القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

فليسقط محمود عباس

فليسقط محمود عباس

ساطع نور الدين

ساد الضحك في القاعة، واتجهت الأنظار فجأة الى افراد الحرس الرئاسي الفلسطيني لعل أحدهم يصرخ بأعلى صوته مطالباً بسقوط الرئيس، عندما قال محمود عباس انه اذا ما طالب اثنان فقط من حراسه بتنحّيه فإنه ومن دون تردد سيكون ثالثهما، حتى ولو جاء الطلب قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أيار المقبل، التي جزم مرة أخرى بانه لن يكون مرشحاً فيها.

لم يكن الرئيس الفلسطيني يمزح ولا كان يجامل أحداً. فهذا دأبه ولسان حاله منذ ان تسلم المسؤولية التاريخية خلفاً للراحل ياسر عرفات. لكن كلامه في سياق الرد على اسئلة عابرة عن الربيع العربي الذي تأخر في الحلول على فلسطين، ولم يشهد حتى الآن على ان القضية الفلسطينية هي قضيته المركزية او على الاقل هي احد عناوين الانتفاضة العربية الراهنة من اجل الحرية والديموقراطية والعدالة. لا حرج في ذلك فهذا شأن داخلي خاص بكل بلد عربي. والشعار الفلسطيني الأثير الذي رفعته حركة فتح منذ انطلاقتها هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، لكي لا يتدخل احد في الشؤون الداخلية الفلسطينية: «وقد جرّبنا مرة.. ولن نعيد الكرة»، حسب تعبير الرئيس عباس، الذي أغفل انه كانت هناك تجربتان بائستان في الاردن ثم لبنان، لا تجربة واحدة!

«لكن التحفظ الفلسطيني في النقاش حول الربيع العربي، والذي وصل بالرئيس عباس الى حد القول الساخر تعليقاً على هجوم القوات السورية الأخير على المخيمات الفلسطينية في شمالي سوريا: «ضرب الحبيب زبيب»، لا يُخفي مشاعر الفلسطينيين، قيادة وجمهوراً، المؤيدة للشارع العربي من دون تردد، مع بعض الشعور بالحسرة على حلفاء قدامى وقفوا معهم في اللحظات الحرجة، لكنهم اليوم يتساقطون الواحد تلو الآخر. والموقف المسرحي الذي سعى الرئيس الفلسطيني الى نشره في القاعة، يعكس هذا الاحساس، حتى عندما يقول إن على الجانب الفلسطيني ان يبقى على الحياد بانتظار ان يكتمل ذلك الربيع وتتفتح زهوره، او عندما يؤكد أن على زملائه الحكام العرب ان يلبوا مطالب شعوبهم قبل فوات الأوان.

لكن الجميع أحرار وهم أدرى بأحوالهم، والأفضل للفلسطيني ان يلزم الصمت.. برغم أن صمته يبوح بالكثير.

ربيع آخر يعني الفلسطيني ويهمه أكثر من الربيع العربي، هو ذلك الذي يمكن ان يصبح ربيعاً اسرائيلياً. ما بدأ كاحتجاج معيشي على ازمة سكن وازمة غلاء في (إسرائيل) وتحول الى تظاهرات ضخمة واعتصامات وحتى اشتباكات امام مبنى الكنيست قبل يومين، يمكن ان يبشر بالانتقال الى المطالبة بإسقاط النظام نفسه الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو ويرفض منذ العام 2009 اي بحث في مقاربة القضية الفلسطينية، برغم الضغوط الدولية الهائلة التي يتعرض لها.. والتي ستخضع لاختبار جدي في ايلول المقبل عندما تتوجه القيادة الفلسطينية الى مجلس الامن الدولي لطلب الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة العضوية في الامم المتحدة.

بعد هذا الاختبار لا أحد يعرف ما اذا كان اثنان من حراس عباس سيبادران الى المطالبة بإسقاطه.

المصدر: جريدة السفير اللبنانية