غزّة
تترقّب طيّ صفحة العدوان الإسرائيليّ
بقلم:
د. عدنان أبو عامر
بينما
يستمرّ الجيش الإسرائيليّ في عمليّاته العسكريّة على غزّة لليوم الـ 16، وتردّ
"حماس" والفصائل الفلسطينيّة بإطلاق الصواريخ، يجري حراك دبلوماسيّ غير
مسبوق، في محاولة لوقف إطلاق النار، والتّوصل لتهدئة، وهذا ما تحّدث عنه
"المونيتور" في مقال سابق.
وكان آخر
هذه الجهود ما أعلنه الرّئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس، مساء 22/7 في خطاب مفاجئ في
رام الله عن توجّهه لمصر وإجراء محادثات مع الرئيس عبد الفتّاح السيسي وحركتي
"حماس" و"الجهاد"، وسافر لتركيا وقطر، والتقى رئيس المكتب
السياسيّ لحركة "حماس" خالد مشعل لوقف العدوان الإسرائيليّ، والتوصّل
لوقف إطلاق النّار.
ثمّ عقدت
القيادة الفلسطينيّة اجتماعاً طارئاً في رام الله فجر 23/7، وأصدرت بياناً
تضامنيّاً مع غزّة، مندّداً بـ"جرائم الجيش الإسرائيليّ"، مؤكّدة
"استمرار جهود وقف إطلاق النّار".
•
تحرّكات ماراثونيّة
وعلم
"المونيتور" من مسؤول بارز في مقرّ الرئاسة برام الله أنّ "عباس
قطع زيارته للسعوديّة فجأة، وعاد إلى رام الله مساء 22/7، وقام في السّاعات
الأخيرة بتحرّكات مكثّفة واتّصالات عاجلة مع زعماء المنطقة لإبرام وقف لإطلاق
النّار في غزّة، مستنداً في ذلك إلى المبادرة المصريّة، مع إدخال تعديلات عليها
بموافقة كلّ الأطراف".
وأشار
مدير مكتب مشعل في اتصال هاتفيّ "للمونيتور" إلى أنّه "سيعقد مساء
الأربعاء 23/7 مؤتمراً صحافيّاً في الدّوحة، في ضوء الحراك الدبلوماسيّ لوقف
العدوان المتواصل على غزّة، من دون إعطاء مزيد من التّفاصيل".
ومما
سارع في خطوات إعلان التّهدئة، وصول أمير قطر بصورة مفاجئة إلى السعوديّة للقاء
الملك مساء 22/7، لتعزيز محاولات الدوحة بالتوسّط لإبرام اتّفاق لوقف إطلاق النّار
بين إسرائيل و"حماس".
كما أجرى
رئيس الوزراء التركيّ رجب طيّب أردوغان يوم 17/7 اتّصالات لوقف حرب غزّة مع أمير
قطر ومحمود عبّاس وخالد مشعل والأمين العام للأمم المتّحدة والرئيسين الفرنسيّ
والإيرانيّ لإيجاد مخرج للحرب الدائرة.
وقد أبلغ
مسئول فلسطينيّ كبير "المونيتور" أنّ "اتّصالات وزير الخارجيّة
التركيّ داود أوغلو مع عبّاس ومشعل يوم 15/7 حاولت الخروج بموقف موحّد إزاء
إسرائيل، وتقريب مواقف الرجلين من شروط التهدئة، ورغبة تركيا بأن تسفر المواجهة في
غزّة عن إنجاز فلسطينيّ باستجابة إسرائيل للمطالب الفلسطينيّة".
وإنّ
وزير الخارجية الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان اتّهم قطر وتركيا بتخريب المبادرة
المصريّة للتّهدئة.
مع العلم
أنّ المبادرة المصريّة للتّهدئة ووقف إطلاق النّار، هي الوحيدة على الساحة
الدبلوماسيّة، حيث قبلتها إسرائيل من دون تحفّظات، لكن "حماس" رفضتها.
وفي وقت
لاحق، رفض مشعل زيارة القاهرة، للتباحث في المبادرة المصريّة، ممّا زاد التوتّر
بينهما.
وأكّد
عضو المكتب السياسيّ للحركة عزت الرشق في اتّصال مع "المونيتور" أنّ
"حماس ردت على طلب الزيارة بأنّ موقفها معروف من العرض المصريّ، وقد رفضته
لأسباب موضوعيّة، لكنّها لم ترفض الدّور المصريّ، وفي الوقت ذاته، فهي مستعدّة
للتّعاون مع أيّ تحرّك من أيّ طرف بما يحقّق المطالب الفلسطينيّة".
وعلم
"المونيتور" من مصدر دبلوماسيّ قطريّ أنّ "الدوحة تحوّلت في
الأيّام الأخيرة محطّة مركزيّة للحراك الدبلوماسيّ لوقف إطلاق النّار، واستقبلت
موفدين دوليّين في محاولة لتقريب وجهات النّظر بين "حماس" وإسرائيل.
لقد وصل
عبّاس للدوحة في 21/7، والتقى مشعل، وقال الرشق "للمونيتور": "إنّ
الرجلين بحثا في المبادرة المصريّة، بجانب جهود قطريّة وتركيّة قد تثمر
قريباً". ونفى "وجود مسودة اتّفاق بين مشعل وعباس في شأن التّهدئة".
• خطّ
اللاّرجعة
أوفد
عبّاس في 21/7 مدير جهاز المخابرات الفلسطينيّة ماجد فرج وعضو اللجنة المركزيّة
لـ"فتح" عزّام الأحمد إلى القاهرة لاطلاعها على نتائج لقائه مع مشعل،
وتصوّره لمسودة وقف النّار الجديدة أو المعدّلة.
تركيا لم
تكن بعيدة عن الحراك الدبلوماسيّ لوقف إطلاق النار في غزّة، فقد زارها عباس مساء
18/7، والتقى مع نظيره عبد الله غول، ثم اجتمع مع أردوغان للبحث في التّهدئة.
وشهدت
أنقرة زيارة أمير قطر في 15/7، التقى خلالها الرئيس غول وأردوغان للبحث في حرب
غزّة، والتوصّل إلى مسودة اتّفاق تهدئة ينهي العدوان عليها.
لقد علم
"المونيتور" من مصدر دبلوماسيّ في قطر "أنّ هناك خطاًّ هاتفيّاً
ساخناً بين الدّوحة وأنقرة منذ اندلاع العدوان على غزّة، للخروج بموقف موحّد إزاء
وقفه، وتحصيل تهدئة مشرّفة للفلسطينيّين.
وبدورها،
دخلت واشنطن على خطّ التّهدئة، حيث تلقّى وزير الخارجيّة القطريّ خالد العطيّة
اتصالاً هاتفيّاً مساء 21/7 من وزير الخارجيّة الأميركيّ جون كيري. ومن جهته، أجرى
العطيّة اتّصالاً آخر في 22/7 بوزير الخارجيّة التركيّ داوود أوغلو، وجرى خلال
الاتصالين بحث في تطوّرات حرب غزّة والسبل الكفيلة وقف العدوان الإسرائيليّ.
وزار
كيري القاهرة في 21/7، وبدأ مشاوراته مع الرئيس السيسي ووزير خارجيّته سامح شكري
والأمين العام للجامعة العربيّة نبيل العربي، للتوصّل إلى وقف الأعمال القتاليّة
في غزّة بأسرع ما يمكن.
وأبلغ
مصدر كبير في "حماس" "المونيتور" أنّ "كيري "تواصل
مع أوساط إقليميّة لديها تأثير على حماس لإحداث حلحلة في موقفها من المبادرة
المصريّة، والقبول بها، كمقدّمة لوقف إطلاق النّار في غزّة. وأنّ كيري يسعى إلى
التّوصل لوقف إطلاق نار لأسباب إنسانيّة طويلة الأجل من دون تحديد مدّة
زمنيّة"، مستبعداً أن يصل "رئيس الدبلوماسيّة الأميركيّة إلى المنطقة،
ويعود من دون أن يحقّق الهدف الذي وصل من أجله، وهو وقف إطلاق النّار".
وقال
القياديّ في "حماس" محمد نزال في حوار مع جريدة "الرسالة" في
غزّة: "إنّ حركته لا ترفض وجود هدنة إنسانيّة لساعات محدودة، لكنّها لن تقبل
بتهدئة طويلة الأمد قبل الاستجابة إلى مطالبها".
أخيراً،
علم "المونيتور" من مسؤول كبير في السلطة الفلسطينيّة أنّ
"التحرّكات الماراثونيّة بين غزّة ورام الله والقاهرة والدّوحة تشير إلى
الاقتراب من طيّ صفحة العدوان الإسرائيليّ، مع توافق الأطراف المحليّة والإقليميّة
والدوليّة لوقف النّزيف الحاصل، خشية انزلاق الأمور في غزّة إلى خطّ اللاّرجعة، مع
تطوّرات شهدتها الساحة السياسيّة في الساعات الأخيرة، كاشفاً عن "تعرّض حماس
وإسرائيل في اليومين الأخيرين إلى ضغوط غير مسبوقة إقليميّة ودوليّة لوقف إطلاق
النار".
المصدر: المونيتور