في يوم اللاجئ العالمي: لا بديل عن حق العودة
الكاتب: أنور جمعة
شغلت القضية الفلسطينية الهيئات الدولية منذ أكثر من ستة عقود، ورغم صدور مئات القرارات الخاصة بفلسطين؛ إلا أن ظلماً فادحاً لا يزال يطال الشعب الفلسطيني يتمثل في حرمانه من حقوقه الوطنية في الحرية والعودة وتقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إن قضية اللجوء الفلسطيني تختلف كثيراً عن بقية قضايا اللجوء الأخرى، سواء على مستوى المنطقة أو العالم، فهي قضية ترتبط باقتلاع شعب بأكمله من أرضه، وثم تشريده على مراحل زمنية متلاحقة، وإلى مختلف أنحاء العالم، وبشكل رئيسي إلى خمس مناطق، وهي قضية مر عليها حتى الآن أكثر من 63 عاماً ولم تتبلور لها حلول حقيقية ونهائية، كما يميز قضية اللاجئين الفلسطينيين عن غيرها أن منظمة دولية خاصة بها أنشأت لرعاية اللاجئين الفلسطينيين هي "الأنروا" وذلك في نهاية عام 1949، كما أن القضية
اكتسبت إضافة للبعد الإنساني، أبعاداً سياسية بسبب ارتباطها المباشر ولفترة طولية بالصراع العربي الإسرائيلي، وبسبب هذه الخصوصية فإن التفكير بطرح أية حلول لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الخصوصية بشكل يؤدي إلى إنهاء المعاناة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.
ويتميز حق العودة بأنه حق كفله القانون الدولي العام، فهو يرتبط بحق اللاجئين في "تقرير المصير"، وحق تقرير المصير هذا يعني " حق شعب ما في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله والسيادة التي يريد الانتماء إليها"، وقد اعترفت به الأمم المتحدة كـ "حق" وليس كمجرد مبدأ أو قرار سياسي. ثم أقرت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الأساسية هذا الحق وأوردته في نصوصها، ويعتبر حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم حق ثابت في القانون الدولي بموجب أكثر من نص قانوني، فقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر من مئة قرار ونّيف لغاية الآن، أعادت فيها التأكيد على القرار 194، وأقرت بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجروا منها، ودعمت موقفها بالربط بين الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني "غير القابلة للتصرف"، وبين حق العودة والحق في تقرير المصير.
و حق العودة حق كفله القانون الدولي لحقوق الإنسان، وذلك بالاستناد إلى معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، يعتبر حق اللاجئ في العودة إلى الديار من حقوق الإنسان الأساسية غير القابلة للتصرف، وهي حقوق غير خاضعة للمساومة، ولا يجوز التنازل عنها ولا تسقط بالتقادم، فهي تربط بين الإنسان وبين الأرض التي اضطر قسراً إلى مغادرتها، وهو يمتلك الحق في العودة إلى أرضه فور زوال السبب.
وإذا أخذنا المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبنود اتفاقية جنيف الرابعة وغيرها من اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، نلاحظ أن حق اللاجئين الفردي والجماعي بالعودة إلى ديارهم والعيش في وطنهم، هو حق طبيعي وأساسي من حقوق الإنسان، ويستمد مشروعيته من حقهم التاريخي في وطنهم، ولا يغيره أي حدث سياسي طارئ، أو أي اتفاقية ثنائية، ولا يسقطه أي تقادم.
إن قضية اللاجئين جوهر القضية الفلسطينية، والمحرك لانطلاقة ثورة الشعب الفلسطيني، ومنذ البداية كان شعار العودة وشعار التحرير متلازمين، فحق اللاجئين في العودة إلى أرضهم وممتلكاتهم، حق وطني وقومي، فضلاً عن كونه حق شخصي، وملكية فردية وجماعية لهم ولأجيالهم اللاحقة، لا يملك أحد غيرهم حق التصرف فيها أو التنازل عنها، أو المقايضة عليها، وإذا نجح اللاجئون الفلسطينيون في الماضي في إسقاط كل مشاريع التوطين، فهم اليوم أقدر على حماية أرضهم وحقوقهم، وأكثر استعداداً للدفاع عنها.
المصدر: وكالة معا الاخبارية 21/6/2011