القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

فلسطين النكبة الزائلة

فلسطين النكبة الزائلة

كان شبابنا في غزة والضفة والجولان ومارون الراس، على بعد سياج فقط من فلسطين. على بعد سياج مخترق.. ولو بدمائهم وصرخاتهم وحجارتهم.

سياج فقط ما يفصل فلسطينيي الشتات والمخيمات عن فلسطينهم، والسوريين عن جولانهم، واللبنانيين عن نصر جديد يحققونه بعزيمة الشعب الذي يريد... وما يريده لا يطلبه من غرب وبوش وأوباما وحلف أطلسي وأموال نفط.. بل يصنعه وحده كما العادة.

ذلك الشاب الذي زحف داخل السياج في مارون الراس، أبقى دماءه هناك. عند ذلك السياج بأشواكه، وتلك الأرض التي بات يعشق، ولا يعرف لها معنى، سوى أنّها صلة الوصل بحلم أصبح واقعاً في عينيه ويديه وقدميه وقلبه، ينزف حباً قبل أن ينزف الدماء فوقها. ذلك الشاب الذي لا نعرف له اسماً، ورأيناه صورة تخترق السياج وتزرع الأمل، لا يمكن أن يزول بزوال الخامس عشر من أيار، ولا يمكن أن يختفي أثره بكلام قادة العدو، ولا بخيانة كلّ خائن، كائناً من كان.

لم يكن العلم الفلسطيني وحده في المكان رغم زهوه واختياله ملء السماء. فقد تعانق معه العلم اللبناني يتناول الألوان منه ويسكب الأحمر طريقاً نازفاً نحو الأرض التي اشتاق إليها. وتعانق معه علم سوريا الذي اخترق الجولان، ورفع في وجه محتل، كما دماء الشهداء والجرحى، مستعيدة وجهتها الأولى وسيرتها الأولى، ونظرت مجدل شمس ورددت أغنية ما زالت تصدح كلماتها وألحانها في كلّ ضمير حي: «يرفع علم سوريّة يرفع فوق.. فوق ترابو.. عطشان للحرية.. مشتاق للأوطان.. ينده على الحرية».

تلك مرّة يتيمة، لن تكون يتيمة بعد اليوم. تلك مرّة هبّ فيها شباب المخيم، ومعه من معه من فلسطينيي الداخل، واللبنانيين، والسوريين وسوريي الداخل، وكذلك المصريون والأردنيون ولو على خجل، كما لم يكن يوماً إلاّ في حرب بائدة... ونكبة.

لم يكن الخامس عشر من أيار هذا العام إحياءً للنكبة يهدف إلى تذكرها، للركون إليها أبد الدهر.. كان مختلفاً بدمائه وشعاراته... وبجبهاته المفتوحة على عدوّ وجهت الرسالة الأولى إليه، فامتطى خوفه ورشق الرصاص رعباً...

أما الرسالة الثانية فهي بيننا.. بين من رأى فلسطين منّا عن قرب، فأبى إلاّ أن يكون فيها ولو شهيداً. الرسالة الثانية لنا.. لنترك خوفنا للصهيوني وحده، وننزع لبوس شكّ يعترينا، ونخلع طبقات عمالة تتواطأ علينا، ونهبّ من جبهاتنا المفتوحة، كما هببنا في الخامس عشر من أيار، وبسلاح وعتاد هذه المرة.. فالفرصة سانحة، والعنوان واضح، وفلسطين لا يبعدنا عنها أكثر من سياج... سياج فقط.

المصدر: السفير