عين الحلوة: هل أتى يوم الحسم؟
بقلم: ملاك عقيل
قد لا تنفجر معادلة الإستقرار والوضع
الأمني المضبوط بحدّه الأدنى لا من القنيطرة، أو من طرابلس، أو من عرسال، أو من
سجن رومية، أو الجبهة الشمالية... بل من عين الحلوة.
صحيح أن الضربة الإسرائيلية الموجعة
التي طالت "حزب الله" في الجولان قد قلبت المعادلات رأساً على عقب،
وأوحت أن الحرب على الأبواب، وبأن الحدود الشرقية مصدر قلق دائم يدفع الدولة
برمّتها إلى البقاء في جهوزية دائمة، إلا أن العين تبقى على عين الحلوة... هنا
يروّج البعض لانفجار قد يطيح في حال حدوثه بمعادلة الإستقرار، المضمونة دولياً،
منذ عمر الأزمة في سوريا.
أوساط مطّلعة تؤكّد في هذا السياق ما
مفاده: "كلفة أي عملية عسكرية في عين الحلوة، بحثاً عن المطلوبين وعن الذين
يديرون العمليات الإنتحارية والتفجيرات، ستكون باهظة الثمن. والمخيم الذي يختصر
بتناقضاته القرار 194 والقضية الفلسطينية، ليس طرابلس أو سجن رومية أو عرسال، بل
أن قرار الحسم فيه قد يُدخل لبنان برمّته، وربما المنطقة، في مرحلة متقدّمة من
الصراع. ثمّة من يحاول اليوم إلباس المخيم رداء الإرهاب بما قد يجرّ إلى وقوع
الدولة في فخ المواجهة مع "موزاييك" متناقض من الفصائل والتنظيمات الفلسطينية
التي لن تتوانى عن الإلتحام في ما بينها، وبالتحديد دعم المجموعات الإرهابية، في
حال شنّت القوى العسكرية معركة بوجهها. وبالتأكيد، فإن الخلاف الفلسطيني ـ
الفلسطيني يُسهم أيضاً في جعل عين الحلوة أرضاً خصبة أكثر فأكثر لنزاع داخلي
متفلّت من الضوابط".
فالخلاف الفتحاوي اليوم بين الرئيس
الفلسطيني محمود عباس والقيادي السابق المطرود من "فتح" محمد دحلان
وداعميه، على رأسهم القائد السابق لـ "الكفاح المسلّح" العميد محمود
عيسى أو "اللينو"، يلقي بثقله على المخيم.
يترافق ذلك مع الأحاديث المتزايدة عن
ضغط داخلي وخارجي سيؤدّي إلى التأسيس لقيادة بديلة عن قيادة "أبو مازن"،
من خلال مؤتمر يزمع عقده في الخارج ( يتردّد أنه سيحصل في نيسان المقبل)، وعن وصول
"شنط المال" إلى دحلان، المتواجد حالياً في مصر، والتي رصدت
"ملايينها" مؤخّراً في غزة من أجل خلق حالة شعبية موازية بغطاء مخابراتي
ومالي وأمني ولوجستي.
كما كان لافتاً خروج المئات من أنصار
دحلان في قطاع غزة قبل نحو شهر تماماً في تظاهرات ضد أبو مازن مع نوع من التسهيل
والغطاء من جانب حركة "حماس" التي توصَف علاقتها اليوم مع القيادي
الفتحاوي المفصول من "الحركة" بعلاقة تنسيق واستيعاب طالما أن أبو مازن
هو الخصم المشترك.
في مقلب آخر، فإن كل
"داتا" المخيم اليوم موضوعة أمام الأجهزة الامنية: "داعش"
و"النصرة" و"كتائب عبدالله عزام" و"فتح الإسلام"
و"جند الشام"... حاضرة بقوة على ساحة المخيم. عمليات تجنيد الإنتحاريين
مستمرة والتنسيق مع الخارج "شغّال". وزير الداخلية بنفسه تحدّث قبل أيام
عن غرفة عمليات داخل عين الحلوة، وكان أكد بشكل رسمي للمرة الأولى وجود شادي
المولوي في المخيم، ملوّحاً بعدم إمكانية بقاء الأمور على ما هي عليه، وبأن
المحرّك لعملية جبل محسن الأخيرة موجود في عين الحلوة.
أمام هذا المشهد، تصبح كل الإحتمالات
واردة في عين الحلوة، بما فيها احتمال تجاوز الخط الأحمر، إن لناحية وصول الخلافات
داخل البيت "الفتحاوي" إلى حصول ما يشبه الإنقلاب الذي قد يؤدي إلى خلط
الأوراق داخله، أو لجهة اضطرار الأجهزة الأمنية اللبنانية إلى القيام بعملية
عسكرية محدودة تفرضها موجبات الأمر الواقع.
لكن مطّلعين يؤكدون في السياق، بأن
عين الحلوة ليست طرابلس ولا سجن رومية، وبأنها تختزن كمّاً هائلاً من الحسابات
الإقليمية والدولية المعقّدة التي قد تجعل من سيناريو الهجوم العسكري على المخيم
مجرد دعابة....
المصدر: ليبانونفايلز