فروا
من موت مخيم اليرموك وعلى البلاط يقبعون بالاردن
بقلم: هديل
الدسوقي
"هربنا
من فم الموت باعجوبة، اسبوع كامل ونحن نسير ليلا نهارا في الصحراء على اقدامنا
تارة وعبر وسائل النقل المختلفة تارة اخرى حتى المخصص منها للاغنام صعدناه، كي
نتمكن من اللجوء الى الاردن".
بهذه
الكلمات بدات اللاجئة السورية ام اياد حديثها لـ"السبيل"، تلك المرأة
التي بدت منهكة من طول السفر الذي كانت على موعد مع الموت فيه في اي لحظة برفقة
اسرتها وعائلات اخرى.
فرت من
مخيم اليرموك ووصلت الاراضي الاردنية منذ ثلاثة ايام عقب حصاره وتعرضه للقصف
الشديد من قبل قوات بشار الاسد.
الثلاثينية
ام اياد لم يكن ذاك لقبها الحقيقي وانما المستعار لتخوفها الشديد من تعقبها من قبل
مخابرات النظام السوري، قالت انها من حمص، وتسكن وعائلتها هناك، وحينما اشتد القصف
في بلدتها، وبدأ القتل واغتصاب السيدات، فرت الى مخيم اليرموك.
في
مخيم اليرموك استضافتها عائلات فلسطينية لاجئة هناك، واحسنوا ضيافتها، كما تقول،
غير ان الحصار والقصف المتتالي على المخيم، والجوع الذي قتل الكثيرين دفعها للفرار
منه مرة اخرى، كي تلجأ الى الاردن.
يعمل
زوج ام اياد في احدى الدكاكين الصغيرة، وقد اصيب بلوثة وفوبيا خوف شديدة من قوات
نظام الاسد، وحتى اللحظات الاخيرة التي يقضيها في الاردن كثيرا ما يتلفت خلفه،
ليصف لها ما شاهد في مخيم اليرموك.
ام
اياد كانت اكثر جرأة في حديثها، وقالت ان الجوع قتل الكثيرين، ونبت الارض ما عاد
يسد جوعهم، وتناولوا مرارا لحوم القطط والكلاب كي ينجوا ويبقوا على قيد الحياة.
قالت
ان النساء اللواتي يضطررن للخروج من منازلهم يفتقدن، ولا يعدن الى منازلهن، ولا
يدري احد اين يختفين، اهو الاعتقال مصيرهن ام القتل ام الاغتصاب، فبنات الجيران في
حيها حيث كانت في حمص مفقودات، وتعرضت امهاتهن لاعاقات نفسية اشبه بالجنون.
يقع
منزل ام اياد في حمص قرب مقام خالد بن الوليد، وتؤكد ان منزلها قصف وسوته قوات
الاسد بالارض.
ومكثت
على حد قولها اسبوعا كاملا بين جري ومشي وركوب على مدار ساعات اليوم وبشكل متواصل
دون نوم وفي حماية رجالات من الجيش الحر، ليتمكنوا من مغادرة مخيم اليرموك الذي
نزحوا اليه.
في
مخيم اليرموك حيث الموت المحقق في انتظار كل من يبقي فيه، رافقهم الجيش الحر
لتامين مخرج لهم، لم تكن تملك سوى الدعاء، وتؤكد انها كانت تعبر وعائلتها حواجز
الجيش النظامي بتلاوتها "وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم
فهم لا يبصرون".
بتلك
الاية كانت تجتاز بسلام حواجز قوات الاسد المتسلحة بالخناجر والسكاكين واليات
الحرب من اسلحة ودبابات وغيرها ، ذاكرة ان "لشيعة دخلوا عليهم من لبنان،
وراحوا يذبحون الاهالي العزل دون رحمة.
من شدة
الخوف تساقط شعر ابنتها البالغة من العمر ست سنوات، والتي كانت تصر على ارتداء
الحجاب ببراءة كي تستر تلك البقع الخالية من الشعر في راسها، وكي لا يعايرها احد
الاطفال بقولهم "يا صلعة".
وابدت
ام اياد اعجابها بالجيش الاردني الذي احتضنهم ومنحهم الدف والطعام حينما استقبلهم
على الحدود قائلة "كانوا احن علينا من جيشنا، وفي داخلهم رحمة لا توصف".
اليوم
تمكث ام اياد واسرتها في غرفتين على البلاطة بالهاشمي الشمالي في العاصمة عمان،
والمنزل يكاد يكون خاويا على عروسه من كل مستلزمات الحياة، وبالكاد جمع اهل الخير
نصف مبلغ اجرة البيت البالغ 100 دينار.
ولا
تزال في حاجة لمساعدة من يكمل لها المبلغ لتدفع اجرة الغرفتين، فهل تجد اذنا صاغية
تقضي حاجتها وحاجة اسرتها، لتسهم في تامين الماكل والملبس والمشرب.
وفي
تصريح خاص من مصدر مطلع من قبل احد منظمات الاغاثة للاجئين السوريين
لـ"السبيل" اكد ان مفوضية الامم المتحدة لا تقدم مساعدات فورية للاجئيين
حال قدومهم للاردن، وان استدعاءهم لاخذ بصمة العين ومن ثم تقديم المساعدات لهم
يستغرق نحو ستة شهور.
المصدر:
السبيل الأردنية