عين الحلوة بين الحلول
الآنية والأزمات المؤجلة
بقلم: د. رمزي عوض
يرزح مخيم عين الحلوة للاجئين
الفلسطينيين الواقع جنوب شرق مدينة صيدا اللبنانية تحت مشاكله الاقتصادية والاجتماعية
والحياتية والبيئية، دون اغفال المشكلة الأمنية والتي تتأثر أحياناً بما يحصل خارج
حدوده، حيث الواقع الأمني المتأرجح في لبنان، والذي يتأثر بالواقع الأمني الإقليمي
المشتعل، خاصة بما يحدث في سوريا.
تبلغ مساحة المخيم حوالي
كيلومتر مربع واحد، وعدد سكانه حوالي 80 ألف نسمة (وفق أحدث التقديرات) و(15 ألف من
النازحين من سوريا)، لذا فهو أكبر مخيم للاجئين في لبنان من حيث عدد السكان، ومعظم
الفلسطينيين اللاجئين نزحوا في العام 1948 من قرى الجليل في شمال فلسطين، يضم المخيم
8 مدارس، وعيادتان للأونروا، بالإضافة إلى مستشفيين وعدة أندية رياضية.
والجدير ذكره أن مخيم عين
الحلوة يضم تنوعاً سياسياً واجتماعياً، حيث يشمل كل الأطياف الفلسطينية بكافة أشكالها
الفكرية والسياسية، الأيدلوجية منها والراديكالية، التي تتفق ضمناً وتختلف منهجاً
وتطبيقاً وتنسيقاً.
وتظهر بين الفينة والأخرى
أحداث أمنية تكون نتيجة اغتيال أو اشكال فردي يتطور إلى عائلي أو فصائلي أو سياسي،
وذلك كله يكون نتيجة عدم الاستقرار السياسي والذي يعكس تأرجحاً سياسياً ووضعا غير مستقر
يهتز أمام أي إشكال أو خرق أمني، فبات سكان المخيم يفهمون هذه اللغة جيداً، فبمجرد
أن يكون الوضع هادئ لفترة ثم يتم التسخين بأعمال أمنية قد تتمثل بإلقاء قنبلة ليلية
هنا او هناك، او تكرر إطلاق النار في الهواء ليفهم الأهالي أن هناك عملية أمنية ما
سيتم تنفيذها.
وبعد أي عملية أمنية تبدأ
مرجعيات المخيم (برتق الفتق) الذي حدث من خلال ترحيل المشاكل سابقاً، دون حل جذري يذكر،
ويتم ترسيخ مبدأ المربعات الأمنية والسلطات الموزعة بين كافة القوى الفاعلة داخل المخيم.
فبغياب سلطة تضبط أمن المخيم،
وبغياب الرؤية السياسية الموحدة، تختلف النظرة لكل اشكاليات المخيم ابتداءً من حلول
مفترضة للبنى التحتية وانتهاءً بحلول مؤقتة للمشكلات الأمنية.
قطبان أساسيان يحكمان المخيم
حركة فتح وباقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية من جهة، والقوى الإسلامية كافة من جهة
أخرى، ولكن التباين في البيت الداخلي للقطبين يزيد من عدد (القطبيات)، فتختلف حركة
فتح والفصائل فيما بينها بعدة (قطبيات) تتمايز وجهتها السياسية بحسب مصدر الدعم المعنوي
والسياسي وأيضاً المادي، أما الحركات الإسلامية فتتمايز فيما بينها بعدة (قطبيات) بحسب
فكرها الأيديولوجي وأيضاً دون اغفال عامل الدعم السياسي والمادي.
فبذلك يكون داخل كل قطب
عدة أقطاب (قطبيات) لها صراعاتها الداخلية والتي أحياناً تكون حول النفوذ وإثيات فكرة
الأقوى داخل المخيم، وهنا يحاول كل (قطب) أن يبرز أنه الأقوى في فرض الأمن والحلول
الأمنية داخل المخيم، لأن أمن المخيم هو أهم ورقة لجميع الأطراف خارج المخيم، وهنا
نقصد بأمن المخيم ليس الحفاظ على أمنه بل استخدام أمن المخيم في صراعات محلية أو اقليمية،
لما يمثله المخيم من مزيج يمكن أن يتطابق مع أي مجتمع، ولكونه خزان بشري قادر على أن
يكون نقطة تحول في لحظة ما أو مكان ما.
تبقى الأزمة في عين الحلوة
موجودة بوجه لجان المتابعة، والقوة الأمنية المشتركة، التي يختلف دورها وعددها وعتادها
بحسب توافق هذه (القطبيات)، حيث تبدء الاجتماعات بدعوى أن الجميع حريص على أمن وسلامة
المخيم، والجميع يبحث عن حلول مفترضة لحل المشكلة، والجميع يعرف الأسباب الحقيقية لأي
اشكال، ولكن الجميع لا يقول الحقيقة المطلقة التي ستوجد الحل، لأن الحل المطلق لربما
سيزعزع نفوذ (قطب) هنا، أو (قطب) هناك، لذلك يتم البحث عن حل مناسب للجميع يرسخ نفوذ
القوي ويضعف الضعيف وبذلك يتم ترحيل الأزمة للجولة المقبلة، حيث أن الضعيف سيقوى يوماً
وسيرد الصاع صاعين، وهكذا ستدور الدائرة التي لن تنتهي في مخيم عين الحلوة.
كذلك يوجد في أي أزمة أمنية
في المخيم العامل الخارجي أو الطرف الخارجي الذي يحاول من خلال أدواته توجيه ضربات
أمنية للمخيم، لإيصال رسائل محلية أو اقليمية تسعى لترسيخ واقع أمني في المخيم لاستخدامه
في أماكن بعيدة أو قريبة جغرافياً من عين الحلوة.
لا نحب أن نكون متشائمين
كثيراً، فهناك مرجعيات لربما تحاول أن تعمل لمصلحة تثبيت الأمن داخل المخيم، ولكن على
طريقتها التي تتعرض لضغوطات عديدة ترسم وجهتها بحل المشكلة، بتأجيلها، أو بترحيل الإشكال
لزمن أخر فلربما يقضي الله أمراً كان مفعولا.
المصدر: موقع مخيم عين
الحلوة