فلسطين
بين 67 نكبة و48 نكسة
بقلم:
عمر كلاب
لا تحتاج القضية
الفلسطينية الى تواطؤ علم الحساب مع باقي الظروف الاقليمية الصعبة لبيان مدى التراجع
الحاد في الاهتمام العالمي والعربي وحتى الفلسطيني - الفلسطيني بها، فالقضية تعيش اليوم
حَسب علم الحساب ذكرى نكبتها الـ 67 وذكرى نكستها الـ 48 في العام 2015 المسبوق بسنوات
عجاف من الشُحار العربي الذي اضاع معظم دول الطوق كما اضاع معظم دول الفعل العربي الاستراتيجي
وجعلها مشغولة بوجودها على الخريطة الفعلية قبل الخريطة السياسية.
القضية الفلسطينية
تعيش الآن بين قوسين من ذكرى 67 نكبة وذكرى 48 نكسة، ودلالة الارقام مربوطة بالبدايات
التي يعرفها الشارع الفلسطيني والشارع العربي على العموم فمجرد ذكر سنوات 48 و67 تكفي
لاسترجاع كل ذكريات الهجرة واللجوء والضياع خارج الوطن الفلسطيني، واستجرار ما رافقهما
من خيانات وعمالات افضت الى ضياع وطن وضياع شعب بات مشردا على ارصفة الدول ومخيمات
الصفيح.
لم يكتفِ الشحار
العربي بتراجع تراتبية القضية الفلسطينة على جدوله وتراجع الاهتمام بها، بل اضاف سوادا
اكبر على قلب القضية الفلسطينة واغلق معظم شرايينها، فقضية اللاجئين التي كانت شاهدا
على النكبة والنكسة والعامل الابرز في بقاء جذوة القضية، تم اختطافها لصالح اللاجئين
الجدد من سوريا وليبيا والعراق والتفاعل ينزاح الى الحدث الاقرب وليس الى الحدث الابعد
لذلك نرى قضية اللجوء السوري تطغى على قضية اللجوء العراقي فما بالها باللجوء الفلسطيني؟
الذي انحاز لاجئه الى الاستقرار بدل العودة وتحسين شروط التواجد على اراضي دول اللجوء
بدل احياء حلم التحرير.
الدولة العربية
الرسمية التي كان تعاملها بالأساس مع القضية الفلسطينة على قاعدة درء المفاسد خير من
جلب المنافع، ودرء الخطر الاعظم بالخطر الاصغر وجدت ضالتها في سنوات الشحار العربي،
مسنودة بخواء عقل وسلة السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير وفصائل المنظمة من
اي مشروع وطني يعيد الحياة الى اوصال القضية، فالسلطة مشغولة بترتيب اوضاع حزبها الحاكم
- حركة فتح - ومعالجة تجنحها او انقسامها وحركة حماس بات حلمها عدم فتح الجبهة المصرية
على قطاع غزة ووقوعها بين فكي الكماشة وطبعا باقي الفصائل تعتبر مجرد بقاء هياكلها
الكرتونية انتصار تاريخي.
الدلالة الرقمية
الموجعة في العام 2015 ربما ستكون الاقل وجعا بعد الانتخابات الاسرائيلية ووصول اليمين
الذي يعاني من زبادة كوليسترول التطرف في شرايينه الى الحكم، فيهودية الدولة حاضرة
وامامنا مزيد من اللاجئين الذي يقدر عددهم بمليوني لاجئ، ما يعني قلب ذكرى النكبة لتؤخذ
شكل الاحتفال بدل السواد واستذكار قواشين الارض ومفاتيح المنازل قياسا بانكبة الجديدة
وحينها لن نعترض اذا ما شاهدنا في المخيمات ابراجا وناطحات سحاب وليس مجرد بناء من
اربعة طوابق.
انشغال الدول
العربية بظرفها الداخلي وصيانة بناء الدولة الرسمية وصون هيبتها ليس مبررا للتراخي
الفلسطيني والانشغال بالبناء الفصائلي على حساب البناء الوطني ولا هي فرصة لكي يتمدد
كل فصيل على رقعة جغرافية تقع تحت الاحتلال والحصار ليرفع رايته الفصائلية على شكل
علم لدولته المخجلة والمرسومة في اوهامه فقط، بل فرصة لاطلاق ثورة عارمة تمتد الى خارج
الجغرافيا الفلسطينية ضد الفصائلية والانقسام وضد السلطة نفسها التي باتت تشتري الولاء
لاصنامها بدل الولاء لفلسطين وقضيتها.
اذا كانت سرقة
الربيع العربي وتحويله الى شحار في الدولة العربية الرسمية المحوكمة بالفردية ومسك
فسيفسائها لا تماسكه، فإن القضية الفلسطينة قابلة لربيعها الخاص بل هذا وقته الوطني
للانقضاض على كل البناءات المتكلسة وكل الفصائل الشوفينية لعودتها الى طريق تحرير الارض
والانسان تحت راية فلسطين، فإنشغال الدولة الرسمية العربية بشأنها الداخلي ارخى قبضتها
عن القضية الفلسطينية والعبث بها لاجندات خاصة، ولعله الفرصة المواتية لخلق واقع جديد
على الارض الفلسطينية.
المصدر: الدستور