غزة
بعد الحرب: البحث عن مأوى
بقلم:
محمد فروانة
تُمسك
الأم هديّة النجار ببعض ملابس ابنها الذي زوّجته قبل شهرين، بعدما نفضت عنهم غبار
الصواريخ وركام منزلها الذي دمّره الاحتلال الاسرائيلي في شرق خان يونس.
حالة
حزن وألم شديدين ساوراها، حين وقفت على أطلال منزل شهد زفاف ابنها، وغرست في
حناياه هي وزوجها وأطفالها الثلاثة عشر، ذكريات تجمعت اليوم كصورة في إطار
المعاناة القاسي.
وفي
بلدة خزاعة التي كانت وما زالت شاهدة على دموية وهمجية الاحتلال وإمعانه في قتل
المدنيين وتدمير المنازل، تمكن أهلها من الوصول صباح أمس، بعد الإعلان عن وقف
إطلاق النار نتيجة التفاهمات التي جرت في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية والجانب
المصري وإسرائيل.
في
يوم العودة، بدأت تفاصيل المجزرة تتكشف أكثر، أمام هول الدمار، حيث البيوت ركام،
فلا حول لهم إلا الألم والحسرة.
وعلى
أنقاض منزلها المدمّر، وقفت هديّة النجار تقول، بعدما تمكنت من تحديد مكان منزلها،
«هُنا كان منزلي، ثلاثة طوابق جميلة، كُنا نعيش حياة هادئة. صحيح أننا نقطن على
الحدود وتعودنا على اعتداءات الاحتلال، لكننا كنا نعيش الحياة بحلوها ومرها، أما
الآن، فقد أصبحنا مشردين بلا مأوى».
وتضيف
في حديث إلى «السفير»: «هذا زلزال، جئنا إلى بيوتنا ولم نجد منها شيئاً، ابني الذي
زوجته قبل شهرين لم يفرح كثيراً في منزله لقد أصبح دماراً، كل مقتنياتنا لم يعد
لها أثر».
حال
هذه العائلة حال الكثير من الذين شرّدتهم وحشية الاحتلال، خصوصاً تلك التي على
الحدود الشرقية لقطاع غزة.
بالإضافة
إلى ما سبق، هناك معاناة الظروف المأساوية التي يعيشها النازحون داخل مراكز
الإيواء التابعة لـ«الأونروا»، إذ لا ماء ولا كهرباء، إلى جانب الأمراض التي
انتشرت بين الأطفال، في ظل غياب الأفق في إيجاد حل أو خطط لإعادة إعمار المنازل،
برغم حديث مجلس الوزراء الفلسطيني أمس، عن إصداره قراراً بتشكيل لجنة وزارية
للإشراف على جهود التحضير لإعادة إعمار غزة.
وفي
هذا السياق، يقول رضوان أبو رجيلة (47 عاماً)، وهو أب لسبعة أبناء، ويجلس في أحد
فصول مدرسة لـ«الأونروا» في خان يونس في جنوب قطاع غزة: «لا نعلم إلى متى سنبقى
نعاني هنا، منزلي دمره الاحتلال، وأنا وأسرتي أصبحنا مشردين منذ بداية الحرب على
غزة، لكن المعاناة أصبحت اثنتين، معاناة في مراكز اللجوء ومعاناة التشريد».
ويضيف
أبو رجيلة لـ«السفير»: «نحن نعيش هنا ظروف مأساوية للغاية، لا ماء ولا كهرباء،
وبالكاد نستطيع توفير الطعام، هذه ليست حياة، لقد قصفونا وشردونا ورضينا بذلك فداء
للوطن وللمقاومة ولنعيش حياة كريمة، لكننا هنا نعيش حياة بلا حياة».
أما
زوجته خولة التي بدت على وجهها ملامح البؤس والشقاء، فتقول: «نحن لم نذهب إلى
خزاعة لأننا على يقين أن منزلنا دمره الاحتلال، يكفينا جراح وألم، لا نريد أن نرى
بيتنا الجميل وقد أصبح ركاماً».
وتوضح
أن «ما يهمنا الآن هو إعادة الإعمار كي لا نصبح مشردين، نحن نعيش هنا ظروف صعبة
للغاية».
المصدر:
السفير