فيلم "البرزخ" إشراقة درامية وتوثيق بصري لحلم اللاجئ الفلسطيني في العودة إلى وطنه
بقلم: فايز أبوعيد
رشا فياض ابنة مدينة حيفا لاجئة فلسطينية تعيش في سورية استطاعت أن تصل إلى أرض الوطن وتتنسم عبق رائحته عن قرب، كان ذلك عندما قرر الشباب الفلسطيني أن يخترق الحدود في 15/5/و 5/6 /2011 ليصلوا إلى تراب فلسطين، رشا كغيرها من اللاجئين الفلسطينيين الذين ولدوا خارج تراب وطنهم لا تعرف عن فلسطين إلا ما أخبرها به والدها عن ذكرياته في حيفا، لذلك عندما اخترقت الحدود لم تستطع التوقف عن الركض حتى وصلت إلى مشارف صفد وهي مليئةً بأمل العودة إلى أرض الآباء والأجداد التي طالما سمعت عنها فترسخت في قلبها وعقلها عشقاً وهياماً.
المخرج مهند كلثوم استطاع بحسه الإنساني والدرامي أن يلتقط ذاك المشهد الوجداني المؤثر ويحوله إلى فيلم بعنوان "البرزخ" يصور فيه مدى شوق وحنين اللاجئ الفلسطيني لأرضه ووطنه" البرزخ" فيلم مدته 40 دقيقة يروي حكاية فتاة فلسطينية لاجئة مقيمة في سورية كان لها شرف المشاركة في ذكرى النكسة والنكبة، وقد استطاعت أن تقطع الشريط الفاصل بين الأراضي العربية المحتلة وبين الأراضي السورية، وأن تلتقي بأهل مجدل شمس في الجولان السوري المحتل وتمكث معهم قرابة الساعتين قبل أن تتابع سيرها إلى فلسطين، وعند حدود بحيرة طبرية القي القبض عليها، وحكم عليها بالسجن لمدّة ثلاثة سنوات مع وقف التنفيذ من قبل جيش العدو الصهيوني ومن ثمّ سلمت للصليب الأحمر الذي قام بتسليمها إلى السلطات السورية.
فيلم البرزخ يركز على لغة تسجيلية مؤثرة نجحت في توثيق مشاهد عالية في ملامستها لحلم الشباب الفلسطيني وتضافر جهودهم في لحظة اقتحامهم لكل تحصينات الاحتلال متحدين غطرسة العدو الصهيوني بصدور عارية واجهت الموت بكل بسالة فمن مجدل شمس إلى صفد استطاع المخرج مقاربة مادته التسجيلية مع حكاية بطلة فيلمه التي عاشت حياتها تحلم بتحقيق رغبة والديها في العودة إلى مدينتها الفلسطينية حيفا.
رشا التي اقتحمت الحدود واعتقلت تحدثت عن تجربتها فقالت:"لم أشعر بالخوف مطلقاً، على العكس لقد كنتُ أواجه المحقق الإسرائيلي بكل جرأة فيما هو يصر على أنني ارتكبت حماقة لا أعرف مدى خطورتها، إلا أنني قلتُ له بالفم الملآن، هذه أرضنا وسيأتي يوم تخرجون منها.
فيلم البرزخ يدمج بين لقطات من مواجهات حقيقية في ذكرى 1948 وصور درامية لطفلة تقود دراجتها نحو فلسطين، مفصلاً مشاهده بلقطات متسارعة يتخللها سرد ذكريات البطلة عن رفاقها الذين واجهوا الرصاص بصدورٍ عارية
أما عن سبب تسمية الفيلم "بالبرزخ" يقول المخرج :" أن السبب يعود إلى التشابه بين حياة البرزخ والحياة القائمة خلف تلك القضبان التي لا يعرف أحد ماذا يجري هناك فكلاهما عالمان مجهولان، في حين تمكنت البطلة في الفيلم من الدخول إلى هذا العالم"، وأضاف مهند لقد اعتبرت المنطقة الفاصلة بين سورية والأراضي المحتلة والمكوّنة من الأسلاك الشائكة هي منطقة برزخ بالنسبة لنا، ففي كافة الكتب السماوية والديانات نلاحظ أن منطقة البرزخ لم يتم تحديدها بشكل دقيق وتعتبر مجهولة بالنسبة لنا وكذلك الأمر بالنسبة لي، ونلاحظ أن هنالك الكثير من التساؤلات حول تلك المنطقة لذلك حاولنا من خلال فيلم "البرزخ" أن ننقل بشكل تقريبي تصورنا لعالم البرزخ، ويمكن أن تكون تسمية البرزخ تسمية روحانية افتراضية لعالم نحن أطلقنا عليه هذا لذلك اعتبرت منطقة الأسلاك الشائكة هي بالنسبة لي ولفريق العمل الذي كان معي هي منطقة "البرزخ".
فيلم "البرزخ" من إنتاج شركة إيبلا للإنتاج الفني والتوزيع، ومن إخراج مهند كلثوم، وقد شارك الفيلم في "مهرجان شيكاغو” في الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى "مهرجان تورنتو” في كندا علماً أنه عرض في دمشق وعدد من المحافظات السورية، وقد تم تصوير الفيلم في يوم واحد فقط
أما المخرج "المهند كلثوم" فهو مخرج سوري حاصل على ماجستير في الإخراج التلفزيوني والسينمائي من أكاديمية خاركوف الحكومية في أوكرانيا، و من مؤسّسي تجمّع عشاق سورية والمنسق الإعلامي لحملة أطول هوية سورية في العالم، وعمل مع المخرج السينمائي السوري نبيل المالح في عدّة أفلام وثائقية، وأخرج العديد من الأفلام القصيرة أثناء فترة الدراسة، وقام بتأليف وإخراج العديد من الأفلام القصيرة مثل فيلم «لماذا؟» و «يلا نلعب» والفيلم الوثائقي «اليوم الأول واليوم الأخير» وفيلم «أمل – إيمان – حب» وفيلم «كفى».
كما كرّم من قبل العديد من السفارات والقنصليات العربية وحتى من الجاليات العربية والأجنبية الموجودة في أوكرانيا.
المصدر: واجب