القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

في المقاومة.. الانتفاضة لا تقودها حكومة

في المقاومة.. الانتفاضة لا تقودها حكومة

بقلم: د. عصام عدوان

حراكات الشعوب عادة لا ترضي الحكومات. حسابات الحكومة غالباً تختلف وربما تعارض حسابات الشعب. الحكومة تضبطها أنظمة وقوانين، أو هكذا هو المفترض، بينما حراكات الشعوب في العادة تكون متمردة على الأنظمة والقوانين، وهي تتحرك خارج سياق القانون. الوضع الطبيعي لأي انتفاضة أو حراك شعبي ألا تقوده الحكومة، حتى ولو قيل إنها حكومة مقاومة، فهذا ليس مجالها، ولا اختصاصها، ولا يتناسب مع طبيعتها ومهامها.

في الانتفاضات السابقة للشعب الفلسطيني منذ الاحتلال البريطاني وحتى الآن لم يكن هناك دور إيجابي لصالح الانتفاضة لأي حكومة سواء حكومة احتلال أو حكومة وطنية، والذين يتوقعون من الحكومة القائمة بالأمر الواقع في رام الله أن تقدِّم شيئاً لانتفاضة القدس هم مجرد واهمين، وما مثلهم إلا كمن يزرع في البحر.

الانتفاضة بحاجة ماسّة، وعاجلة لقيادة مركزية تنبثق عنها قيادات لا مركزية في كل نواحي فلسطين. بالتأكيد ليس هذا مجال الحكومة، بل ربما – وفي لحظة ما تقررها الحكومة – يكون الصدام بين الحكومة المرتبطة بالعدو ارتباطاً عضوياً، وبين الشعب المنتفض. ولذلك لم يكن مستَغرباً أن تلجأ حكومة رام الله إلى فض مسيرة فصائلية في رام الله، فهي تعبِّر من خلال هذا الفعل عن طبيعتها وتقوم بالمهام الموكلة إليها وفق اتفاقيات سابقة مع العدو.

منظمة التحرير الفلسطينية اندمجت في السلطة الفلسطينية وأصبحت جهازاً من أجهزة السلطة عكس ما هو مفترَض. ووفق التزامات منظمة التحرير التي وقّعت عليها في أوسلو وأخواتها، فإن المنظمة أصبحت جهازاً سلطوياً لا يمكنه أن يقف إلى جانب، أو يدعم، أو يقود انتفاضة شعب يطلب حقوقه من العدو المغتصِب. ما ينطبق على سلوك الحكومات تجاه شعوبها ينطبق أيضاً على سلوك منظمة التحرير الفلسطينية تجاه انتفاضة شعبها. وإن اللهاث وراء قيام منظمة التحرير بقيادة الانتفاضة كمن يجري وراء سراب، وما هو ببالغ الماء فيه.

الفصائل الفلسطينية في موقفها من الانتفاضة فريقان، فريق قيَّد نفسه بمواقف منظمة التحرير فهو غير قادر ولا مؤهل لأن يتحرك خارج إرادتها، وفريق آخر يمتلك الجرأة ولديه القدرة ليتحرك خارج حسابات منظمة التحرير وسلطتها، ربما بعضهم متردد، لكنه لو أراد فإنه يستطيع، وبالتالي هو بحاجة لعملية شد تجذبه نحو الخيار الشعبي وتصرفه عن الخيار السلطوي.

إن بمقدور الفصائل، التي هي خارج منظمة التحرير، أن تحمل الراية وأن تسعى لاستقطاب أكبر عدد من الفصائل الفلسطينية حولها وحول الانتفاضة، وهي قادرة على ذلك على أرضية التأليف والتوفيق، وتقديم بعض التنازلات غير المبدئية، ولكنها تنازلات ميدانية يتطلبها الحراك الشعبي المنتشر على مساحة الجغرافية الفلسطينية.

وكلما كان تشكيل هذه القيادة الشعبية للانتفاضة أقرب كلما منحنا الانتفاضة روحاً تسري فيها لسنوات طوال، وجنبناها محاولات القوى السلطوية لإجهاضها. ومن كان يسعى لوحدة الشعب الفلسطيني فإن شعار "اللقاء فوق أرض المعركة" الذي لطالما رفعته حركة فتح ووضعته شرطاً لأي وحدة وطنية، يصبح شعاراً ضرورياً للمرحلة، نأمل أن يلتزم به الكل الفلسطيني وألا تشذ عنه حركة فتح.

المصدر: فلسطين أون لاين