في غزة ولى زمن الحسم
بقلم: عماد توفيق
في
اليوم الأول من حرب الـ51 تسللت قوات صهيونية خاصة الى بعض البيوت المهجورة على أطراف
حي الشجاعية، تمركز الجنود في الطوابق وباشر آخرون في تصوير وقائع المعركة التي تخيلوا
انها ستكون مجرد نزهة أخرى.
تلقى
جنود العدو وابلاً كثيفاً من النار بشكل غير متوقع، واشتعلت البنايات بالنيران من كل
اتجاه، وسيطرت أجواء من الخوف على الجنود الذين كانوا يتلهفون الى العودة الى امهاتهم،
وظن حينها كل جندي ان هذه اللحظات هي الاخيرة في حياته.
في
الذكرى السنوية الاولى للحرب نشر الاحتلال العديد من الوثائق والشهادات المصورة التي
تنشر لأول مرة، احدى هذه الوثائق تروي كيف انضم جنود سلاح الهندسة في هنحال في اليوم
الأول للمعركة في بيت حانون للبحث عن الانفاق، نجح جنود هنحال في العثورعلى منزل مفخخ،
بدؤوا في محاولة تفكيك العبوات واسطوانات الغاز، وعند تتبعهم لسلك التفجير الواصل الى
شرفات احد المنازل المجاورة، اكتشفوا انهم وقعوا في الفخ، وان المنزل المفخخ بشكل مكشوف
لم يكن إلا كمينا واجهوا فيه اطلاق النار بشكل كثيف جدا، اصيب عندها عدد من الجنود
اضافة الى قائد الوحدة.
في
الطرف الأخر من قطاع غزة، وتحديدا في رفح كانت تجري معركة من نوع آخر حيث قتل الرائد
(بنيا اسرائيل) والملازم (ليئال جدعوني) وخطف الملازم اول هدار جولدن عبر نفق عميق
في كمين ناجح للمقاومة.
في
معرض استعراض بطولات جنود الاحتلال من خلال توالي روايات الحرب، يقوم الاعلام الصهيوني
من حيث لا يرغب بإنصاف المقاومة الفلسطينية ويروي فصولا من بطولات رجال القسام، وينصفها
بشكل اكبر بكثير مما انصفها الاعلام العربي، خصوصا عبر صور عملية زيكيم البحرية التي
قرصنها القسام وبين كيف واجه رجال القسام الدبابات العملاقة ولم يفروا وفجروها من نقطة
صفر وصنعوا المعجزة.
فيما
322 جندياً صهيونياً ما زالوا يعالجون في المشافي الصهيونية حيث تحولوا الى معاقين،
وفيما يطالب 372 جندياً تحول الى معاق نفسي تعويضا من الجيش، ها هو يعلون يعترف وبعد
عام على الحرب بوجود جنود أسرى لدى المقاومة وانه يبذل جهودا كبيرة للإفراج عنهم.
وفي
ذكرى مرور عام على الحرب ها هي تطيح بقائد لواء غولاني غسان عليان، وبقائد فرقة غزة
"إيتاي فيروف" اللذين قرر أيزينكوت إعفاءهما ضمن حركة تنقلات واسعة شملت
كبار الضباط ومسئولي الألوية والفرق والتشكيلات.
للمفارقة
المبهجة انه في الوقت الذي يعاني فيه جيش العدو من حالة نفسية، فإن المجتمع الصهيوني
يعاني ايضا من حالة نفسية، فيما كشفت الحرب عورة الطغمة التي قادت الحرب، فسقطت الحكومة،
والأهم من ذلك فقد الجيش والمنظومة الأمنية ثقة الشعب حيث ثبت فشله في الحصول على المعلومة،
وفشله في مواجهة مقاتلين بإمكانات بسيطة.
اهم
دروس حرب الـ51 هو تلاشي قوة الردع الصهيونية لصالح توازن الرعب الذي أرسته المقاومة،
فحماس عادت للتسلح وصناعة القذائف والصواريخ وحفر الأنفاق، ولم ولن تلوح بالراية البيضاء.
كان
من اهداف الحرب على غزة اعادة الهدوء، ولكن بعد عام من الحرب فإن الهدوء لم يعد، وستبقى
غزة شوكة في حلق "اسرائيل" حتى ولو شنت "اسرائيل" حربا أخرى كبيرة
على غزة.
عندما
تعتقد "اسرائيل" أن إعادة احتلال غزة ليس في حساباتها لأن عليها البقاء في
غزة بعد احتلالها، لا يبقى أمام "اسرائيل" سوى خيار محاولة ردع حماس كلما
تسنى لها ذلك، دون أدنى ضمانة للنجاح في وقت ولى فيه زمن الحسم مع غزة.
المصدر:
المركز الفلسطيني للإعلام