القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

في ذكرى النكبة.. أين تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارس الأونروا؟!

في ذكرى النكبة.. أين تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارس الأونروا؟!

الأربعاء، 11 أيار، 2011
هيثم أبو الغزلان

النكبة الفلسطينية باتت تعد من أبرز الأحداث التاريخية والسياسية في العالم، إلى جانب كونها أحد أهم الأحداث المأساوية في تاريخ أمتنا، لأنها مثلت نقطة البداية لتأسيس الكيان الصهيوني كمشروع استعماري، يهدف إلى إضعاف الأمة وإنهاكها استكمالاً لما بدأه الاستعمار الغربي، فليس بالإمكان فصل المشروع الصهيوني عن المشاريع.. الاستعمارية الغربية التي انطلقت بانطلاق حركة الكشوف الجغرافية، كما لا يمكن فصل نكبة الشعب الفلسطيني عن نكبة الأمة وانحطاطها الحضاري، ولكن رغم كل ما فعله الكيان الصهيوني وقام به من مجازر ضد الشعب الفلسطيني إلا أن صمود الفلسطيني ومقاومته قد أفشلت العديد من الأهداف الصهيونية، وبالتالي فشل مشروعه الإحلالي الاستعماري.

وقامت العصابات الصهيونية بطرد وتهجير الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين خلال النكبة الفلسطينية عام 1948، حيث تم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني ما بين الأعوام 1947-1949، وبقي نحو 150 ألف فلسطيني فقط في المناطق التي أعلنتها إسرائيل بتاريخ 15 أيار 1948 ما أسمتها دولة. وهنالك ما يقارب 400 ألف فلسطيني معظمهم هجّر للمرة الثانية أثناء الحرب العربية - الإسرائيلية في العام 1967 (لاجئي ال67 أو "النازحين") وعدد منهم هجّر داخلياً بمن فيهم الفلسطينيون من شرقي القدس. كما تواصلت بعدها عمليات التهجير القسري للفلسطينيين ومنهم اللاجئين من المناطق المحتلة عام 1967 وفي مناطق الشتات وبأشكالٍ مختلفة.

التهجير القسري

وهجرت غالبية اللاجئين الفلسطينيين من القرى والبلدات والمدن التي أقيمت على أراضيها الدولة العبرية الجديدة. وقد تم تجريدهم من مواطنتهم وجنسيتهم من خلال قانون الجنسية الإسرائيلي للعام 1952 والذي منعهم من العودة إلى منازلهم وأراضيهم. أما المهجرون الفلسطينيون داخل ما سُمِّي بالخط الأخضر فقد مُنحوا ما سمي "المواطنة الإسرائيلية" لكن مُنعوا من العودة إلى منازلهم وأراضيهم الأصلية. وقامت حكومات إسرائيل المتعاقبة بمصادرة ممتلكات اللاجئين لتصبح تحت تصرف اليهود "بمن فيهم اليهود الذين لا يملكون الجنسية الإسرائيلية أو غير المقيمين في الدولة" (مصادرات العام 1948). أما بقية اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين (على سبيل المثال أولئك الذين هجّروا لأول مرة في العام 1967 وبعده) فتعود أصولهم إلى المناطق التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، وسُمح لأعدادٍ قليلة جداً منهم في أيلول من العام 1967 بالعودة من الأردن ضمن عملية أدارها الصليب الأحمر الدولي ومُنِع الباقون من العودة إلى منازلهم وديارهم الأصلية.

وتعتبر إسرائيل الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية مواطنين "أجانب أو غرباء". كما قامت حكومات إسرائيل بمصادرة أو فرض السيطرة على حوالي ثلثي أراضيهم وأعطت جميع اليهود صلاحية استخدامها والاستفادة منها (مصادرات العام 1967). ومن الجدير ذكره أن الفلسطينيين كانوا قد امتلكوا قبل العام 1948 ما نسبته أكثر من 90% من الأراضي، أما اليوم فهم يملكون أقل من 10% فقط من هذه الأراضي.

حقوق اللاجئين

بعد مرور 63 عاماً على تهجير الفلسطينيين واقتلاعهم عن أرضهم في العام 1948، يبقى اللاجئون والمهجرون متمسكين بحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، ويجب تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم وبممتلكاتهم. فهم الذين لا يرضون عن العودة بديلاً، وهذا كان أحد المداخل الرئيسية التي أدت إلى صعود نجم المقاومة الفلسطينية التي جعلت من القضية قضية سياسية، وحاربت من أجل أن لا يتم تحويلها أو اختزالها إلى قضية إنسانية فقط. وأسفر إعلان المبادئ والاتفاقات اللاحقة والتي يطلق عليها اتفاقية أوسلو وملحقاتها عن إقصاء لاجئي نكبة عام 1948. وساور اللاجئون وموظفو الأونروا من الفلسطينيين القلق بوجه خاص عندما أعلن المفوض العام بُعيد توقيع إعلان المبادئ بأن وكالة الأونروا سوف تتحضر، على ضوء "عملية السلام،" لحل نفسها في غضون فترة مدتها خمس سنوات. وقد تفاقم الاضطراب السياسي جراء قرار الوكالة القاضي بتمويل برنامج ما سمي إقرار السلام الرامي إلى مساعدة السلطة الفلسطينية في تشييد بنيتها الأساسية.

هذا البرنامج "إقرار السلام" كشف بأن وكالة الأونروا ليست في منأى عن الوسط السياسي، وإنما متورطة للغاية في الترتيبات السياسية المحلية والدولية المتغيرة. فالتأييد العلني الذي أبدته الأونروا لمفاوضات أوسلو السياسية، وخططها آنذاك الهادفة إلى "حل" نفسها، والخطوات التي اتخذتها لمساعدة السلطة الفلسطينية في بناء مؤسسات "الدولة،" قبل حل مشكلة اللاجئين، كشف عن الصلات المعقدة بين المجالين الإنساني والسياسي.

فالأونروا معنية بشكل مباشر، بتوفير خدمات الإغاثة والصحة والتعليم لأكثر من 65٪ من أبناء الشعب الفلسطيني، يمثلون الكتلة اللاجئة في الداخل والشتات. وبتحقيق ستة أهداف، تتلخص بـ: تحسين ظروف المعيشة للاجئين الفلسطينيين، والتمتع بحقوق الإنسان إلى أكبر مدى ممكن، وتحسين وتطوير الإمكانيات الاقتصادية، وتحسين ظروف المعيشة للفئات المهمّشة، وزيادة قدرات الفرد والمجتمع على استخدام الإمكانيات الموجودة، وتنظيم وإدارة الذات بطريقة مستدامة، وتطوير استراتيجيات التكيف والتأقلم لأكثر أفراد المجتمع الفلسطيني.

وبحسب رندة فرح في شبكة السياسات الفلسطينية (الأونروا والفلسطينيون: علاقة مضطربة ولكن ضرورية) فإن الأونروا منظمة تتقاطع فيها العمليات المحلية والإقليمية والدولية، وتعكس المفارقات والتناقضات والمشهد السياسي المتغير في المنطقة بقدر ما تعيد تشكيل المجتمع الفلسطيني. ليس للوكالة هوية واحدة بل هويات متعددة وهي مسرح للمصالح والسياسات المتنوعة وأحياناً المتضاربة. لذا، ليس من المستغرب أن علاقة الأونروا بالفلسطينيين قد تذبذبت عبر العقود القليلة الماضية: فالفلسطينيون يدركون بأن إسرائيل والقوى الغربية كان لديها خطط إبان عقد الخمسينيات لدمجهم في المنطقة العربية من خلال مشاريع اقتصادية كبرى تنفذها الأونروا على أمل أن يُسلِّم اللاجئون بنزوحهم وتجريدهم من ملكياتهم. وفي الواقع هناك تناقض متأصل في العلاقة بين الأونروا واللاجئين، إذ إن تاريخ الأونروا يبدأ بعد النزوح حينما جرى تحويل الفلسطينيين إلى "لاجئين،" ومهمتها "الإنسانية" قائمة على وجود "المستفيدين." وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين، فإن تاريخهم يبدأ قبل نكبتهم، أي قبل عام 1948 في قراهم وبلداتهم الأصلية، وهم يؤكدون على هوياتهم السياسية. ومع ذلك، فإن الفلسطينيين يدركون أهمية الأونروا كرمز لحقوقهم السياسية والقانونية، وكمصدر رئيسي للرزق في أماكن مثل لبنان وغزة، وعلى الرغم من الشكوك حول سياساتها وبرامجها، فإنهم يعارضون بحزم حلها حتى يحصلوا على حقوقهم".

إغاثة إلى حين العودة

ومن المعروف أن الفلسطينيين منذ نكبة فلسطين 1948 يعانون من وضعهم الاجتماعي والمعيشي كما يعانون من القمع والقتل والتشريد في فلسطين. و"وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين" "الأونروا" الهدف من إنشائها توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والمهنية لمساعدة اللاجئين في المخيمات لحين عودتهم إلى أرضهم المسروقة..

من المعلوم أن الأونروا قد أنشئت بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (302) في دورتها الرابعة بتاريخ (8 / كانون أول (ديسمبر) 1949). وقد سبق ذلك قرار صادر عن الجمعية العامة في دورتها الثالثة (11/كانون أول/ 1948) يحمل الرقم 194، وتنص الفقرة (11) منه صراحة على ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وقراهم الأصلية التي هجروا منها جراء الحرب. كما نص القرار في فقرته الثانية على إنشاء لجنة توفيق دولية تنفذ قرار العودة، وأكد القرار على ضرورة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ديارهم.

وشددت الأمم المتحدة على قرار حق العودة (194) أكثر من مئة مرة في قرارات صادرة عن الجمعية العامة، وأبرزها: القرار (513) لعام 1952؛ القرار (2452) لعام 1968؛ والقرار (2936) لعام 1972، كما صدرت قرارات عن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبرت أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ناجمة عن إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مع الإشارة إلى أن قرار حق العودة (194) قد صدر قبل نحو ستة شهور من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/أيار/1949 على قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة شرط التزامها بقرارات الهيئة الدولية ومن ضمنها القرار (194).

وبعيداً عن دورها المعلن فقد قامت الأونروا بمحاولة جديدة لفرض تدريس"الهولوكوست "وهي ما يسمى" بـ"المحرقة اليهودية" ضمن مناهجها في مدارس الوكالة في الأردن. وكانت "الأونروا" حاولت ذلك قبل عام تقريباً في قطاع غزة. وقد لاقت الأونروا ردود فعل شاجبة ومنددة من قبل اللاجئين لهذه المحاولة...

وكانت "الأونروا" تحاول إنكار هذا الخبر الذي أثار حفيظة من يؤمن بحق العودة ومن يؤمن بأن إسرائيل تقوم كل يوم بمذابح وهلوكوستات ضد الفلسطينيين العرب. وها هي اليوم تحاول مرة أخرى، في ظروف يعيش فيها الشعب الفلسطيني أحوالاً صعبة من قتل وتهجير وتجهيل تحت الاحتلال.

وكتبت د. عايدة النجار في صحيفة الدستور الأردنية: "الحمد لله أن عيون الفلسطينيين ما زالت مفتوحة على كل من يحاول العبث بحق الفلسطينيين أو استغلال ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فـ"الأونروا" بهذه المحاولة تنكر فيها ما تقوم به إسرائيل من أعمال إجرامية ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال. وعلى الرغم من عدم اطلاعي على ما جاء في المنهج المقترح، إلا أنه ـ بلا شك ـ مبني على إستراتيجية تعليمية صهيونية، سارت على نهجها منذ بداية استعمارها لفلسطين وتشتيت أهلها في البلدات والمخيمات.. واليوم تريد إسرائيل مواصلة سياستها لترجع تاريخاً مشكوكاً به ولتعود لاستعطاف العالم والشحذ على المآسي من أجل إظهار إسرائيل واليهود بأنهم "ضحية" وأن لهم الحق في فلسطين على الرغم من مواصلتهم سرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية. إنهم يحاولون اليوم اعتبار الهولوكست من ضمن مناهج "حقوق الإنسان" التي أصبحت مفاهيمها أيضاً عرضة للتلاعب".

اللامبالاة والتقصير

بعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية والدولة العبرية اتفاقية أوسلو في العام 1993، طُرحت مسألة أساسية مع الأونروا من أجل إلزامية تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارسها، ولكن اليوم تقوم رابطة بيت المقدس لطلبة فلسطين بحملة أطلقت عليها اسم: "عائدون"، من أجل تدريس هاتين المادتين. فهذه القضية تعتبر أساسية ويقع على عاتقها بناء جيل وحفظ ذاكرة الآباء والأجداد وحدود الأرض الفلسطينية.

وفي الحقيقة، إن الأجيال الفلسطينية في مخيمات لبنان بحاجة أساسية إلى معرفة تاريخ بلدها وجغرافيته كي لا تمر السنون ويجد الجيل الجديد أو الأجيال القادمة أنفسهم «جاهلين» بتاريخ بلدهم. فشعوب الأرض كلها تسعى جاهدة لجعل أبنائها يتشربون تاريخ بلدهم ويعرفون جغرافيته، فيكون تدريس المادة إلزامياً كي يصبح الطالب مرتبطاً بأرضه ووطنه عبر معرفة تاريخه ودراسة جغرافية أرضه. ولهذه المشكلة الموجودة بعدين أساسيين:

ـ ما يتعلق بالأونروا.

ـ ما يتعلق بالفاعلين (مدراء مدارس، معلمين، مثقفين وكذلك المنظمات والفصائل الفلسطينية، وغيرهم...).

مما تقدم يلقي الضوء على المسؤولية الكبيرة للأونروا تجاه الشعب الفلسطيني المقتلع من أرضه ووطنه بقوة السلاح والبطش الصهيونيين. وعلى هذا فإن وجود الأونروا نفسه يعبر عن المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية للمجتمع الدولي عن خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والتزامه بضرورة عودتهم إلى ديارهم وأرضهم التي طردوا منها قسراً عام 1948. فهي قد ولدت في سياق المخاض السياسي للقضية الفلسطينية، وترتبط ديباجة قرار إنشائها بالفقرة (11) من القرار (194) المتعلق بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم. ولذلك فإنه من الطبيعي أن تقوم الأونروا برعاية وتقديم يد العون إلى الفلسطينيين والحفاظ على هويتهم بما يضمن عودتهم إلى أرضهم التي شردوا منها. ويأتي إصدار الأمم المتحدة لكتاب منشأ القضية الفلسطينية وتطورها (1917 ـ 1988)، والذي أُعدَّ للجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف في هذا السياق.

وإذا كانت الأونروا كما تقول لا تمانع في تدريس مادتي تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارسها، ولكنها أيضاً لا تُلزِم أحداً ولا تشجّع بإيجادها كتاباً مدرسياً خاصاً بذلك، أو إعادة التدريس بكتاب مؤسسة الدراسات الفلسطينية الخاص بتاريخ وجغرافية فلسطين على غرار ما هو حاصل في المدارس السورية أو إيجاد منهاج تقرهُ ككتاب التربية الوطنية في منهاج وزارة التربية والتعليم في الجمهورية اللبنانية. وإذا كانت التطورات السياسية التي حصلت في تسعينيات القرن الماضي قد أثرت بشكل أو بآخر على رؤية البعض من قضية فلسطين؛ بحيث أصبح هذا البعض يختزلها بالضفة الغربية وقطاع غزة، وتبنّي الأونروا بشكل أو بآخر معتدل أو متطرف لهذه النظرة قد أثر أيضاً وبشكل كبير على قضية تدريس هاتين المادتين وخصوصاً بعد توقيع اتفاقية أوسلو والضغوط التي مورست على الموظفين لمنع (تجيير) الرؤى السياسية ضمن مؤسسات الأونروا. ولذلك، فقد خَفَتَ الحديث عن هذه الأمور بشكل كبير وملاحظ لسببين:

ـ الضائقة الاقتصادية.

ـ فشل التسوية.

وعلى الرغم من هذين السببين إلا أن بعض المصادر الفلسطينية ترى أنه وفي ظل عدم ممانعة الأونروا أو تشجيعها لتدريس جغرافية وتاريخ فلسطين، إلا أنه توجد مساحة مفتوحة يمكن من خلالها للمعلم أن ينشط وبما لا يتجاوز أيضاً الخطوط الحمراء التي وضعتها الأونروا، وتضيف هذه المصادر: «يوجد معلمون يدرسون المادتين ولكن ليس بشكل منهجي أو من بداية السنة الدراسية». ويُسجَّل هنا، تراجع واضح عن الاهتمام بمناسبات وطنية كانت مدارس الأونروا تحييها كذكرى وعد بلفور أو النكبة حيث كانت تقام الاحتفالات أو يتم الحديث عن هذه الأمور بشكل مفصل للطلبة في صفوفهم.

إزاء هذه المشكلة الخطيرة بدأت تجري معالجات عديدة لها، وعلى الرغم من أهمية ذلك، إلا أنها تحتاج إلى تطوير لإنهاء هذه المشكلة جذرياً. من جانب آخر، بات يركز الأجداد على نقل تاريخ بلدهم إلى أبنائهم وأحفادهم كي لا يُنسى بعد فترة. وفي هذا الجانب بدأت مؤسسات فلسطينية عديدة تهتم بالتاريخ الشفوي، ويمثل مركز الشجرة في دمشق جانباً مهماً في ذلك من حيث التركيز على هذا الجانب وإصدار كتب تؤرخ لقرى وبلدات فلسطينية منها: «لوبية، بلد الشيخ...»، بالإضافة إلى عقد العديد من الجلسات التي يتحدث فيها كبار السن عن بلدهم ونشرها في كتب، كما فعل المدرس حسين لوباني من مخيم نهر البارد في طرابلس الذي أصدر كتاباً عن بلدته بعنوان «اليامون قرية في البال»، وياسر علي الذي أصدر كتاباً عن قريته بعنوان: «شعب وحاميتها»، ونبيل محمود السهلي الذي أصدر كتاباً عن قرية بلد الشيخ.

ولمواجهة مثل هذا الواقع المخيف، كما يصفه بعض الطلبة الفلسطينيين؛ أطلقت رابطة بيت المقدس لطلبة فلسطين حملة بعنوان: "عائدون" هدفها العمل لإعادة تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارس الأونروا، وذلك من أجل مواصلة تعريف أجيال شعبنا بفلسطين أرضاً وشعباً وحقوقاً ومقدسات للحيلولة دون استمرار تشويه الحقائق التاريخية المتعلقة بعروبة فلسطين. وأهداف الحملة تتلخص بـ:

1- العمل على إعادة تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارس الأونروا، والاهتمام بشؤون وقضايا الطلاب الفلسطينيين. والاهتمام بالطلاب من خلال تنمية الثقافة المتعلقة بتاريخ فلسطين، والعمل على إبطال كل مفاعيل القرارات المتعلقة بتدريس مواد تزور الحقائق المتعلقة بتاريخ فلسطين.

2- دعم حقوق الطالب الفلسطيني وإظهار معاناته ومآسيه جراء تقليص الأونروا الخدمات التعليمية.

3- العمل على إعادة النشيد الوطني الفلسطيني في مدارس الأونروا من خلال طابور الصباح.

4- ربط الطالب الفلسطيني بفلسطين وترسيخ حق العودة وتحرير الأرض في عقله ووجدانه.

ويرى الكاتب والباحث الفلسطيني علي بدوان أنه: "في الوقت الذي باتت فيه وكالة الأونروا تعاني من أزمات مالية متتالية، وفي حين ما زالت حاجات الشعب الفلسطيني مرتبطة باستمرار الوكالة في أداء رسالتها ووظيفتها تجاه مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، فإن تراجعات ملحوظة باتت هي السمة العامة في برامج الوكالة، في مختلف مواقع وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات الوكالة الخمسة المعروفة. وذلك لعدة أسباب، منها ما له علاقة بزيادة أعداد اللاجئين الفلسطينيين من جانب، ومنها ما يتعلق بتراجع مداخيل الوكالة، إضافة لبروز عامل خفي (ليس جديداً) يتمثل في سعي الولايات المتحدة لإنهاء عمل الوكالة، وإلقاء مهامها على الدول المضيفة للاجئين (سوريا، لبنان، الأردن) إضافة للسلطة الفلسطينية".يُشار إلى أن بعض النواب الأمريكيين الجمهوريين قد تقدموا بمشروع قرار إلى مجلس الشيوخ، حول اللاجئين في «الشرق الأوسط والخليج وشمال إفريقيا»، ركزوا فيه على فكرة «للاجئين الفلسطينيين حقوق وهناك لاجئون يهود لهم الحقوق ذاتها أيضاً»! وتكمن حقوق اللاجئين الفلسطينيين من وجهة نظرهم، في التوطين والمساواة. والمقصود بذلك توطين اللاجئين حيث هم، في ظل عملية التبادل السكاني التي حصلت بين يهود البلدان العربية الذين هاجروا إلى إسرائيل، وبين اللاجئين الفلسطينيين الذين حلوا في البلدان العربية، وعليه يقترح هؤلاء اعتبار مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بديلاً لوكالة الأونروا التي يجب إلغاؤها، وفق مشروع القرار المقدم من قبلهم إلى مجلس الشيوخ. إن تلك التطورات ليست معزولة عن الأزمات التي باتت تحيق بوكالة الأونروا، بعد تراجع خدماتها المقدمة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين. وهنا لا يمكن أن نعزل بعض الإجراءات والاقتراحات التي بدأت تحاول تمريرها جهات دولية متنفذة في الوكالة، عن المساعي الجارية لتحويل مهمات الوكالة وإحالتها على التقاعد، ومنها التعليمات التي تضمنتها الرسالة التي وجهها مؤخراً، وتحديداً في السابع عشر من فبراير الماضي 2011، مفوض عام وكالة الأونروا في لبنان (فيلبيو جراندي) إلى الموظفين في الوكالة. وقد أعاد فيها تحذيرهم من العمل السياسي، منبهاً إلى تحفَّظ الوكالة على مفاهيم وثقافة العودة، معتبراً أن عمل الوكالة إنساني بحت، وأن عودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم وفق القرار 194 لم تعد من اهتمامات الأونروا.. علماً أن عمل الأونروا يرتكز على مفهوم خدماتي ومفهوم سياسي، وأن عودة اللاجئين إلى فلسطين المحتلة عام 1948، تشكل صلب المفهوم السياسي لعمل الوكالة".

وأخيراً، يجب العمل على إبقاء الأونروا كشاهد على نكبة اللاجئين وكضرورة تذكر المجتمع الدولي وقوى الاستكبار بجريمتهم في اقتلاع شعب وإحلال شراذم من بقاع الأرض مكانه

المصدر: مجلة الوحده الإسلامية