فلسطينيو الأردن: المقاومة تصون حق العودة
لم تُفلح سنوات العمر الطويلة التي قضاها اللاجئون الفلسطينيون خارج وطنهم في دفعهم إلى نسيان حقهم في العودة إلى فلسطين.
اللاجئون الفلسطينيون في الأردن حالهم كحال العديد من اللاجئين الذين تفاجأوا من تصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية في الحديث عن التنازل عن حق العودة.
وانطلاقاً من واجبهم تجاه أرضهم، رأى اللاجئون الفلسطينيون أن المساس بحق عودة اللاجئين إلى فلسطين "خط أحمر".
وأكدوا ضرورة العودة إلى المقاومة، وأنّ تحرير فلسطين لن يتحقق إلا بالمقاومة، لا عبر طاولة المفاوضات التي وصفوها بالعبثية، مؤكدين أن المشروع الصهيوني في انحسار، في ظلّ تقوقع الكيان الصهيوني ونهضة الشعوب العربية.
الفاعليات الشبابية والشعبية في الأردن أكدت في عدة مناسبات أن تصريحات مسؤولي السلطة الوطنية الفلسطينية بشأن حق العودة، هي تنازل صريح عمّا قدمه الشعب الفلسطيني في شتى مناطق اللجوء من رفض للتوطين، وأكدت إصرارها على العودة إلى أرضها المسلوبة.
وفي مخيم البقعة - أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن - نُظمت العديد من الفاعليات مسيرات ومؤتمرات تطالب بالتمسك بحق العودة، ونظمت أيضاً الحركة الإسلامية لقاءً ضم ممثلين عن مختلف القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية التي تمثل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن لتأكيد حق العودة وبحث الموقف من تصريحات الرئيس محمود عباس بشأن حق العودة، التي تزامنت مع وعد بلفور.
وأكد المجتمعون رفض التنازل عن ذرة تراب من فلسطين التاريخية، وأن أحداً لا يملك حق التنازل عن حق العودة، معبّرين عن رفضهم لمشاريع التوطين والوطن البديل، ومؤكدين أن الشعب الفلسطيني لن يرضى عن فلسطين بديلاً.
وقال رئيس لجنة العودة واللاجئين الفلسطينيين كاظم عايش، إن القضية الفلسطينية تعيش منعطفاً كبيراً تزامناً مع ذكرى وعد بلفور الذي رفضه الفلسطينيون والعرب والمسلمون، مشيراً إلى رفض السلطان عبد الحميد التنازل عن أي جزء من فلسطين؛ "لأنها ليست ملكاً لأحد؛ ففلسطين تمثّل عقيدة بالنسبة إلى المسلمين".
وأشار عايش إلى إنشاء منظمة التحرير ووضع الميثاق الوطني الفلسطيني على أساس تحرير كل فلسطين بالمقاومة والسلاح وتجريم أي تنازل عن ذرة تراب منها، مؤكداً أن العودة ليست فقط حقاً يتمسك به الفلسطينيون، بل أصبحت مفتاحاً لحل القضية الفلسطينية وجوهرها، ودعا عايش إلى مؤتمر يضمّ كل الفصائل لإعادة الاعتبار إلى المقاومة طريقاً لتحرير فلسطين، مشيراً إلى أن الصهاينة يزيدون في تماديهم كلما قدمت لهم التنازلات، وطالب كذلك بإلغاء كل المعاهدات مع العدو الصهيوني.
من جهته، تحدث القيادي في الحركة الإسلامية محمد عقل، إلى أنه لا يمكن أحداً أن يفرّط بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، مضيفاً: "إن هذه العبارات لا تستغرب من موقعي اتفاقية أوسلو، لكن المستغرب هو إبقاء هؤلاء المسؤولين في منصب يدعي تمثيل الشعب الفلسطيني"، مطالباً قادة حركة فتح بالعودة إلى نضالهم حتى تحرير فلسطين، ومستنكراً اعتقال السلطة للمقاومين ومصادرة سلاحهم إرضاءً للاحتلال.
واستنكر عقل سياسة تنصيب أناس للنطق باسم مخيمات الشتات في الأردن لتنفيذ أدوار معينة واستهداف القوى المطالبة بالإصلاح، مؤكداً ضرورة إعادة المرجعية لمن يمثلون المخيمات تمثيلاً حقيقياً ويعبّرون عن إرادتهم.
وأصدر المجتمعون في ختام اللقاء بياناً أدانوا فيه مواقف الدول الغربية الداعمة للاحتلال، مؤكدين حق العودة إلى فلسطين التاريخية، وأنه لا يملك أحد حق التنازل عن حق العودة أو عن أي ذرة من تراب فلسطين، وشددوا على حق المقاومة بكل صورها حتى يتحقق التحرير.
واستنكروا أيضاً تصريحات عباس، مشيرين إلى أنها تأتي خارج السياق الوطني الفلسطيني، ولا يمكن تبريرها، مطالبين حركة فتح بموقف واضح تجاه مثل هذه التنازلات التي لا تخدم سوى الصهاينة، وطالبوا كذلك فصائل الشعب الفلسطيني وقواه بالتوحد من وراء حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة والمقاومة وإنهاء كل أشكال الانقسام وأن يكون لهم برنامج وطني واحد عنوانه التمسك بالحقوق، لا التفريط بها.
وأكد مشاركون في اعتصام رمزي أمام السفارة الفلسطينية أن لا أحد يقبل بالتفريط بذرّة من تراب فلسطين، مشددين على أن حق العودة لا يمكن أحداً التنازل عنه.
ويأتي هذا الاعتصام الذي دعت إليه لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النقابية، احتجاجاً على تصريحات كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أدلى بها على القناة العاشرة الإسرائيلية.
وقال نقيب المهندسين الزراعيين الأردنيين زياد أبو غنيمة "إن الحق الذي نجتمع عليه اليوم، وأنتم اليوم تمثلون جزءاً من أولياء هذا الحق، تعترف به الطبيعة الإنسانية في أن يعود المهجَّر من أرضه، الذي أُخرج قسراً وظلماً وعدواناً، إلى الأرض التي أُخرج منها، إلى أرضه، بعيداً عن تصريحات البعض، وتأويلات البعض الآخر".
وتابع: "أعود إلى أرضي، وحتى إن لم أكن أنا، فسيعود ابني وحفيدي إليها، وحقي في عودتي إلى ارضي حق لا تسقطه القوانين، ولا تقادم سنوات، ولا تغير الأجيال وتبدلها".
وبيّن أن سياسة فرض الأمر الواقع التي يستخدمها الكيان الصهيوني في تغيير وجه الأرض، بالتهجير وقرارات الترحيل والهدم، لن تغير جوهر حق العودة، ولن تثني العزم على المضي قدماً في الدفاع عن هذا الحق.
وحمل نقابيون وحزبيون أردنيون شاركوا في الاعتصام شعار "حق العودة.. حق مقدس"، معلنين رفضهم التنازل عن أي شبر من تراب فلسطين.
المصدر: مجلة العودة، العدد الـ63