فلسطينية رفعت رؤوسنا
خالد معالي
شاهد العالم يوم الثلاثاء الماضي
صورا من البطولات الخالدة للمقاومة الفلسطينية؛ حيث كانت أم الشهيد عامر أبو عيشة
تحمل جثمانه الطاهر وتشيعه مع المشيعين؛ في الوقت الذين كانت فيه أيضا أم الشهيد
مروان القواسمي تفتخر بنيل ابنها لقب شهيد؛ متمنية أن يكون كل الشباب مثله.
أعادت أم الشهيد أبو عيشة لنا
الذاكرة لخنساء فلسطين الراحلة أم نضال فرحات؛ وذكرتنا بلحظات توديعها لأبنائها
الشهداء، وأوضحت لنا كيف يكون التغلب على الضعف الإنساني بيقين الحق ونبل الهدف،
فأصبحت رمزًا للعطاء والتضحية والفداء لكل نساء العالمين.
ما أروعك وأجملك؛ أيتها الأم
الفلسطينية؛ والدة الشهداء والأسرى والجرحى؛ ما أصبرك وأنت تحملين وتشيعين ابنك
الشهيد بكل فخر واعتزاز ورضا. من أي طينة جبلت أيتها الأم الفلسطينية الصابرة
المحتسبة. أنت رفعت رؤوسنا عاليا وقتما رأيناك تهتفين مع المشيعين وتحملين نعش شهيدك،
وتقدمين فلذة كبدك دون تردد أو تراجع.
لم تتردد والدة الشهيد عامر أبو عيشة
في حمل جثمان نجلها، وسط الآلاف من أهالي محافظة الخليل، الذين تفاخروا بصبرها
وقدرة تحملها الكبيرة، ودعوا الله أن يلحقهم به شهداء ، ومطالبين المقاومة بالرد
والثأر لدماء الشهيدين الطاهرة، التي سالت لأجل فلسطين الحبيبة.
الشارع الفلسطيني بمجمله أنشد وتسمر
خلف شاشات التلفزة وهو يتابع مفاجأة حمل والدة الشهيد أبو عيشه نعشه في صورة لم
تحصل ولم تشاهد من قبل؛ وعبر عن فخره وتقديره بها؛ وسط تمنياتهم بأنّ تكون أمهاتهم
كأم الشهيد عامر وأم الشهيد مروان وان تكون الشهادة خاتمتهم.
تأمل معي كلمات والدة الشهيد مروان
القواسمي: "الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام، وإن شاء الله يكون
مروان قد نال الشهادة، والله يرضى عليه، وأتمنى أن يكون كل شباب المسلمين وفلسطين
مثل مروان، والله يجمعنا معه في الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء" .
وتابعت والدة الشهيد القواسمي كلامها
بوصف نجلها قائلة: " كان حنونا جداً، ودائماً مطيع وأمير، لا تفارقه
الابتسامة ويضفي جوا من المرح على العائلة، وربنا يرضى عليه ويحشرنا معه في
الجنة".
زغردي يا أم الشهيد وافرحي ولا
تحزني، وعلمينا دروسا من التضحية والفداء، وكيف نبني المجد وننتزع حريتنا من حلوق
أعدائنا، وأخبري العالم أنا لا نطيق الذل، ونحن لسنا بالعبيد بل أحرار مهما طال
المشوار.
لقد علمتينا يا أم الشهيد دروسا
كثيرة من بينها؛ أنه ليس في الموت فناء؛ بل الفوز بالجنان، وان من لم يمت بالرصاص
مات بغيره، فلتكن ميتة مشرفة وفوزا بالشهادة، والموت في النهاية سيطول الجميع،
فطال الأحرار وقوفا مرفوعي الرؤوس، "منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما
بدلوا تبديلا".