القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

فلسطينيو سورية والأونروا

فلسطينيو سورية والأونروا

إبراهيم العلي*

في محاولة جديدة لتقويض مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين، وتمهيداً لشطب حقهم في العودة، كثر الحديث مؤخراً عن حراك صهيوأمريكي لإنهاء عمل الأونروا إحدى الشواهد الدولية على نكبة فلسطين في سياق الحل النهائي للقضية الفلسطينية، في تجاهل تام لمعاناة أكثر من ستة ملايين لاجي فلسطيني يعتمدون بشكل كبير على الخدمات التي توفرها الأونروا على صعيد الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية.

فعلى صعيد عمل الأونروا ضمن مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سورية كنموذج حي وعملي على أهمية استمرار هذه المؤسسة الدولية، التي لم تكن خدماتها في مرحلة ما قبل الأزمة السورية تعني الكثيرللاجئين منهم - رغم تمسكهم بها كشاهد على نكبتهم- في ظل تمتعهم بالحقوق المدنية التي يستطيعون من خلالها الحصول على كافة الخدمات المقدمة للمواطنين السوريين في مجالات التعليم والصحة والعمل مما جعل دورها مكمّلاً لهذه الخدمات. ولكن شتان بين اليوم والأمس، فهي الآن بمثابة الرئة التي يتنفسون منها بعدما أتت الحرب السورية الممتدة منذ آذار-مارس 2011 على حصاد السنين السبعين، فلم تذر لهم منازل ومصادر رزق، واستنزفت طاقاتهم ومدخراتهم وأعادتهم إلى المربع الأول الذي وجد فيه جيل اللجوء الأول عام 1948، حتى أصبح 95% من اللاجئين في الداخل السوري يعتمدون على مساعداتها الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة.

وتشير البيانات الرسمية للأونروا قبيل الحرب السورية إلى وجود حوالي 530 الف لاجئ فلسطيني يتوزعون على تسعة مخيمات وستة تجمعات رئيسية، إلا أن الأزمة السورية تسببت بنزوح حوالي 270,000 لاجئ فلسطيني داخلياً إلى المدن والأحياء الآمنة نسبياً يسكنون في منازل مستأجرة أو مراكز إيواء، بينما لجأ إلى خارج سورية حوالي الـ (31) ألفاً إلى لبنان و(18) ألفاً إلى الأردن. بالإضافة إلى قرابة 85 ألفاً لجؤوا إلى أوروبا، وإلى مصر (6) آلاف، وإلى تركيا (8) آلاف، وفي غزة ألف فلسطينيي سوري - حسب إحصائيات تقديرية غير رسمية.

وضمن برنامج الاستجابة للأزمة السورية تقوم الأونروا داخل سورية بتقديم مساعدات نقدية وعينية للاجئين والنازحين الفلسطينيين داخل سورية، بيد أنها لا تلبي الحد الأدنى من احتياجاتهم في ظل التدهور الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة إلى 78%، وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية. كما تفرض الأونروا شروطاً يصعب تحققها لدى شريحة كبيرة من اللاجئين الذين يسكنون المناطق التي تشهد تدهوراً أمنياً، علاوة على حرمان اللاجئين الموجودين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة من المساعدات بحجة عدم القدرة على الوصول إليها وتصنيفها مناطق خطرة.

وفي لبنان يعتمد 93%مــن اللاجئــين الفلسـطينينين مـن سـوريا إلى لبنان علـى الأونروا للحصـول علــى مجموعــة واســعة مــن المســاعدات الاعتياديــة والإنســانية، بمـا فــي ذلــك الغــذاء والمــأوى والرعايــة الصحيــة والتعليــم، حيث تقدم الأونروا لهم بدلاً نقدياً شهرياً للسلة الغذائية والإيواء للعائلات المؤهلة من اللاجئين بحسب تصنيفها القائم على التحديث المستمر للبيانات -رغم استمرار حالة اللجوء- مما يجعل اللاجئ لا يشعر بالأمان الاجتماعي، ويسعى دوماً إلى طرق إضافية تضمن له قوت يومه، كالدفع بالأطفال أو النساء إلى سوق العمل في ظروف تفتقر إلى أدنى شروط السلامة، وبأجور متدنية ضمن بيئة قانونية تمنعه من ممارسة أي عمل بشكل نظامي.

أما الأردن فيعاني 83% من فلسطينيي سورية مـن ضعـف أو مـن ضعـف شـديد، بسبب غيـاب الصفـة القانونيـة النـاتج عــن سياســة الحكومــة بعــدم إدخــال اللاجئـيـن الفلســطينيين. وحرمانهم من الوصــول إلى المســاعدات الإنسانية المخصصــة للاجئيــن الآخريــن مــن ســورية، مما يجعل ما تقدمه الأونروا من مساعدات نقدية المصدر الأساسي للرزق لغالبية اللاجئين.

أما على صعيد الحماية فيواجــه اللاجئــون الفلســطينيون فــي ســوريا واللاجئون منهــا أزمــة حمايـة أكثـر مـن أي وقـت مضـى، ففـي داخـل سـوريا، تتعــرض بعــض أســر اللاجئين الفلسطينيين لمجموعــة مــن تهديـدات الحمايـة، فيمـا تتفاقـم احتياجـات الحمايـة بالنسـبة للاجئين الفلســطينينين مــن ســوريا فــي لبنــان والأردن بســبب حرمانهــم مــن الصفــة القانونيــة، مما يجعل متطلبات المرحلة لتطوير وسائل وأدوات وصلاحيات الأونروا أكثر إلحاحا ً، والعمل على تقديم الحماية الجسدية والقانونية بما يكفل حياة وكرامة اللاجئين الفلسطينيين.

* مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا