في رحاب الياسين
بقلم فادي حسين عبيد*
ترجل الفارس عن صهوة جواده، وفاحت رائحة
جسده الطيب أشلاء متناثرة عبقا طيبا من ريح الجنة، رحل قاهرا جبروت الاحتلال الصهيوني
الغاصب على كرسي متحرك من الإباء والعزة والرجولة، راسما لوحة عطرة من قصص أشبه بالإعجاز،
وبعد رحلة من الثبات والجهاد ترك ملامح وجهه طريقا للتحرير وسيرته الأسطورية درسا عظيما
فشق طريقا صعبا لتلك الأمة، التي لا زالت في سبات عميق بعدما استهدف طيران الغدر جسده
الطاهر عندما كان يؤدي صلاة الفجر في المسجد في جماعة، حيث لم تمنعه الإعاقة من أداءالعبادات
وتحديدا صلاة الفجر، التي تغافل عنها الكثير من المسلمين.
تبسم فجر الإثنين من اذار، وسطعت شمس شهادة
الشيخ المجاهد أحمد ياسين،ونال أمله الذي لطالما حلم به، وهو رضا الله والشهادة في سبيله
التي لطالما أفنى الشيخ أيامه في سبيل الحصول على هذا الشرف العظيم.غادرتنا هامته تاركا
قضية فلسطين التي كانت قضيته الأولى والأخيرة في أمانة رجال تربوا على يديه أشداء على
الكفار رحماء بينهم.
كان الشيخ الرقم الأصعب حيث أذاق المحتل
من كأس العلقم فرسمت ملامح كرسيه المتحرك طريق المقاومة الحقة لتحرير الأرض والعرض.
في ذلك اليوم انشطرت مخيلتي أجزاء متناثرة،
وتاه الشعور بين الحزن العميق والفخر الكبير لفرحة الشهيد بلقاء الله الذي لبى دعاؤه
المستمر لنيلها، لا زلت أستحي من هذه الذكرى التي لا زالت تقض مضجعي بعد أن وضعت شهادته
الحُجّة علينا أمام الله، فكيف لنا ان نحاجج أو نرفع روؤسنا أمام قصة رجل مقعد لم تمنعه
الإعاقة من رأسه حتى أخمص قدميه من النهوض بقضية أمة كاملة ونحن نعجز أن نقوم من الفراش
حتى!!!
لا زلت أستحي من النظر في عينيه التي كانت
تشع إيمانا بالنصر القريب،لا زلت أستحي من قوته المفرطة رغم جبروت السجان ،استحي من
كرسيه المتحرك الذي لم يحرك فينا الغضب، ولا يترك مجالا للشك بأن المستحيل لم يكن في
قاموس الشيخ أبدا وأن راية الحق لن تنكسر يوما.
يا شيخ الأحرار وأمير القلوب أشهد بأن لا
زالت نبرة صوتك تلك مزارا لحلم التحرير وملاذا آمنا للمظلومين، فتراتيل كلماتك أضحت
منهجا للثورة، وكرسيك مدرسة في الصبر وسيرتك هي الطريق الوحيد للنصر القادم لا محال.
في حضرتك سيدي سمحت لنفسي بأن أكتب لقصة
جهادك وانت في عليائك تنظر لحال أمتنا وحاجتها اليك ،هذه الأمة لن يبزغ لها فجر الا
من خلال قصة كرسيك الذي صنع للمجد حياة ومن خلال صدى صوتك الذي لا زال يصدح مع كل اذان
فجر بأن هذا الإحتلال الى زوال وأن الحق سيتكلل بالنصر وهذه الدار المقدسة ستعود لأهلها.
نم قرير العين يا قرة العين فما زرعته سيثمر
حصادا وستعود فلسطين كما حلمت وكما وعدنا الله برجال نذروا انفسهم لتلك القضية يقطنون
بيت المقدس وأكنافه، يا سيدي كلما تمخض جبروتهم دماء كلما أنجبت أرحام نساؤنا الياسين
والياسمين الذي سيفوح شذاه أرض الرباط فلسطين.
*كاتب لبناني