غزة
وخياراتهم الأمنية والعسكرية
د.عصام
شاور
نشرت
صحيفة الأهرام خبرا يفيد بأنه سيتم الإعلان رسميا خلال أيام عن خلو مصر من جميع
مظاهر الإرهاب، في سيناء وفي أي مكان آخر لتبدأ معركة جديدة مع " الطابور
الخامس" الذي يضم سياسيين وصحفيين وأعضاء من حزب النور وبمنظمات مجتمع مدني
وحقوق الإنسان. من جانب آخر، هدد وزير خارجية الانقلاب المصري نبيل فهمي بأن رد
مصر سيكون قاسيًا إذا شعرنا بأطراف في حماس أو أطراف أخرى تحاول المساس بالأمن
القومي المصري، وأن الرد يتضمن خيارات عسكرية وأمنية، ولكنها لن تؤدي إلى معاناة
للمواطن الفلسطيني.
ما نفهمه
من سياق ما سبق هو توجيه اتهامات ووعيد لجهات داخلية وخارجية، وما نفهمه أيضا
الإيحاء بأن الانقلاب نجح في القضاء على " الإرهاب" في سيناء وغيرها من
البؤر مثل كرداسة، وإذا تعمقنا في تحليل رسائل الانقلاب فإننا نصل إلى نتيجة
مفادها بأن الانقلابيين فشلوا فشلا ذريعا في سيناء، وفي قمع المظاهرات الشعبية
السلمية في باقي محافظات مصر. نقول إنهم فشلوا في سيناء لعلمنا وحسب تقارير مصرية
وأجنبية بوجود آلاف المسلحين، ومنهم من ينتمى إلى تيارات إسلامية متشددة، وآخرون
يعملون في التهريب وتجارة السلاح، ولم يتجاوز عدد الذين قتلتهم القوات المصرية في
سيناء _منذ بدء العمليات_ المئات، وغالبيتهم من المدنيين والنساء والأطفال، ولكن
يبدو أن الجيش قرر وقف عملياته بعد الضربات المميتة التي تلقاها في الأسبوعين
الأخيرين، فقرر التراجع عن حربه الوهمية ضد الإرهاب خشية تكبده المزيد من الخسائر
في الأرواح، أو من حصول انشقاقات في وحداته المتواجدة في سيناء.
الانقلابيون
يبحثون عن معارك وانتصارات وهمية للتغطية على فشلهم في إدارة البلاد، وعلى التدهور
الحاصل في جميع مناحي الحياة وخاصة الاقتصادية والأمنية. معاركه الوهمية بحاجة إلى
أعداء ولذلك وقع الاختيار على السياسيين والإعلاميين، وحتى على منظمات حقوق
الإنسان، وكذلك على حزب النور حليفهم الإسلامي في الانقلاب على الشرعية وعلى الشعب
المصري، هؤلاء من الداخل، وأعتقد أنهم سيفشلون في مواجهتهم فشلا ذريعا إذا شرعوا
في اتخاذ إجراءات عقابية ضدهم.
أما
بالنسبة للتهديد الموجه إلى حماس، فأعتقد أنه يجب أخذ الموضوع على محمل الجد بكل
ما تعنيه الكلمة من معنى، والمستهدف ليس أطرافًا من حماس أو تنظيم حماس، ولكنهم
يستهدفون غزة ويريدون مضاعفة معاناة أهلها حتى تركع بغض النظر عن أقوال نبيل فهمي،
فهؤلاء قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ في ميدان رابعة وأحرقوا جثثهم واعتبروهم
إرهابيين، وأطفال غزة وأهلها ليسوا أغلى من أهل مصر بالنسبة لعلمانيين قتلة لا
إنسانية لديهم ولا ضمير.
لا نريد
استباق الأحداث والإسهاب في الأمور الحساسة، ومع ذلك فإن الواقع يؤكد بأن المقاومة
الفلسطينية في غزة استعدت تمام الاستعداد لمواجهة العدو الإسرائيلي، وهي قادرة على
ردعه وإذلاله مرات ومرات سواء هاجم القطاع جوًا وبرًا وبحرًا أو جاءها من الجهات
الأربعة، وستنكسر شوكة العدو وسينكسر الحصار بإذن الله الواحد القهار.