عين الحلوة بين مطرقة الفصائل
الفلسطينية وسندان القوانين اللبنانية
بقلم: محمود عطايا
مما لا شك فيه ان واقع سلاح
المخيمات الفلسطينية يذكرنا برعاة البقر قديماً في الغرب الامريكي , فتراه على الدراجة
النارية و المسدس "يرفرف" على وسطه و كأن البشر بنظرة قطيع من البقر
"يطير" عبر دراجته بين المارة ولسان حاله يقول انا شمشون الجبار، أيجرؤ أحدكم
ان يقترب من شعري و مصدر قوتي فأنا حاكمكم دون منازع وأنا من يقرر مصيركم و باستطاعتي
إقفال مدارس أبنائكم وأسواقكم التجارية وأنا الذي بإمكاني زرع الرعب بنفوسكم ونفوس
اولادكم ساعة أشاء، فانا صاحب الدراجة النارية والمسدس!!.
لم يقف الأمر عند هذا الحد رغم
مرارته، فاختلفت اسباب ضحايا شمشون، فتكون تارة بحجة (جقرني) ـ أي نظرإليه نظرة لم
تعجبه ـ وتارة باسم سب الرئيس و تارة يمعن في قتل الناس وظلمهم تحت مسمى محاربة الإرهاب،
وآخر هذه التشبيحات تحت مسمى إشكل فردي، والأكيد أنه ليس المصطلح الأخير الذي سوف نسمع
به.
أليس من حقنا أن نتسآل إلى متى
هذه الظواهر المقززة المنتشرة في مجتمعاتنا ؟ وأليس من حقنا أن نسأل كذلك على من تقع
مسؤولية هذا "التشبيح" المتفشي في واقعنا ؟؟
بكل تواضع أجزم أن المسؤولية
تقع على عاتق جهتين أساسيتين معنيتين بضبط هذه الحالات المقززة وعلى عاتقهما تقع الحلول
هما السلطات الرسمية والأمنية اللبنانية بصفتهما المعني الرئيس بضبط المخلين بالأمن
ومطلقي النار جهارا نهارا دون مسوغ أو سبب وجيه وذلك من خلال ملاحقتهم قانونياً ومحاسبتهم
على تفلتهم الأمني هذا.
والجهة الأخرى التي تتحمل القسط
الأكبر من المسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية باعتبار أنها المسؤول الأول عن اللاجئين
في مخيمات الشتات وكذلك معظم أصحاب هذه العناصر التي تقوم بهذه "التشبيحات"
منضوية ضمن فصائل تشرف هي عليها مباشرة ولها "المنوة" الكبيرة عليهم.
نعود إلى الجهة الأولى الدولة
اللبنانية والتي قامت بدورها بإلغاء اتفاق القاهرة من طرف واحد بحجة أن لا سلاح على
الاراضي اللبنانية سوى سلاح " الشرعية " فبقي السلاح و تم الغاء كافة الحقوق
المدنية منها وكذلك السياسية والنتيجة كانت أن الفلسطيني في لبنان دفع الثمن مرتين
مرة بتجاهل معاقبة المتسببين بالفلتان الأمني في المخيمات والأخرى بالتضييق عليهم في
حياتهم اليومية وحرمانهم من أبسط حقوقهم. فبعد الغاء اتفاق القاهرة لم تقدم الدولة
على وضع قوانين تنظم فيها الوجود العسكري داخل المخيمات بالتنسيق مع المنظمة ـ طبعا
تنظيمه وليس سحبه ـ بل اصبحت المخيمات وواقعها المرير هذا، تُستعمل كبطاقة امنية وسياسية
تُستغل لغيرصالح الفلسطيني بحقه في بتحرير أرضة والعودة إليها. من هنا نطالب الدولة
اللبنانية بقانون عادل يساوي بين جميع الفصائل الفلسطينية دون تمييز مما يجلعهم جميعا
جيش فلسطيني واحد تحت أي مسمى, لا يهم، ونطالب الأجهزة الأمنية بالكف عن خلافاتها وزج
الآلاف من ابناء شعبنا في المخيمات بهذا الصراع وذلك من خلال تجنيد أكبر عدد ممكن من
الفلسطينيين ليعمل لصالح هذا الجهاز أو ذاك، فبسبب هذا التجنيد تصبح المحاسبة شبه معدومة
وذلك بسبب توفير الحماية له من قبل هذا الجهاز أو ذاك، وللأسف الشديد أصبح الذين من
المفترض ان يكونوا عيوناً امنية ساهرة على أمن الناس هم مفتعلوا هذه القلاقل الأمنية،
وذلك بسبب الحماية الأمنية الموجودة لهم.
وبالعودة إلى منظمة التحرير
الفلسطيني التي غاب دورها الأساس وهو رعاية شؤون اللاجئين في المخيمات والمحافظة عل
وجودهم السياسي فيها، اقتصر دورها برعاية شؤون حركة فتح فقط وباقي الفصائل المنضوية
تحت مسماها أصبحت ملحقة بها أو ملحقة بمسؤول معين. من هنا ندعو المنظمة بكل فصائلها
وعلى رأسها حركة فتح التي تعتبر العامود الفقري لفصائل المنظمة بإعادة تفعيل دورها
الجامع لكل اطياف الشعب الفلسطيني السياسي و العسكري لما فيه المصلحة العامة، كي لا
تُتهم بأنها تريد نشر الفوضى داخل المخيمات ومن هنا نتسآل عن السبب الحقيقي لحل الكفاح
المسلح الفلسطيني المؤسسة الجامعة والحيادية داخل المجتمع الفلسطيني، أيعقل ان يعيش
مجتمع كمجتمعنا دون سلطة ودون جهة رادعة ودون قانون ؟ ومن هنا أرى أن ما وصلنا اليه
اليوم بعد حل الكفاح المسلح و حتى البديل الصغير ـ القوة الامنية المشتركة ـ والتي
من المفترض انها تحاسب المخل بأمن المخيم لا تستطيع بحجمها او امكاناتها ان تحل نزاع
بين اثنين وقع خلاف بينهما سوى عن طريق تبويس اللحى وإرضاء الظالم والمظلوم سوياً،
وذلك بسبب الخلافات السياسية على تفعيل دورها، فقوى التحالف الفلسطيني لا تريد ان تمدها
بالعديد والعتاد لاعتبارات سياسية ضيقة، وكذلك هذه القوة الامنية لا وضع قانوي لها
في لبنان فبإمكان أي شخص رفع دعوى قضائية ضدها أو ضد أحد أعضائها محاسبته قانونياً،
مما يقيد حرية حركتها وسلطتها , فما هذا الواقع المهزلة.
ومن هنا أرى أنه من واجب الدولة
اللبناتنية ومنظمة التحرير وكذلك باقي القوى والفصائل الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية
باجتراح حلول لهذا العبث الأمني المتفاقم، واقترح في هذا المجال
أولاً : توحيد كافة جهود الفصائل
الفلسطينية وذلك من خلال إيجاد إطار جامع يكون مرجعية للشعب الفلسطيني في لبنان.
ثانياً : العمل على إيجاد جهة
أمنية متفق عليها من الجميع لضبط وضع المخيمات مغطاة سياسياً معترف بها من قبل الدولة
اللبنانية كي لا يلاحق المنتسبين إليها قانونياً
ثالثاً : تبني كافة الفصائل
والقوى الفلسطينية مشروع عفو عام عن الفلسطيني المسجون في السجون اللبنانية و كذلك
المطلوبين سياسياً للأجهزة الأمنية اللبنانية، وخصوصاً أنهم اصبحوا بالألاف في مخيماتنا
وذلك بسبب الإنتماء السياسي.