في غزّة.. سقف
التوقّعات منخفض على الرغم من اجتماع الحكومة فيها
بقلم: عدنان
أبو عامر
للمرّة الأولى
منذ تشكيلها أوائل حزيران/يونيو الماضي، اجتمعت حكومة التوافق في غزّة الخميس في 9
تشرين الأوّل/أكتوبر، في حضور رئيسها رامي الحمد الله وجميع وزرائه، وكان اللقاء
في منزل الرئيس محمود عبّاس غرب مدينة غزّة.
وقد واكب
"المونيتور" ترتيبات عقد اجتماع الحكومة في غزّة، وشاهد أنّ معظم
التحضيرات التي تمّت من النواحي الأمنيّة والإداريّة والبروتوكوليّة، قام بها
موظّفون تابعون لحكومة حماس المستقيلة، على الرغم من وصول عدد من ضبّاط أجهزة
الأمن من الضفّة.
الإعمار
والرواتب
وأكّد الناطق
بإسم الحكومة إيهاب بسيسو في تصريح صحافيّ في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر أنّ اجتماعها
في غزّة يحمل دلالات سياسيّة هامّة، ويشكّل خطوة نحو تعزيز المصالحة. وقال إنّ
زيارة غزّة أتت بعد تذليل العقبات التي اعترضتها، وأهمّها منع إسرائيل وزراء
الضفّة من الوصول إليها.
وفي حين رحّب
الناطق بإسم الكتلة البرلمانيّة لحماس في المجلس التشريعيّ مشير المصريّ، في حوار
مع "المونيتور" بعقد الحكومة للاجتماع الأوّل لها في غزّة، أكّد قائلاً:
"حماس معنيّة بنجاح الحكومة كخطوة على طريق الوحدة التي نتطلّع إليها.
والأولويّة في هذه المرحلة أن تتحمّل الحكومة مسؤوليّاتها، خصوصاً إعمار غزّة،
وحلّ ملفّ رواتب الموظّفين، لتؤكّد أنّها حكومة وفاق وليس انقسام، حكومة شعب وليس حكومة
حزب".
لكنّ المستشار
السياسيّ السابق لرئيس الحكومة إسماعيل هنيّة أحمد يوسف، طالب في تصريح صحافيّ في
7 تشرين الأوّل/أكتوبر، الفلسطينيّين في غزّة بالخروج لاستقبال الحكومة، احتراماً
للوحدة بين الضفّة وغزّة، لأنّ الزيارة تشكّل منعطفاً إيجابيّاً في طريق لمّ
الشمل، متمنّياً أن تكون مقدّمة عمليّة لإعادة الإعمار.
وعلى الرغم من
أجواء الترحيب بزيارة الحكومة غزّة، عبّر مسؤول في حماس لـ"المونيتور"،
عن "أسفه لتأخّر الزيارة بعد 4 أشهر على تشكيل الحكومة، وقلقه من توقيتها
الذي سبق عقد مؤتمر القاهرة لإعمار غزّة في 13 تشرين الأوّل/أكتوبر، لإظهار نفسها
حكومة الشعب الفلسطينيّ، وممثّلة له، حتّى تحصل على أموال الدول المانحة".
وقال: "لذلك، فإنّ الأيّام المقبلة ستحكم على نجاح الزيارة من خلال حلّها
الملفّات العالقة".
واطّلع
"المونيتور" على أجندة اجتماع الحكومة، ورأى أنّ الملفّ الأهمّ الذي
ناقشه الوزراء هو ترتيبات إعادة إعمار غزّة، وكيفيّة التنسيق بين الجهّات
الحكوميّة والأهليّة والدوليّة للإسراع في إعمار ما تهدّم قبيل حلول فصل الشتاء،
وتقديم التسهيلات المطلوبة لإنجاز البناء.
وأعلن الحمد
الله في مؤتمر صحافيّ يوم الزيارة أنّ الحكومة أنهت الخطط التفصيليّة اللازمة
لإعادة الإعمار، وأنّها تأخذ على عاتقها تجنيد دعم الدول العربيّة والإسلاميّة
والشقيقة لجمع الأموال اللازمة، متوقّعاً أن تستغرق إعادة الإعمار سنوات عدّة.
وكشف وزير
مرموق شارك في الزيارة في حوار مع "المونيتور" أنّ "الحمد الله أبلغ
قيادة حماس التي التقاها في منزل هنيّة يوم الزيارة، أنّ موظّفين تابعين للسلطة
سيتولّون العمل على معابر غزّة، لأنّ ذلك يطمئن المانحين تجاه إعادة الإعمار، ممّا
يعني تراجع موظّفي حكومة غزّة السابقة، وقدوم موظّفين تابعين لحكومة التوافق،
سيشرفون على حركة السلع والأفراد من غزّة وإليها عبر معابر إسرائيل، وهو أمر قوبل
بموافقة حماس".
لكنّ الناطق
باسم حماس صلاح البردويل نفى في 13 تشرين الأوّل/أكتوبر الأخبار التي تحدّثت عن
تسليم معبر رفح لأمن السلطة، معتبراً أنّه لا يعقل أن تأتي فتح لتسلّم مفاتيح كلّ
شيء، من دون مراعاة الأمر الواقع في غزّة، لا سيما السيطرة الأمنية لحماس.
عودة السلطة
أمّا على صعيد
رواتب موظّفي غزّة، فقد علم "المونيتور" من وزراء شاركوا في اجتماع
الحكومة أنّ عدداً منهم التقى طاقم وزارته في غزّة، مصطحبين معهم وكلاء الوزارات
المعتمدين من السلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّ.
وقد التقى
مسؤول في حكومة حماس السابقة بأحد الوزراء، وقال لـ"المونيتور":
"اجتماعنا بالوزير بعد غياب 4 أشهر خطوة إيجابيّة، لكنّها فرحة لم تكتمل،
لأنّه لم يتعامل معنا انطلاقاً من مواقعنا الإداريّة التي حصلنا عليها خلال
السنوات الماضية، ممّا أشاع أجواء قلق في صفوف زملائنا، خشية استدعاء الموظّفين
المعتمدين لدى السلطة، بحيث يتمّ تهميشنا، كشرط لاستمرار المصالحة".
وأعلن وزير
العدل سليم السقا في 10 تشرين الأوّل/أكتوبر أنّ الحكومة ستصرف 1000 دولار كدفعة
ماليّة لموظّفي غزّة المدنيّين الـ 27 ألفاً في الأسبوع الأخير من تشرين
الأوّل/أكتوبر الجاري، بعد تحويل 30 مليون دولار من قطر، في انتظار وصولها إلى
خزينة الحكومة، لتبدأ عمليّة الصرف، لكنّ هذه الدفعة لن تحلّ أزمة الموظّفين.
لكنّ مسؤولاً
رفيع المستوى في وزارة الماليّة في السلطة رفض في حديث إلى "المونيتور"
تأكيد حديث الوزير أو نفيه، باعتبار أنّ ذلك من اختصاص رئيس الحكومة والرئيس.
وقال: "نحن في انتظار الإجراءات الإداريّة للتثبّت من هذه الأنباء، لأنّنا
حصلنا على وعود سابقة بمثل هذه الدفعات، ولم تصل".
أمّا السؤال
الذي يطرح في غزّة عقب زيارة الحكومة فهو: "هل تشكّل الزيارة بداية لعودة
السلطة الفلسطينيّة إلى غزّة؟ قال مسؤول في مكتب الرئيس عبّاس
لـ"المونيتور": "لا يجب أن نستعجل في الحكم على نتائج الزيارة، على
الرغم من إيجابيّتها للوهلة الأولى، لكنّنا في انتظار تمكين الحكومة من استلام
زمام الأمور من الناحية العمليّة، وهو أمر مرهون بحماس، وهي وإن أبدت استعداداً
أوليّاً لذلك، لكنّ الميدان يملك الإجابة الحقيقيّة عن مدى جدّيتها".
وجاء التعبير
الأقلّ تفاؤلاً عن نتائج الزيارة، على لسان القياديّ في حماس ورئيس لجنة الرقابة
في المجلس التشريعيّ يحيى موسى، حين أشار في 10 تشرين الأوّل/أكتوبر أنّه منذ
تشكيلها، لم تتحمّل حكومة التوافق مسؤوليّاتها تجاه غزّة، وتتحجّج بذرائع كثيرة
تجاه مشاكل سكّانها. وقال: "لذلك لا يجب الحديث عن اجتماعها في غزّة باعتباره
حدثاً كبيراً، لأنّ ما يعنينا الآن ليس الشكل، وإنّما الحقائق والأفعال على الأرض،
فليس هناك وقت يمكن أن يضيّع في مناكفات سياسيّة".
المصدر: المونيتور