في ذكرى انطلاقة حركة حماس نجدد العهد والولاء
طارق عليوة/ خاص لاجئ نت
• أولاً: لمحة تاريخيّة
إنّ الدور الإسلامي في العمل الوطني الفلسطيني، قديم قدم المواجهة مع الانتداب البريطاني والحركة الصهيونيّة، إذ أنّ الطابع العام للقيادة السياسيّة الفلسطينيّة حتى عام 1948م كان إسلاميّاً، علاوةً على الطابع التقليدي المشبع بالقيم الإسلاميّة للمجتمع الفلسطيني. فكانت حركة الجهاد والمقاومة بقيادة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، والقيادة العسكريّة لجيش الجهاد المقدس بيد عبد القادر الحسيني رحمهما الله وآخرين، كما كانت حركة عزّ الدين القسام قد أشعلت فتيل الثورة ضدّ المحتل البريطاني، والعدو الصهيوني على أرض فلسطين.
إلاّ أنّه نتيجة لخصوصيّة الصراع الفلسطيني - الصهيوني، فقد ظهر جيل من الشباب الفلسطيني المسلم الملتزم بالتنظيمات السياسيّة الإسلاميّة، والذي لم يقف عند قضية الدعوة والإصلاح والهداية، بل دمج بين العامل الوطني والديني منطلقاً من فكرة الجهاد في سبيل الله تعالى.
• صحوة إسلاميّة
وبعد حرب 1967م، بدأتْ صحوة إسلاميّة جديدة في الأراضي المحتلة، وذلك بسبب هزيمة حزيران، وما أوضحته تلك الهزيمة من فشل النظم العربيّة في مواجهة دولة الاحتلال، ومن تراجع للمدّ القومي واليساري في البلدان العربيّة. ويمكن اعتبار النّواة التنظيميّة الأولى للحركة الإسلاميّة الفلسطينيّة في السبعينات ممثلة في "المجمع الإسلامي" الذي أقامته الحركة الإسلاميّة أنذاك في قطاع غزّة، وهو جمعيّة إسلاميّة تقوم بنشاطات ثقافيّة وتربويّة، إضافة إلى عدد من الجمعيّات الإسلاميّة منها جمعيّة الشبان المسلمين وغيرها، وقد خاض دُعاة هذا التيار منذ عام 1929م، صراعاً مع بريطانيا أدّى إلى مطاردة عددٍ من قادتهم واعتقالهم . وفي الثمانينات اكتشف التنظيم الذي يتزعمه أمين المجمع الإسلامي في قطاع غزّة الشيخ أحمد ياسين، وحكم عليه بالسجن لمدّة 13 سنة، وتأسست بعد ذلك حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس".
• نشأة حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"
قامت حماس كحركة إسلاميّة شعبيّة جهادية، هدفها العام التحرير الشامل لأرض فلسطين، وإقامة حكم الله تعالى فيها. وتَعتبر حركة حماس نفسها امتداداً طبيعيّاً لكل الحركات الإسلاميّة التي سبقتها وقد (رفعت المصحف في يد، والبندقية في اليد الاخرى)، للذّود عن أرض فلسطين المقدسة، كحركة القسام وعبد القادر الحسيني، ومجموعات الشهيد أحمد عبد العزيز الفدائيّة، ونشطاء الحركة الإسلاميّة داخل فلسطين، من الذين مهدوا لاندلاع الانتفاضة.
وقامت حماس تهاجم مشاريع التسويّة الاستسلاميّة، ورفض قيام دولتين على أرض فلسطين: عربيّة ويهوديّة، ممّا دفع الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، إلى مهاجمة منظمة التحرير الفلسطينيّة، فقال: إنّ الحركة الإسلاميّة ستحلّ محلّ القيادة العلمانيّة للمنظمة في نهاية الأمر، وأنّه لا يرى إمكان تعايش دولتين: إحداهما إسرائيليّة، والأخرى فلسطينيّة". وقد حددت حركة حماس أنّ المعركة مع العدو الصهيوني هي معركة عقيدة، ووجود، وحياة.
• الانتفاضة الأولى، وإكتمال الولادة
لقد انطلقت الانتفاضة الأولى، في 8 ديسمبر 1987م، ومن ثمَّ تمَّ الإعلان عن تشكيل حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، في 14 ديسمبر 1987م. فكانت حماس هي المحرك الأساسي لهذه الانتفاضة حيث شكل عنصر الشباب معظم جسم هذه الحركة المقاومة، آخذاً على عاتقه حمل الإسلام منهج حياة وتحرر، وقد "نذر هذا الشباب نفسه من أجل إمضاء هذا المنهج وتثبيته من خلال العمل المؤسسي والتربوي (السري) بوسائل دقيقة للتجمع والتنظيم.
وقد انتشرت الشعارات الإسلاميّة وبكثافة، في المظاهرات وعلى جدران المدن والقرى والمخيمات، وتجاوبت الجماهير معها بشكل لافت للنظر ومن أبرز شعاراتها:"خيبر خيبر يا يهود، جيش محمّد سوف يعود"، "قسماً بالله الجبار لنعيدك يا دار باسم الدين، حتى يفر الغدار"، "الله أكبر ولله الحمد"، "الانتفاضة مستمرة حتى ينطق الحجر والشجر".
• حماس على رأس السلطة
عقدان من الزمن خاضت فيهما المقاومة الإسلاميّة في فلسطين معركة جهاديّة سجّلها التاريخ، أعادت فينا سيرة رجالنا الأوائل وتاريخنا المجيد، فقدمت قوافل الشهداء والمجاهدين. وقد سئم الناس وضاقوا ذرعاً بفساد السلطة ورموزها، فعلى الصعيد السياسي قادوا إلى هزائم وتنازلات ، وعلى الصعيد المالي حيث السرقات والفساد، وفي الإدارة فتحت السلطة السجون للشرفاء من المجادهدين كما فتحت جيوبها للنهب والسرقة.
وفي اللعبة الديمقراطيّة حققت حماس انتصاراً مدوياً لحصولها على 76 مقعداً في المجلس التشريعي المؤلف من 132 مقعداً، لتنتهي بذلك هيمنة فتح على المجلس والسلطة، وإن دل ذلك على شيء فهو ثقة أهل فلسطين بالإسلاميين وتطلعهم للحل الإسلاميّ.
بعدها تعرض قطاع غزّة الصامد لحصار غاشم مستمر حتى يومنا هذا، وإلى عدوان حقير من قبل ألة الإجرام الصهيونيّة، ولكنّ المقاومة الباسلة على أرض فلسطين إستطاعة الصبر والوقوف أمام الأمواج العالية والرياح العاتية، فكان النصر المؤزر لأبناء القسام والياسين، بفضل الله سبحانه.
• ختاماً
نتمنى لحركة حماس التوفيق والسداد، وأن تبقى دائماً كما عهدناها حركة جهاديّة لا تخشى في الله لومة لائم، حيث تذكرنا بمنهج السلف الصالح. أعانكِ الله يا حماس وسدد خطاكِ في عصر تكالبت عليكِ قوى الشر العالميّة، صهيونيّة وصليبيّة أو مذهبيّة، مع تخاذل عربي، وسكوت مُريب وتآمر داخل الصف الفلسطيني من فريق "أوسلو" وأعوانهم.