة طرابلس، تنادى إسلاميون متشددون في عين الحلوة لبحث سبل
مساندة "إخوانهم". وتشير مصادر أمنية من داخل المخيم الى أن القيادي في
كتائب عبدالله عزام توفيق طه التقى حينها الشهابي والإسلامي بلال البدر وقيادات من
"فتح الإسلام" و"جند الشام" لمناقشة احتمالات المساندة، وجرى
البحث في توجيه ضربة لمراكز الجيش المحيطة بالمخيم، أو استدراج قوى إسلامية ووطنية
داخل المخيم الى اشتباك عسكري، أو الإعداد لتنفيذ عمليات أمنية خارج المخيم. وعزّز
وصول كل من شادي المولوي ثم أسامة منصور ومحمد العارفي ومحمد الدوخي (خردق)
و"أبو محمد الشيشاني" وغيرهم إلى عين الحلوة، الاقتراح الأخير. وبحسب
المصادر، فإن "تلاقي طه والمولوي "ينتج تعاوناً مثمراً في نطاق التجنيد
داخل المخيم وخارجه والتخطيط والتنسيق لتنفيذ عمليات أمنية خارجاً». ويقيم المولوي
في التعمير مع رامي ورد وفضل شاكر ومحمد العوجي (كادر عسكري لدى الأسير)، فيما
تتنقل زوجته بين حي وآخر لإبعاد الشبهة. أما طه فيستقر في المنشية بجوار مسجد
النور منذ سنوات، فيما ينزل منصور في ضيافة البدر في حطين.
في
وقت سابق، اعتمدت الدولة على القائد السابق للكفاح المسلح الفلسطيني العميد محمود
عيسى (اللينو) لضرب المتشددين. لكن الأخير، اليوم، مفصول من فتح التي تعصف بها
الخلافات، ما يسلّط الأنظار على "عصبة الأنصار" الإسلامية. في آب
الماضي، نشرت "الأخبار" تقريراً عن استعدادات زعيم العصبة "أبو
محجن"، المتواري عن الأنظار، لتسلم مقاليد جماعته في مواجهة
"الدواعش"، واستخدام "مونته" على المتشددين لإقناعهم بتحييد
المخيم عن الشؤون اللبنانية. رفض المزاج العام اللبناني والفلسطيني دفعه إلى تأجيل
خطوته. لكنه بدأ بتنفيذ مهمته داخل المخيم الذي لم يغادره يوماً. فتصدى بداية
لمحاولات استدراج العصبة إلى الاشتباك مع بقايا «جند الشام" و"فتح
الإسلام"، لا سيما بعد الإشكالات التي افتعلها هؤلاء مع أنصار العصبة، وبعد
سيطرة البدر على حي حطين الذي كان معقلاً للعصبة. وفي الأشهر الماضية، عقد "أبو
محجن" لقاءات مع العشائر التي ينتمي إليها الأمراء الجدد، وحذّر وشقيقه
"أبو طارق السعدي" من السماح للعناصر الغريبة بفرض قرارها في المخيم
خوفاً من تكرار تجربة نهر البارد، لأن "أي معركة مع الدولة خاسرة وتؤدي إلى
تهجيرنا وتشتيتنا". وتؤكد مصادر مواكبة أن حراك أبو محجن أفلح في مواقف عدة،
لا سيما مع الشهابي والبدر والدوخي وغيرهم من أبناء عين الحلوة. أما بالنسبة إلى
"الضيوف"، فالأمر يختلف. وتوضح المصادر أن "أبو محجن" يمون
على فضل شاكر وأحمد الأسير، لكن لا "مونة" له على "الضيوف
الجدد" الذين يحرّضون على "العصبة" الى حدّ تكفيرها بسبب علاقتها
مع أجهزة الدولة واستخبارات الجيش التي تؤمن لكل من "أبو طارق"
و"أبو شريف عقل" خروجاً من المخيم متى يشاءان برغم أنهما مطلوبان، فضلاً
عن تواصلهما مع حزب الله. أوساط العصبة تطمئن الى أن الوضع في المخيم يبقى تحت
السيطرة. أما بالنسبة إلى العمليات الأمنية التي يخطط لها داخله "فلا أحد
يمكنه أن يسيطر عليها".
وكانت
اللجنة الامنية الفلسطينية العليا اجتمعت أمس في مقر القوة الامنية في عين الحلوة.
واستغرب المجتمعون المعالجة الاعلامية للقضايا الامنية، خصوصاً في ما يتعلق
بالمخيم، وأكدوا أنهم لم يتلقوا من الاجهزة الامنية اللبنانية أي معلومات تفيد بأن
للمخيم علاقة بما حدث من تفجيرات جبل محسن، أو أن يكون أحد ممن قام بهذه الاعمال
المدانة له صلة بعين الحلوة. وأكد المجتمعون "أن المخيم لن يكون تحت أي ظرف
عامل إخلال بأمن بالجوار"، كذلك استغربوا تصريحات وزير الداخلية تجاه مخيم
عين الحلوة، ودعوا كل الجهات الرسمية السياسية والامنية الى التعاطي مع هذا الامر
من خلال التواصل مع المرجعيات الفلسطينية المعنية. وطالب المجتمعون بتحسين أوضاع
سجناء رومية وتطمين أهاليهم.
المصدر:
صحيفة الأخبار اللبانينة