القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

فلسطين في المزاد الأميركي!

فلسطين في المزاد الأميركي!

بقلم: د. علي راشد النعيمي

لقد اعتدنا على أن ينطلق سباق محاباة (إسرائيل) وكسب ودها ورضاها مع انطلاق حملات السباق للرئاسة الأميركية، وكل ذلك لما تملكه (إسرائيل) من نفوذ إعلامي ومالي من خلال اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن لم يكن أحد يتصور أن يصل الأمر بأحد المرشحين الحاليين هو "الجمهوري" نيوت جينجريتش إلى أن يلغي وجود الشعب الفلسطيني ويزعم أنه شعب ملفق، ويطلق صفة "إرهابيين" بصيغة التعميم على كل من ينتمي إلى هذا الشعب!

ونحن لا نحتاج أن نرد على مثل هذا اليميني المتطرف بتصريحات وشجب وتنديد بل لابد أن نفكر في عمل جاد يخدم مصالحنا ويمكننا من عرض قضيتنا العادلة بصورة مقنعة وفي قالب يفهمه الناخب الأميركي لأن اختياره سينعكس إيجاباً أو سلباً على مصالحنا مباشرة، والشعب الأميركي شعب منفتح يسهل التعامل معه إذا أحسنا اختيار الأساليب التي اعتاد عليها والتي يفهمها هو وليس بالأساليب التي اعتدنا نحن عليها، فالتواصل المباشر مع العديد من الأميركيين قد غير نظرتهم لنا كعرب ولقضايانا العادلة، وبالذات المثقفين منهم وأساتذة الجامعات والإعلاميين الذين لهم مكانتهم في المجتمع الأميركي.

إننا بحاجة إلى أن نصنع لنا أصدقاء مؤثرين في المجتمع الأميركي حتى يتولوا الرد على مثل هذا اليميني المتطرف لأنهم أقدر منا على فهم عقلية الأميركي وسبل إقناعه ولهم قبول في المجتمع الأميركي أكثر من أي متحدث رسمي عربي، وأذكر هنا أن الممثل المشهور "توم كروز" كان له تسجيل قديم موجود على اليوتيوب يحتقر ويزدري العرب فيه ولكنه بعد زيارته للإمارات واحتكاكه المباشر بأهلها تغيرت نظرته بصورة كاملة، وغيره الكثير ممن اختلفت نظرتهم للعرب بعد معايشتهم لهم.

إننا إذن بحاجة إلى مد جسور تواصل مع الشعب الأميركي مباشرة وهذه مسؤولية عامة يشترك فيها كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأي تعامل مع أفراد ذلك المجتمع لأن الولايات المتحدة هي القوة الكبرى في العالم شئنا أم أبينا، وستبقى كذلك في المستقبل المنظور، وعلينا أن نفكر بواقعية بعيداً عن الأماني والأحلام الوردية التي لن تؤدي بنا إلى أي نتيجة سوى تضرر مصالحنا. وعلينا أن ندرك أن (إسرائيل) لاعب رئيسي في السياسة الداخلية الأميركية، وليس الخارجية فقط، وإذا أردنا مواجهتها فعلينا أن نفهم قواعد اللعبة الداخلية للسياسة الأميركية وأن نحسن التعامل معها حتى نجعل مثل جينجريتش يحسب ألف حساب قبل أن يتجرأ ويصدر مثل هذه التصريحات العنصرية بكل المقاييس والأعراف الإنسانية، ولدينا في الولايات المتحدة جالية عربية كبيرة لها علاقاتها ومكانتها التي يجب أن نستثمر فيها وأن نستخدمها رأس حربة في ذلك وبالذات الجيل الجديد منها الذي يتطلع إلى مد الجسور مع جذوره، والذي يحسن استخدام الإعلام الاجتماعي الحديث ويملك تأثيراً كبيراً ومتزايداً في أوساط الأميركيين، فلو أن عشرة آلاف أميركي عربي ردوا بقوة على جينجريتش في موقعه على الفيسبوك وكذلك التويتر، وتابعوا ما ينشره يوميّاً بتعليقات رصينة ومقنعة فإنه سيضطر للاعتذار والتراجع عن أقواله العنصرية بحق الشعب الفلسطيني.