القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

فلسطينيو لبنان والذكرى السنوية لبداية عودة مبعدي مرج الزهور


أحمد الحاج علي

في 9/9/1993 بدأت العودة الفعلية لمبعدي مرج الزهور. انكسر قرار الاحتلال بعدم السماح برجوعهم إلى وطنهم، في أول عودة فلسطينية واسعة منذ عام 1948 نفذته المقاومة الفلسطينية بصمود فريد، قليلون صدّقوا أنه سيصل إلى تلك النتيجة. بعض الأثر قد جرى الحديث عنه، وبعضه يُكتشف مع السنين، وبعضه جدير بالملاحظة بعد مرور كل تلك السنوات.

أثر كبير للإبعاد كان على الفلسطينيين في لبنان، فقد حدث الإبعاد وقد مضى عامان فقط على نهاية الحرب الأهلية في لبنان. الفلسطينيون هم الخاسر الأكبر، تجاهلهم اتفاق الطائف، وأتى على ذكرهم مواربة في رفض التوطين، ليكون هذا الشعار شتيمة يومية يقذفها بوجه الفلسطينيين الكثير من المسؤولين اللبنانيين يومياً. وغدا شعار "حرب الآخرين على أرضنا" استهدافاً للفلسطينيين وكأنهم سبب الحرب واستمرارها لا ضحاياها. القوانين ضدهم، الكثير من أجهزة الدولة اللبنانية، البيئة المحلية، استثمار الوضع الأمني في المخيمات لغايات ورسائل.

في تلك الأجواء المشحونة ضد الفلسطينيين حصلت عملية الإبعاد. في البداية، أطلق مسؤولون لبنانيون أوصافاً على "اللاجئين الجدد" يأنف القلم عن كتابتها. كانت المفاجأة بالنسبة لهؤلاء، أن المبعدين هم من يرفضون الدخول إلى عمق الأراضي اللبنانية. وصلوا في ذروة قسوة البرد، فلازموا الصخور والثلوج، ليبقوا قريبين من أرض الوطن.

المسؤولون اللبنانيون الذين كانوا يتهمون الفلسطينيين بالسعي للتوطين منذ عام 1969 على أقل تقدير، وقعوا في حيرة من أمرهم أمام هؤلاء الذين جاؤوا بثياب خفيفة واعتصموا فوق الثلوج. بعض اللبنانيين الذين كانوا يرفضون الاعتراف بدور الفلسطينيين في نهضة بلدهم عاد مبعدو مرج الزهور ليذكّرونهم بأن الفلسطينيين يحوون العامل والمهندس والطبيب والأستاذ الجامعي. نُصبت جامعة ابن تيمية، فكانت الخيمة الأكبر. يؤمها أساتذة جامعيون من كل الاختصاصات تقريباً.

ارتبك العنصريون عندما شاهدوا التنظيم الدقيق للمبعدين بلجانهم، وناطقيهم، وأوقاتهم، ومحاضراتهم، وتصاريحهم، وفعالياتهم. كانوا وجه فلسطين الأنصع، فعززوا أيضاً من ثقة اللبنانيين المتضامنين مع القضية الفلسطينية. وأعادوا الثقة للفلسطينيين في لبنان بأنفسهم، بعد انكسارات وخيبات خلال الحرب الأهلية اللبنانية وما تلاها من تهميش واضطهاد.

الخير الذي زرعه المبعدون إلى مرج الزهور ترك نبتاً وزرعاً في كل ساحة تواجد فيها فلسطينيون، وكانت الجغرافيا اللبنانية من أكثر الساحات التي استفادت من ذلك الزرع، الذي ما زال يؤتي أكله حتى اليوم.