القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

عين الحلوة وتفجير الداخل اللبناني

عين الحلوة وتفجير الداخل اللبناني

بقلم: جاد صعب

هل عاد مسلسل الاغتيالات الذي يستهدف قياديي وكوادر حركة «فتح» في مخيمي عين الحلوة ؟، في ظل تنامي حجم التنظيمات والمجموعات الاسلامية المتشددة التي تتناغم مع قوى ارهابية تعمل في سوريا؟، وهل محاولة اغتيال القيادي في حركة «فتح» عبد سلطان فجر امس في مخيم المية ومية، مقدمة لاستئناف هذا المسلسل؟. تساؤلات طُرحت بقوة في الاوساط الفلسطينية واللبنانية، وسط اجواء من الصراع الخفي يدور بين مختلف القوى الفلسطينية، وبخاصة بين حركة «فتح» كبرى التنظيمات الفلسطينية، وبين المجموعات الارهابية تقيم في عدد من احياء المخيم مربعات امنية مقفلة.

من جديد.. عادت الاضواء الامنية، لتُسلّط على مخيم عين الحلوة الذي «ارتاح» لاشهر ، من الحوادث الامنية التي تعود سكانه ان يعيشها، وهي حصدت لائحة طويلة من الضحايا، في ظل صراع خفي يدور بين التنظيمات والمجموعات الاسلامية المتطرفة التي تتناغم مع قوى ارهابية تعمل في لبنان وسوريا من جهة، وبين حركة «فتح» التي تشكل التنظيم الاكثر فاعلية عسكريا وبشريا.

وتلفت الاوساط الفلسطينية المتابعة في المخيم، الى ان حركة التنظيمات الاسلامية المتطرفة تتنامى اكثر فاكثر داخل المخيم، وهي تقيم مربعات امنية مقفلة لها، على الرغم من كل الخطط الامنية التي اعدتها القوى والفصائل الفلسطينية، لضبظ الوضع الامني في المخيم، بعد مسلسل طويل من الاستهدافات الامنية التي طاولت المخيم، وبخاصة مسلسل الاغتيالات الذي استهدف قياديي وكوادر حركة «فتح»، وآخرها اغتيال القيادي البارز في الحركة فتحي زيدان في الثاني عشر من نيسان الماضي.

وتأخذ الاوساط على القوة الامنية الفلسطينية تقييدها بخطوط حمر وضعتها المجموعات المرتبطة بالتنظيمات الارهابية، تمنعها من حسم الاشكالات الامنية التي تسجل معها، سيما وان القوة الامنية تعمل وفق خطة يحكمها التوافق الفلسطيني العام وعدم الذهاب بعيدا في المعالجة الامنية الى حد استئصال هذه المجموعات، وهو ما جرى خلال اشتباكات واشكالات سجلت في اعقاب تشكيل القوة الامنية الفلسطينية التي تشرف عليها لجنة امنية عليا ممثلة من حركة «فتح» والفصائل الاخرى، اضافة الى «عصبة الانصار الاسلامية» والحركة الاسلامية المجاهدة، وهما تنظيمان اسلاميان يبديان اعتدالا واضحا في تعاملهما مع الاحداث، فيما التنظيمات الاسلامية الاخرى، ومنها ما يطلق عليه اسم «الشباب المسلم» وهي تسمية ظهرت بعد دمج مسلحي «جند الشام» و«فتح الاسلام» فيه، وهما تنظيمان يضمان رموزا متورطة بعمليات ارهابية، وضع القضاء اللبناني يده عليها، فان هذه القوى تتعامل مع بقية الفصائل من باب الندية، وهي لا تتورع عن خوض اي اشكال او اشتباك مع حركة «فتح»، لمعرفة بالظروف التي تحكم عمل الحركة التي تبتعد في كل مرة عن خوض معركة عسكرية حاسمة مع هذه المجموعات.

وبرأي الاوساط نفسها، فانه لم يعد هناك مخاوف من ان يتحول مخيم عين الحلوة الى قاعدة للتنظيمات الارهابية، فالمخاوف مترسخة في اذهان سكان المخيم، بعد ان تحولت احياء بكامها داخل المخيم، الى مربعات امنية مقفلة تسيطر المجموعات المسلحة الخارجة عن الشرعية الفلسطينية والمتناغمة بالكامل مع تنظيم «داعش»، وهذه المجموعا باتت في وضع يمكنها تفجير الاوضاع متى ارادت ان تترجم «امر عمليات» يأتيها من اجندة التنظيمات الارهابية المتورطة بعمليات تفجير استهدفت مناطق لبنانية، او تلك العاملة في سوريا والعراق، واشارت الاوساط الى ان العشرات من هذه المجموعات التحق منذ اكثر من عامين في تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، والقتلى منهم يتم نعيهم داخل المخيم من قبل المجموعات الموالية لـ «داعش»، وهناك عدد من المقاتلين المنتمين للمجموعات، غادروا المخيم قبل اشهر قليلة للالتحاق بالتنظيمات الارهابية ..تحت عناوين «جهادية»، بعضهم عاد والبعض الآخر قاتل في حلب في سوريا والفالوجة في العراق.

وتقول الاوساط، ان الحصار المالي المفروض من دول الخليج على السلطة الفلسطينية في رام الله ومؤسساتها، وبخاصة منظمة التحرير الفلسطينية، وانعكاس ذلك على تمويل حركة «فتح» في دول الشتات، ومنها لبنان، اسهم بدرجة كبيرة في اضعاف قدرات وامكانيات الحركة التي تمارس تقنينا ماليا قاسيا، في ضوء نفور من جمهور الشباب من الالتحاق بالفصائل الفلسطينية، بفعل حالة اليأس الاجتماعي والمعيشي التي دفعتهم اليها الحصار الحياتي بفعل القوانين اللبنانية المعمول بها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، بالمقابل، تنشط التنظيمات الاسلامية المتطرفة في التبشير بدعوة «الجهاد» لمقاتلة «الكفار» وحثهم على الالتحاق بتنظيمات «الجهاد» في سوريا والعراق، من دون اغفال التحريض على الجيش اللبناني الذي يقع بعض نقاطه العسكرية في محاذاة مناطق تخضع للنفوذ العسكري لهذه التنظيمات.

وترى ان مطالبة السلطات اللبنانية المتواصلة بقواها العسكرية والامنية، للقوى والفصائل الفلسطينية باخذ دورها كاملا في الامساك بالوضع الامني داخل مخيم عين الحلوة، فاقت بكثير... حجم القدرات الذاتية للفصائل الفلسطينية وظروفها الموضوعية التي جعلتها عاجزة عن لعب هذا الدور، وبالتالي، فان اي جدية في حسم الامور، اذا توفرت، فانه سيقود الى تفجير امني واسع، نتائجه ستكون غير واضحة، وتقول.. المعالجة العسكرية الحاسمة للخلل الامني في المخيم قبل عام، تختلف كليا عن المعالجة اليوم، فالقوى الفلسطينية التي كانت قادرة على معالجة اشكالات امنية تورطت بها مجموعات صغيرة، هي عاجزة اليوم عن القيام بدور عسكري مباشر يضمن الوصول الى مرجعية امنية في المخيم، واي مواجهة للتنظيمات المتطرفة، فان ذلك يعني خوض صراع مسلح في ازقة واحياء مكتظة بعشرات الالاف من الفلسطينيين، وهذا الامر يزيد من المخاوف من توفر الظروف لدى الطرف الآخر بتفجير الوضع الامني، بما يسمح له بتحقيق المزيد من الانتشار في احياء جديدة في المخيم، كما حصل مع كل اشتباك حصل في السابق مارست فيه حركة «فتح» سياسة «ضبط النفس والعض على الجرح»، وقد نجحت القوى المتطرفة في «غزو» احياء كانت محسوبة على حركة «فتح»، ومنها حي حطين الذي بات يشكل الثقل البشري لتنظيم «الشباب المسلم».

هل من حسابات جديدة ..بعد «غزوة القاع»، على مخيم عين الحلوة ؟، تجيب الاوساط الفلسطينية المتابعة بالقول .. بعد الهجمات الارهابية التي استهدفت بلدة القاع البقاعية، هناك مخاوف امنية من ان تتحرك مجموعات وشبكات ارهابية داخل المخيم، تعمل وفق اجندة ارهابية، ولو اختلفت التسميات، وما يبرر وجود هذه المخاوف، التقديرات الامنية اللبنانية والفلسطينية، عن تكوّن بيئة داخل المخيم تحتضن هذه المجموعات التي تعمل في ظروف مريحة في مربعاتها الامنية، وبالتالي، فان لا خطوط حمر امام هذه المجموعات، طالما انها تنتهج الفكر التكفيري ـ الارهابي،

وتسخر الاوساط من سياسة غض النظر عما يجري، التي تمارسها الفصائل الاساسية في المخيم، وتغاطيها عن محاولات جر المخيم الى ما هو اخطر مما يسود راهنا، ويقول.. غدا سيزور لبنان عزام الاحمد المكلف من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بملف المخيمات الفلسطينية في لبنان، وسيسمع من المسؤولين اللبنانيين، السياسيين والامنيين والعسكريين، الكلام نفسه الذي سمعه قبل اشهر، بشأن الوضع الامني في مخيم عين الحلوة، والدعوة لان تأخذ السلطة الفلسطينية خطوات اكثر جدية في تحمل مسؤولياتها عن اكبر المخيمات الفلسطينية في الشتات، وسيسمع المسؤولون اللبنانيون، السياسيون والامنيون والعسكريون، الكلام نفسه الذي قاله الاحمد في زياراته السابقة، عن حرص فلسطيني على امن المخيمات والجوار ..والحفاظ على الامن اللبناني، والتأكيد على مواجهة كل الاستهدافات التي تطال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي تهدف الى جعل مخيم عين الحلوة رهينة بيد الارهاب.. ولكن كيف السبيل الى ذلك؟.

المصدر: الديار