فلسطينيو سورية
بين متاهة الصراع في سورية ونار النأي بالنفس
فايز أبوعيد
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية ما يقارب نصف
مليون نسمة، يتوزعون على خمسة عشر مخيماً و تجمعا ً، وقد اختار اللاجئون
الفلسطينيون منذ بداية الأزمة السورية سياسة الحياد الإيجابي وعدم التدخل بالشؤون
الداخلية لها كونهم ضيوف على هذا البلد، ولكن مع بداية الأزمة السورية زجت
المخيمات الفلسطينية بالأزمة وخاصة مخيم الرمل في اللاذقية الذي اعتبر المسبب
الرئيسي لهذه الأزمة ومن ثم تتالت محاولات الزج بهم من خلال الاغتيالات التي طالت
بعض ضباط جيش التحرير الفلسطيني فقد تم اغتيال العقيد الركن رضا الخضراء،العقيد
الركن عبد الناصر مقاري، والمقدم باسل أمين علي وغيرهم ومن ثم زج مخيم درعا فنال
نصيبه من التشريد وشتات الشتات فلجأ العديد منهم إلى المخيمات الفلسطينية، بعد أن
اتهمت مجموعات سلفية فلسطينية تابعة لمنظمة "جند الشام" ومنظمة
"فتح الإسلام" بالتورط في الأحداث الأولى التي شهدتها مدينة درعا، إضافة
إلى قتل 17 مجند من عناصر جيش التحرير الفلسطيني من مخيمي حندرات والنيرب بحلب
وأخيرا ما شهده مخيم اليرموك من أحداث متتالية وسريعة كانت بدايتها عندما خرج
المئات من أبناء المخيم في مسيرات مناهضة
ومنددة بجريمة قتل 17 جنديا من جيش التحرير الفلسطيني بعد اختطافهم بالقرب من
مخيمي النيرب وحندرات في حلب، للمطالبة
بعدم توريط الفلسطينيين بما تشهده سورية من أحداث أمنية ولكن تلك المظاهرة
راح ضحيتها قرابة الـ 10 من شباب المخيم والعشرات من الجرحى،وبعد ذلك ما حدث يوم
18/7/2012 من سقوط قذيفة هاون على جامع الرجولة مما أدى إلى عدد من الإصابات بين
السكان وأسفر ذلك القصف عن استشهاد أربعة
من أبناء المخيم،والحدث الذي فجع أبناء مخيم اليرموك وهز كيانهم هو الجريمة البشعة
التي استهدفت حي الجاعونة والتي راح ضحيتها أكثر من 20 شهيداً وعشرات الجرحى من
أبناء اللاجئين الفلسطينيين في سورية، هذا نهيك عن ما تعرض له مخيم السيدة زينب
ومخيم العائدين في حماة وحمص وسبينة والرمدان وغيرها من المخيمات الفلسطينية من
أذى وسقوط للشهداء وتشريد عدد كبير منهم وفرارهم إلى الدول المجاورة كلبنان
والأردن، وهناك من يعزو سبب اقحام المخيمات في أتون الصراع الدامي التي تشهده
سورية هو الموقع الجغرافي المتداخل للمخيمات مع المناطق الساخنة، وهنا لابد من طرح
السؤال التالي والذي يثير بدوره العديد من علامات الاستفهام، لماذا تم له إقحام المخيمات الفلسطينية في أتون الصراع
الدائر في سورية؟ وهل توريط الفلسطينيون والذين يبلغ نسبتهم 2.5% من مجموع سكان
سورية سيحسم الصراع الدائر في سورية لمصلحة طرف على حساب طرفا آخر، وإلى متى يبقى
اللاجئ الفلسطيني وقود للأزمات والمتغيرات السياسية التي تحدث في البلدان العربية،
ففي حرب الكويت والعراق دفع اللاجئ الفلسطيني ثمن قرار خاطئ اتخذته القيادة
الفلسطينية آنذاك ومنع من دخول كافة الدول الخليجية فطرد أكثر من 430 ألف لاجئ
فلسطيني من الكويت وتاهوا في أصقاع الأرض كلها، وعندما احتلت الولايات المتحدة
الأمريكية العراق دفع الفلسطيني فاتورة الصراع الطائفي فانتهى بهم المطاف إلى
مخيمات صحراوية على الحدود العربية ووزعوا على العديد من الدول الغربية فتعرضوا
للعديد من الانتهاكات الوحشية واللإنسانية، وحالهم في لبنان ليس بأفضل حال فهو
محروم من الكثير من حقوقهم المدنية و الاجتماعية.
المصدر: جريدة السبيل الأردنية