«فلسطيني ومعو آيفون؟»
بقلم: صفاء عياد
«فلسطيني ومعو ايفون؟» و«لبناني ومش شايف حالو»؟ هذه عينة
من الصور النمطية التي تكونت بين الشباب اللبناني والفلسطيني اللاجئ في لبنان، فهل من مخرج؟
يعيشون في البلد ذاته، ويدرسون في الجامعات ذاتها، لكنهم بعيدون كل البعد عن بعضهم. تفصل بينهم الأفكار المسبقة والصور النمطية، جدران صنعها اللبنانيون والفلسطينيون، فتحولت واقعا معاشا منذ عقود، لم يستطع أحد من الأطراف كسره أو تخطيه. لذا، بدت ورشة «رؤية مشتركة لمستقبل أفضل» التي شاركت في إقامتها جمعية «المرأة الخيرية الفلسطينية» و«الجمعية اللبنانية للتربية والتنشئة» نافذة في هذا الجدار العالي.
وائلة عويتي، المشرفة على مشروع بناء السلام، تشير إلى أن الفكرة طلعت «من تعاملنا مع الجمعيات اللبنانية، ورؤية حذر الضيوف في زيارة المخيمات والتعاطي مع اللاجئين». وتشدد عويتي على أن المشروع ليس هو الحل الجذري للتخلص من هذه الصور النمطية بل خطوة أولى. كما تشرح أن المشروع مقسم إلى ثلاث مراحل بدأت بنهار تعارفي بين الطلاب في حرج بيروت، إلا أن المرحلة الثانية من المشروع هي التي شكلت الحدث الفعلي الذي فاق توقعات المنظمين. فقد جُمع المشاركون على مدى يومين في ورشة عمل تطلبت الكثير من المصارحة، وجرى خلالها تعريف الصورة النمطية. وقد عرض منظمو ورشة العمل فيديو «شايف حالك» الذي يحكي عن العنصرية والأحكام المسبقة، هذه الجلسة كانت كفيلة بالتوصل للمصارحة بين الطرفين.
«ذاك الغريب الآخر». هكذا تعامل الشباب بعضهم مع بعض في بداية المشروع، إلا أن الأفكار والحكايا والهواجس والأحلام المتطايرة، كانت كفيلة بأن تبدد الغرابة. عبد الرحمن دبورة (فلسطيني 17 سنة) كان يرفض أن ينظر إليه اللبناني نظرة عطف أو شفقة، ويصف نفسه بأنه كان يتعاطى مع اللبنانيين بعصبية، لكن انخراطه في هذه الورشة جعله يدرك بأن التعامل يبدأ بالتعاون. اما إسراء العدوي (15 سنة، فلسطينية) فقد كانت تسمع من والدها بأن «اللبنانية مصلحجية» لكن بمشاركتها في هذا المشروع، أيقنت أن «كل ما نسمعه من البيئة الاجتماعية التي نعيش فيها يجعلنا نحكم على الأشخاص قبل معرفتهم». اما سارة علامة (16 سنة - لبنانية) التي كانت قلقة قبيل مشاركتها في ورشة العمل، فقد اكتشفت «انهم ليسوا من بيئة مختلفة، هم مثلنا ولا شك اننا نستطيع أن نكون سوا». سامر دغمان (لبناني 17 سنة) وبلال بيكجي (فلسطيني 18 سنة)، اللذان تشاركا النوم في غرفة واحدة، لم يناما ليلتهما لكثرة الحكايا وأخبار الشباب، وفي الصباح هزأ سامر من نفسه أمام الجميع، وسخر بقوله إن أول ما تبادر إلى ذهنه حين رأى الشاب الفلسطيني: «كيف فلسطيني ومعو إيفون؟!». يضحك الجميع ليجيبه بلال: «فكرتك جغل وشايف حالك، طلعت متلنا»، فيرد سامر «والله وطلعتو بتحبو التنكيت كمان»..
المرحلة الثالثة من المشروع خطها المشاركون بأنفسهم الأحد الفائت، فقدموا خلال ساعتين أمام أهاليهم وهيئات المجتمع المدني، مسرحية بعنوان «حبّت فلسطيني» من تأليفهم. وقد وزع المشاركون أرقاماً وأسئلة على الأهالي ليتعارفوا، وسريعاً ما بدأ الواحد يصطحب الآخر ليعرفه إلى أهله، وتلك تطلب الأذن لصديقتها لتقضي نهار العطلة عندها. لربما سيلزم تغيير هذه الصورة سنوات، إلا أن ما قام به هؤلاء لم يستطيع أن يصل إليه كثر قبلهم. هكذا يقول رباح مصطفى (فلسطيني 16 سنة) انه سيعود إلى المخيم «لأخبرهم باللهجة الفلسطينية: أنو زينا زيهون».. أما حسن طباجة (لبناني 16 سنة) فسيعود إلى مدرسته ليخبرهم انه «لا شيء يخيف من دخول المخيم!».
المصدر: الأخبار